د. جنان... استجوابك مستحق

نشر في 22-01-2023
آخر تحديث 21-01-2023 | 18:55
كما أبهرتنا د. جنان بالأمس وهي وزيرة بأدائها المتميز، أبهرتنا اليوم كذلك بأدائها الجاد والمثابر في أكثر من موقف خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر هذا المجلس، فاستحقت، عن جدارة، أن تكون أبرز الوجوه البرلمانية تميزاً.
 يوسف الشايجي

قبل أن نعرف د.جنان بوشهري كنائبة عرفناها كوزيرة متميزة في أداء عملها عند تكليفها بوزارة الأشغال إضافة لعملها الأساسي كوزيرة للإسكان، وذلك بعد استقالة وزير الأشغال حينها بعد حادثة المطر الشهيرة (نوفمبر 2018)، وغرق مدينة صباح الأحمد السكنية، وقامت الوزيرة خلال أشهر معدودة لا تتعدى العشرة بما لم يقم به وزراء سابقون أو لاحقون لها، حيث شكلت لجان تحقيق، وعلى ضوء نتائج هذه اللجان وجهت الجزاءات التأديبية إلى كبرى شركات المقاولات والمكاتب الهندسية التي قصرت في أداء عملها، ولم تلتزم بالعقود التي أبرمتها مع الوزارة، مما أدى ذلك الإهمال إلى كارثة الأمطار تلك. ولأن تلك المعاملة الجادة والحاسمة من الوزارة لم تعتد عليها تلك الشركات والمكاتب، فإنهم لم يقفوا ساكنين، بل حركوا النواب القريبين منهم «ولن أصفهم بأكثر من ذلك»، فتقدموا باستجواب ظالم للوزيرة بوشهري عقاباً لها على أسلوبها الإصلاحي في إدارتها للوزارة، وتسابق النواب في تأييد طرح الثقة بها، بعضهم إرضاء لشركات المقاولات والمكاتب الهندسية وبعضهم الآخر فزعة لربعهم النواب مقدمين ذلك على حساب مصلحة البلد والمواطنين، وعند اتضاح الصورة للنهاية المرتقبة للاستجواب تقدمت الوزيرة الفاضلة بوشهري باستقالتها الشهيرة على منصة الاستجواب وداخل قاعة عبدالله السالم، وختمتها بكلمة تعد من أهم وأقيم الكلمات التي قيلت في مثل تلك المناسبات في تلك القاعة، حين قالت: «أقف اليوم برأس مرفوع، وأنا أواجه استجواب المقاولين والشركات».

اليوم تعود د.جنان للواجهة السياسية كنائبة في البرلمان بعد اختيار الشعب الكويتي لها، حيث يعد هذا الاختيار رد اعتبار وإنصافاً لها لما تعرضت له من ظلم من نواب المقاولين والشركات، وتقديراً واعترافاً بما قامت به من أداء دور وطني متميز عند توليها الوزارة، فكان ذلك الاختيار الشعبي لها بمنزلة الصفعة لوجوه هؤلاء النواب الذين حجبوا عنها الثقة.

وكما أبهرتنا د.جنان بالأمس وهي وزيرة بأدائها المتميز، أبهرتنا اليوم كذلك بأدائها الجاد والمثابر في أكثر من موقف خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر هذا المجلس، فاستحقت وعن جدارة أن تكون أبرز الوجوه البرلمانية تميزاً، وآخر تلك المواقف المشرفة تصديها بحزم لقضية المعاشات الاستثنائية معرضة نفسها لهجوم ممن تضرر من فتح ذلك الموضوع والمطالبة بإلغائها بأثر رجعي، ولم يثنها ذلك عن مفاجأة الجميع نواباً ومواطنين عند كشفها عن القرار الصادر من مجلس الوزراء في شهر نوفمبر الماضي بزيادة معاشات الوزراء الحاليين ضعفي رواتبهم الحالية، مما ساعدها وسهّل لها التقدم باقتراح مع مجموعة من زملائها النواب بتأجيل بحث المعاشات الاستثنائية لمدة شهر فقط، أي لبداية شهر فبراير 2023 القادم مخالفاً لرغبة اللجنة المالية ممثلة برئيسها، حيث كانت تطالب بالتأجيل لنهاية دور الانعقاد الحالي، أي بعد 5 أو 6 أشهر، وحظي اقتراحها هذا بموافقة جميع النواب الحضور، ثم توجت ذلك المشهد باستجواب تقدمت به لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وهو استجواب مستحق تماماً، فكيف سمح الوزراء لأنفسهم بمنح أنفسهم هذه الزيادة، وهم من طالب ويطالب النواب برفض المقترحات الشعبوية ذات الكلفة المالية الثقيلة على ميزانبة الدولة وعلى رأس تلك المقترحات (شراء قروض المواطنين) مستثنين أنفسهم من تلك المطالبات؟

سحب قانون شراء القروض مقابل إلغاء المعاشات الاستثنائية بأثر رجعي

في الوقت الذي دخل فيه رئيس اللجنة المالية البرلمانية في طور المفاوضات والمساومات مع الحكومة، حسب ما نشر في الصحف، تعهد رئيس اللجنة بسحب تقرير قانون (شراء قروض) المواطنين، مقابل تعهدات حكومية بالالتزام بحزمة شعبية من المطالب مثل: زيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية والمساعدات الاجتماعية وإلغاء فوائد الاستبدال، وكذلك علمنا أن الحكومة رفضت هذا العرض متمسكة بموقفها بسحب قانون (شراء القروض).

لذلك كان من الأجدى والأحق أن يكون العرض: (سحب قانون شراء القروض x مقابل إلغاء قانون المعاشات الاستثنائية) وبأثر رجعي، تعني هنا إيقافها جميعاً حتى عمن استفاد منها سابقاً وما زال بدون مطالبته باسترداد مبالغها.

ففي هذا العرض مكاسب عديدة، أولها: أن يتقاسم الطرفان المجلس والحكومة الحل، ويقدما تنازلات من جانبيهما، وفي هذا شيء من العدالة النسبية، ففي الوقت الذي يخسر فيه النائب وعوده لناخبيه يخسر فيه الوزير معاشه الاستثنائي ويبقى على معاشه المستحق متساويا مع باقي المواطنين، وكذلك هناك مكاسب أخرى تصب في مصلحة الميزانية العامة للدولة وهي الأهم، فمن ناحية منع مصدر جديد لهدر المال العام وهو (شراء القروض) وبتكلفة عالية جداً دون مراعاة للظروف الاقتصادية والمالية التي يمر بها البلد، إضافة إلى أنه غير منصف من حيث الناحية القانونية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه إيقاف مصدر قائم وكبير أيضاً للهدر استمر سنوات عديدة تسببت به الحكومات المتعاقبة بما فيها الحكومة الحالية، نتيجة إهمالها المتعمد واستخدامها السيئ للمادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية الخاصة بالمعاشات الاستثنائية بما فيها قرارها الأخير برفع معاشات الوزراء إلى تسعة آلاف دينار.

وفي هذا العرض تكون الحكومة والمجلس أمام مسؤولياتهما الوطنية بالالتزام للوفاء به لما فيه من فائدة تعود على الجميع، وتحقق المصلحة العامة، ولعله يكون مخرجاً وحلاً مثالياً للوضع المتأزم الحالي والمعلق حيث لا نعلم جميعاً أي نهاية محددة له.

في الوقت نفسه في حال تخلف المجلس أو الحكومة عن الالتزام بالقيام بالشق المطلوب منه من هذا العرض أو التراجع عنه سينكشف للجميع أنه هو الطرف المتسبب في تأزيم العلاقة بين السلطتين.

back to top