رياح وأوتاد: ميناء مبارك والشفافية وحق المعرفة والمشاركة

نشر في 25-12-2025
آخر تحديث 24-12-2025 | 18:47
 أحمد يعقوب باقر

لا شك في أن التعاون مع الصين هو موضع ترحيب كثير من المواطنين، فقد أصبحت الصين القوة الاقتصادية الثانية في العالم، وتتقدم بسرعة نحو المركز الأول، وحملت مشاهد مشروعاتها الضخمة داخل الصين مثل الجسور وناطحات السحاب ما يشبه الإعجاز العلمي والتقني، حيث تم إنجازها بسرعة لا تكاد تُصدّق، كما تنافس السيارات الصينية نظيراتها اليابانية والأوروبية والأميركية، وأخذت مكانها في كثير من أسواق العالم.

ويوم الاثنين الماضي وقّعت الحكومة الكويتية مع الصين عقد مشروع ميناء مبارك، وقرأنا في الصحف التصريحات الحكومية المتفائلة بهذا العقد والمبشّرة به، فقالوا إنه مشروع استراتيجي ويدعم رؤية 2035، وهو في المسار التنموي، وإنه يعزز موقع الكويت الاستراتيجي، وسيسهم في توسيع القاعدة الاقتصادية وتعزيز مصادر الدخل، وسيوفر فرص عمل نوعية، وغيرها من التصريحات التي تبعث على الفرح والسعادة.

ولكن هذه التصريحات المتفائلة يعتبرها كثير من المراقبين والاقتصاديين غير كافية، وأنها وإن صدرت بنيّة صادقة، إلّا أنها تخلو من التفصيلات الاقتصادية الأساسية لمثل هذه المشروعات الكبيرة التي تزيد كلفتها على مليار دينار، حيث إن هناك أسئلة فنية مطروحة يجب أن تتصدى لها الحكومة بالتوضيح والإجابة مثل:

كم تبلغ الكلفة المالية لكل مرحلة من المشروع؟

وما الأعمال التي سيتم إنجازها في المرحلة الحالية؟ وما المراحل التي ستتبقى في الميناء بعد انتهاء العقد؟ ومتى موعد انتهاء المشروع؟ وكم عدد العمالة الكويتية المتوقع أن يوظفها؟ وكم تبلغ الإيرادات المالية المتوقعة منه؟

وهل سيتم تدريب العمالة الكويتية أثناء العمل في المشروع؟ وهل سيتم إعدادهم لتشغيل الميناء بعد انتهائه؟

ولمَ لا يتم نشر دراسة الجدوى الاقتصادية التي ستحقق ما ذكره الوزراء بشأن زيادة الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية؟

وكيف سيسهم المشروع في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وفق رؤية 2035؟

وهل تمت دراسة علاقة الميناء بطريق الحرير، حيث يتم التنسيق مع دول الجوار لضمان انسيابية النقل والتصدير إلى العالم؟

هذه أسئلة متداولة الآن، وأرى أن يعقد الوزراء المعنيون مؤتمراً صحافياً يجيبون فيه عنها بصراحة ودقّة، لأن المواطنين من أصحاب الخبرة والدراسة لهم حق المعرفة والمشاركة في إبداء الرأي بالمشروعات العامة، كما أن الحكومة الناجحة يجب أن تحيط عملها بالقدر الكافي من الشفافية الذي يحقق مصلحة الكويت، كما يحقق لها الدعم الشعبي المناسب، وتستفيد، في الوقت نفسه، مما يطرحه المتخصصون في الأمور اللوجستية والمالية والفنية، فتتدارك أي خطأ أو نقص في الوقت المناسب، لأنّ أي حكومة في العالم غير معصومة، ولا يمكن أن تستغني عن الملاحظات والتصحيح الذي يساهم به المتخصصون.

back to top