قرارات «التخفيف» والاستئذانات الطبية تهدد التعليم
• 30 ألف موظف في «التربية» حصلوا على قرار تخفيف العمل بنسبة تتجاوز 22%
• أخذوا إجازات طويلة سنوياً ومزاياهم المالية والوظيفية مستمرة
• 2200 حالة في منطقة تعليمية واحدة... ومدارس تعاني نقص معلمين بمواد كثيرة
• مطالب بتقنينها وتحقيق التوازن بين معلمين يؤدون مهامهم وآخرين لا يؤدونها
رغم ما تعانيه وزارة التربية من فائض في المعلمين والمعلمات ببعض التخصصات، فإنها تواجه مشكلة تتمثل في «الاستئذانات الطبية» والارتفاع الكبير بأعداد الحاصلين على تخفيف ساعات العمل، سواء عبر المجالس الطبية، أو الإجازات المرضية الطويلة، أو إجازات الوضع والرضاعة، والتفرغ الرياضي والفني والدراسي ورعاية الأسرة، وغيرها من الإجازات التي باتت تشكل عبئاً على المنظومة التعليمية، فضلاً عما تتسبب فيه تلك الظاهرة من تحميل المعلم الملتزم أعمال زميله المتغيب في بعض الأحيان، أو توزيع جدول المتغيبين احتياطياً كيفما اتفق، مما يهدد مستقبل الطلبة والعملية التعليمية في ظل استمرار تلك الظاهرة.
أما «الاستئذانات الطبية» هذه الموضة الجديدة في تبرير الغيابات، فتحولت إلى أزمة مستحدثة، في ظل غياب الضوابط المنظمة، إذ يكتفي الموظف بتقديم ما يفيد بحجز موعد طبي، وإن كان ذلك بشكل شبه يومي.
وفي الغالب لا تملك «التربية»، كحال بقية الوزارات، سوى الموافقة على هذه الإجازات وتلك الاستئذانات، كونها تأتي وفق الإجراءات القانونية المعمول بها من ديوان الخدمة المدنية، مما يجعل الوزارة «مكتوفة الأيدي»، رغم ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على استقرار العملية التربوية، فالحاصلون على هذه الإجازات يحتسبون ضمن المشغول الفعلي للمدارس، بينما هم في الحقيقة لا يداومون، ويتحمل زملاؤهم «الملتزمون» أعباء جداولهم الدراسية، وأحياناً لعام دراسي كامل في بعض الحالات، أو تحول تلك الجداول إلى حصص احتياطية، وهو ما ينعكس سلباً في نهاية المطاف على الطالب.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر تربوية، لـ «الجريدة»، أن عدد الحاصلين على هذه النوعية من قرارات التخفيف والإجازات نحو 30 ألف موظف بين تعليمي وإداري بنسبة تتجاوز 22 في المئة من إجمالي عدد العاملين في الوزارة، موضحة أن إحدى المناطق التعليمية سجلت 2200 حالة من هذا النوع في مدارسها، بينما سجلت منطقة أخرى 2090 حالة تخفيف.
وأشارت المصادر إلى أن بعض المدارس تعاني نقصاً في معلمي بعض المواد، نتيجة لحالات التخفيف والإجازات المرضية الطويلة، الأمر الذي يربك الجداول، ويضاعف الضغط على بقية المعلمين، لاسيما أن المشغول الفعلي للمدرسة يكون مكتملاً، مما يصعب معه توفير بديل للحاصلين على الإجازات، مضيفة أن هؤلاء لا يفقدون أي بدلات أو مزايا مالية أو وظيفية خلال فترة تمتعهم بتلك الإجازات، وهو ما يجعل البعض يسعى للحصول عليها مادامت غير مؤثرة على امتيازاته.
ولفتت إلى أن استمرار الوضع بهذه الآلية يرهق ميزانية «التربية»، ويحدث خللاً بالمنظومة التعليمية، وهو ما يتطلب إيجاد حلول لتقنين تلك الإجازات وتقليص المزايا المالية لمن يرغب في الحصول عليها لتحقيق نوع من التوازن بين المعلمين، الذين يؤدون حصصهم وواجباتهم الوظيفية وغيرهم ممن لا يؤدون أي مهام تدريسية.
وفي تفاصيل الخبر:
رغم ما تعانيه وزارة التربية من فائض في أعداد المعلمين والمعلمات في بعض التخصصات، فإنها تواجه مشكلة أخرى تتمثل في الارتفاع الكبير بأعداد الحاصلين على تخفيف ساعات العمل، سواء عبر المجالس الطبية، أو الإجازات المرضية الطويلة، أو إجازات الوضع والرضاعة، والتفرغ الرياضي والفني والدراسي ورعاية الأسرة، وغيرها من الإجازات، التي باتت تشكل عبئاً على المنظومة التعليمية.
ويضاف إلى ذلك ما يمكن وصفه بـ «الموضة الجديدة»، المتمثلة في «الاستئذانات الطبية»، التي تحولت إلى أزمة مستحدثة، في ظل غياب الضوابط المنظمة، إذ يكتفي بتقديم ما يفيد حجز موعد طبي، وإن كان ذلك بشكل شبه يومي.
وفي الغالب لا تملك «التربية»، كحال بقية الوزارات، سوى الموافقة على هذه الإجازات وهذا النوع من الاستئذانات، كونها تأتي وفق الإجراءات القانونية، المعمول بها من ديوان الخدمة المدنية، ما يجعل الوزارة في موضع «مكتوف الأيدي»، رغم ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على استقرار العملية التربوية، فالحاصلون على هذه الإجازات يحتسبون ضمن المشغول الفعلي للمدارس، بينما في الحقيقة لا يداومون، في حين يتحمل زملاؤهم «الملتزمون» أعباء جداولهم الدراسية، أحياناً لعام دراسي كامل في بعض الحالات، أو تحول تلك الجداول إلى حصص احتياطية، وهو ما ينعكس سلباً في نهاية المطاف على الطالب.
في هذا السياق، أكدت مصادر تربوية لـ «الجريدة» أن نسبة الحاصلين على هذه النوعية من قرارات تخفيف ساعات العمل والإجازات والمجالس الطبية الطويلة، إضافة إلى إجازات الوضع والأمومة وتخفيف الرضاعة تتجاوز الـ22 في المئة من إجمالي عدد العاملين في الوزارة، موضحة أن إحدى المناطق التعليمية سجلت 2200 حالة من هذا النوع في المدارس فقط، بينما سجلت منطقة تعليمية أخرى 2090 حالة تخفيف ساعات العمل، مشيرة إلى أن الحاصلين على هذا النوع من القرارات من تخفيف ساعات العمل أو الإجازات الطويلة يقارب الـ30 ألف موظف من موظفي «التربية» ما بين تعليمي وإداري.
وبحسب المصادر تتعدد أنواع «التخفيف»، ومنها تخفيف ساعتين للرضاعة، لمدة تصل إلى عامين، ويكتفي فيه بتقديم شهادة ميلاد الطفل، وتخفيف طبي ساعتين بقرار من المجلس الطبي، وتخفيف ساعتين لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويستلزم شهادة من الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، إضافة إلى التغيب الجزئي بالخصم من الراتب، حتى ثلاث ساعات يومياً، بقرار من الوزير وفق ضوابط محددة، ولا يجوز الجمع بين أكثر من نوع تخفيف للموظف الواحد، بمعنى من تحصل على تخفيف الرضاعة، لا يحق لها الجمع بينه وبين تخفيف طبي أو رعاية معاق أو التغيب الجزئي.
وفيما يتعلق بالاستئذانات، أفادت المصادر بأن للموظف 4 استئذانات شهرياً، بما لا يزيد على 12 ساعة، إلا أن الإشكالية الحقيقية تكمن في «الاستئذانات الطبية»، التي تفتح الباب للتلاعب، لعدم وجود عدد محدد لها، واكتفائها بتقديم ما يثبت الحصول على موعد طبي عبر برنامج «سهل».
وبشأن الإجازات، أوضحت المصادر أنها تسري وفق الأنظمة المعمول بها في وزارات الدولة، إذ تبلغ الإجازات المرضية 15 يوماً من المستوصف بأجر كامل، ومثلها بنصف أجر، ومثلها بربع أجر، إضافة إلى 15 يوماً بدون أجر، أي بواقع 60 يوماً في العام من المستوصف، إضافة إلى الإجازات المرضية التي تقررها المستشفيات الحكومية والخاصة، كما تشمل الإجازات، إجازة الأمومة، التي تحدد بقرار من المجلس الطبي، وإجازة الوضع لمدة 6 أشهر من تاريخ الوضع، بواقع شهرين براتب كامل وشهرين بنصف راتب وشهرين بدون راتب.
نقص المعلمين
وأشارت المصادر إلى أن بعض المدارس تعاني نقصاً في معلمي بعض المواد الدراسية، نتيجة حالات التخفيف والإجازات المرضية الطويلة، الأمر الذي يربك الجداول الدراسية، ويضاعف الضغط على بقية معلمي المادة، لاسيما أن المشغول الفعلي للمدرسة يكون مكتملاً، ما يصعب توفير بديل للمعلم أو المعلمة الحاصلين على هذا النوع من الإجازات، مضيفة أن الحاصلين على هذه الإجازات لا يخسرون أي بدلات أو مزايا مالية أو وظيفية خلال فترة تمتعهم بهذه الإجازات، وبالتالي يسعى البعض للحصول عليها طالما أنها لن تؤثر على امتيازاته المالية أو الوظيفية.
ولفتت إلى أن استمرار الوضع بهذه الآلية يرهق ميزانية «التربية»، ويساهم في خلل بالمنظومة التعليمية، لاسيما أن الأعباء الوظيفية للموظف المجاز تُلقى على عاتق موظف آخر خصوصاً في سلك التعليم الذي يتطلب تواجد معلم في الفصل أياً كانت الأسباب والأعذار، فالإدارة المدرسية مطالبة بتوفير معلم يؤدي الحصة ويشرح الدروس للطلبة، لضمان عدم تأثرهم سلبا بغياب معلمهم الأساسي.
وذكرت أن بعض المدارس تعاني نقصا في 5 أو 6 مواد دراسية، لكون معلميها يتمتعون بهذه الإجازات الطويلة أو تخفيف ساعات العمل، وهذا الأمر ينطبق كذلك على العاملين في السلك الإداري، سواء بالمدارس أو المناطق أو الإدارات المركزية، لافتة إلى أن هذا الأمر يستدعي إيجاد حلول لتقنين هذه الإجازات وتقليص المزايا المالية لمن يرغب في الحصول عليها لتحقيق نوع من التوازن بين المعلمين، الذين يؤدون حصصهم وواجباتهم الوظيفية والآخرين الذين يحصلون على هذه الإجازات ولا يؤدون أي مهام تدريسية.