رياح وأوتاد: آن الأوان للعودة إلى الضمان الصحي الخاص

نشر في 28-12-2025
آخر تحديث 27-12-2025 | 20:07
 أحمد يعقوب باقر

لا شك في أن من حق الدولة أن تستوفي قيمة أو جزءاً من قيمة كلفة العلاج الذي تقدمه للوافدين، ولذلك قدمتُ أثناء مجلس 1999 اقتراح قانون التأمين الصحي للوافدين في القطاع الخاص، مسترشداً بما جاء في تقرير البنك الدولي بضرورة مساهمة الوافدين في قيمة الخدمات الصحية، وأدخلت وزارة الصحة تعديلات جوهرية على اقتراح القانون، حيث رأى الوزير د. عادل الصبيح والوكيل د. عبدالرحيم الزيد - يرحمه الله - إضافة أن يكون تقديم الخدمة بطريق الضمان الصحي في وزارة الصحة أيضاً، أو بضمان في القطاع الخاص، وليس فقط بالتأمين المنصوص عليه في الاقتراح، وذلك لعدم قدرة القطاع الخاص في ذلك الوقت على تقديم الخدمة لحوالي ثلاثة ملايين وافد عبر وثائق التأمين.

وبالفعل، بعد صدور القانون 1999/1، اتّجه معظم أصحاب الأعمال والوافدين إلى الضمان الصحي الذي تقدّمه وزارة الصحة، وذلك بدفع 50 ديناراً مع الإقامة، ثم بدفع رسوم عند مراجعة المستوصف والمستشفى.

وفي جواب عن سؤال برلماني قدّمه النائب حمود الحمدان في مجلس 2013 جاء فيه أن هذا القانون يورّد 155 مليون دينار سنوياً.

والآن، وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً على تطبيق القانون، قامت الحكومة بزيادة مبلغ الضمان الصحي الحكومي إلى 100 دينار، بينما كان يجدر مراجعة الموضوع بأكمله، بعد دراسة متأنيّة للحصيلة المالية في مقابل آثارها الاقتصادية والاجتماعية، لأن هذه الزيادة لم تفرّق بين القطاعات الاقتصادية، ولم تراعِ القطاعات المنتجة، خصوصاً الصناعية، ومدى تأثيرها على القطاعات ذات الرواتب المتدنيّة، كما أن رفع مبلغ الضمان الحكومي سيزيد إقبال الوافدين على المؤسسات العلاجية الحكومية، مما سيزيد من تذمُّر المواطنين من طول الانتظار وتأخُّر الدور والمواعيد، إضافة إلى قيام العامل أو صاحب العمل بزيادة أسعار السلع والخدمات التي سيقدّمها للجمهور لكي يعوّض زيادة مبلغ الضمان الحكومي. 

ولذلك، كان الأجدر العودة إلى ما جاء في القانون نفسه، بالاستعاضة عن نظام وثيقة التأمين الصحي والضمان الصحي الحكومي، بتفعيل خدمة الضمان الصحي التي تقدمها مستشفيات القطاع الأهلي، حسب المادة 7 الواردة في القانون نفسه، ولا يخفى أن هذا الهدف نفسه كان وراء إقرار قانون إنشاء مستشفيات الضمان الصحي أيضاً، حيث إن القطاع الصحي الأهلي أصبح مؤهلاً الآن لاستقبال الأعداد الكبيرة بعد إلغاء "عافية"، كما يمكن إعداد عقود الضمان بحيث تغطي الخدمات الصحية الأساسية المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون نفسه بشكل متدرّج، حيث لا تكون مرهقة للعامل أو لصاحب العمل.

وبذلك، تتحقق عدة مصالح، منها زيادة نشاط القطاع الخاص واتّساعه، وأن يقوم بخدمة نفسه بنفسه من دون الاعتماد على الحكومة، ومنها أيضاً أن يتفرغ القطاع الحكومي لخدمة الكويتيين وموظفي الحكومة والحالات الطارئة والمستعجلة.

back to top