ما هي المصلحة العليا؟

ماذا تكون المصلحة العليا للبلاد التي تبرر سحب الجنسية حسب الفقرة الرابعة من المادة 13 من قانون الجنسية الكويتي؟ الزميل محمد البغلي يتساءل في مقال عدد الجمعة عن مفهوم سحب الجنسية عن عدد من الفئات، منها "... شخص أدار حسابات وهمية وروّج شائعات وبثّ أخباراً مضللة". فكيف نحدد ما يُعتبر إضراراً بالمصلحة العليا للبلاد إذا كان "نشر أخبار وهمية أو ترويج شائعات وبث أخبار مضللة" يُعدّ مبرراً لسحب الجنسية؟ المفارقة هنا لماذا لا تعتبر السرقات الكبيرة من الأموال العامة والتي صدرت بها أحكام إدانة من قبيل الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد؟!

تساؤلات محمد البغلي مشروعة وعقلانية، فكيف نحدد تخوم "المصلحة العليا للبلاد" وما يعتبر في حالة محددة إضراراً بها وما لا يعد؟ ضرب الأمثلة لا يكفي، فالعبارات المطاطة التي يمكن تفسيرها وإعادة تفسيرها حسب رغبة صاحب المصلحة مضرة بالمجتمع وليس بقانون الجنسية فقط، بل بأي قانون جزاء كقوانين أمن الدولة.

 دائماً، يفترض عند مراجعة أي قانون، كقانون الجزاء على سبيل المثال، أن يقوم المشرّع بعملية تحديد دقيقة لتعريف الجريمة التي يعاقب عليها، التعريف يعني أن يدخل في عبارة التعريف ما يُعد فعلاً مؤثماً ويخرج ما لا يعد ضمن تعريف الجريمة المعاقب عليها... هي مسألة استعمال أدوات المنطق، والقانون يفترض أن يكون منطقياً يتقبله العقل السليم حتى تستقر أحوال المجتمع، وأهمها تكريس مشاعر الأفراد المخاطبين بالقاعدة القانونية بالأمان والطمأنينة.

المادة 13 من قانون الجنسية مضى عليها عقود طويلة، لا نتذكر كم مرة استُعملت الفقرة "الرابعة" من تلك المادة خلال تلك العقود الممتدة من سنة 1959، مجالس نيابية وحكومات كثيرة لا يبدو أن أحداً اكترث لها، هل كانت مسألة عدم مبالاة أم ربما لم يخطر ببال أحد أن يكون سحب الجنسية يوماً ما أداة عقاب؟