لائحة التأمين الصحي للأجانب... غموض يعيد إلى الأذهان «عافية»

نشر في 24-12-2025
آخر تحديث 23-12-2025 | 22:48
وزارة الصحة
وزارة الصحة

دخل القرار الوزاري برفع رسوم التأمين الصحي للأجانب حيز التنفيذ أمس وسط العديد من التساؤلات الطبية والمالية والقانونية حول آليات التطبيق والتنفيذ، لا سيما فيما يتعلق بالإيرادات المحصلة لمصلحة وزارة الصحة، والتي تقدر سنوياً بـ 200 مليون دينار، بحسب تصريح وزير الصحة د. أحمد العوضي، والعلاقة التشغيلية المرتقبة بين الوزارة وشركة مستشفيات الضمان الصحي.

وبحسب لائحة قانون رقم 1 لسنة 1999 بشأن التأمين الصحي على الأجانب وفرض رسوم مقابل الخدمات الصحية، فإن التأمين الصحي للوافدين والزائرين يغطي خدمات الفحص الطبي والعلاج اللازم في العيادات لدى الأطباء، مع الفحوصات المخبرية والأشعة، والعمليات الجراحية عدا التجميلية، إلى جانب نفقات العلاج والدواء والإقامة في المستشفيات في الحالات العادية والطارئة، والعلاج العادي للأسنان، وأخيراً الأدوية، وهذه الخدمات ملزمة بتقديمها دور العلاج الحكومية والأهلية على حد سواء.

غير أن اللائحة لم توضح إن كان الضمان الصحي الذي يقدمه القطاع الأهلي يسري على الخدمات الصحية التي تقدمها مراكز العلاج الحكومية، وفيما إذا كان الضمان الحكومي يغطي العلاجات في المستشفيات الخاصة، فهل التأمين الصحي الأهلي يمكِّن الوافد من الحصول على علاج حكومي؟! وهل العكس صحيح؟ وفي حال تعذر توافر العلاج في المستشفيات الخاصة فهل ستستقبل المستشفيات الحكومية الحالات بدون تأمين حكومي؟

وعلى الصعيد ذاته، لم تتضح بعدُ طبيعة العلاقة المالية بين «الصحة» وشركة مستشفيات الضمان، لا سيما أن الأموال التي ستحصِّلها الوزارة من التأمين الحكومي بمثابة أموال عامة، ولا يمكن التصرف فيها إلا بقانون، فإن كانت الوزارة ستحصّل التأمين الصحي وتحيل المقيمين والزائرين إلى مستشفيات الضمان فإن ذلك يعني أن الوزارة ستقوم مقام شركات التأمين، وتكون ملزمة بدفع قيمة العلاجات إلى شركة مستشفيات الضمان، وهذا الجانب المالي لا يمكن تغطيته باتفاقيات مادام مرتبطاً بأموال عامة.

الجدير بالذكر أن «الصحة» ألغت قانون «عافية» للمتقاعدين معللة قرارها في المذكرة الإيضاحية بـ «قصور في المنافسة بين شركات التأمين المؤهلة لتقديم الخدمة وضعف جودة الخدمات المقدمة مقارنة بما يدفع من المال العام، إضافة إلى تحكم عدد محدود من الشركات في سوق التأمين الصحي»، وبناءً على ما ورد في المذكرة، فإن الوزارة – بسبب غموض اللائحة التنفيذية - تعيد تكرار «عافية المتقاعدين» لـ «عافية المقيمين»، فهي الجهة المحتكرة للتأمين الصحي الحكومي، و«مستشفيات الضمان» هي الشركة المحتكرة لتقديم خدمات العلاج الحكومي.

من جانب آخر، تحظر المادة الرابعة من اللائحة على شركات التأمين تقديم خدمة التأمين الصحي إلا بعد اعتماد الوزارة لها، وبينما دخل قرار الرسوم الصحية على الأجانب حيز التنفيذ أمس فإن الوزارة لم تعلن قائمة الشركات المرخص لها تقديم تلك الخدمة بالمخالفة للمادة الثامنة من اللائحة.

كما تضمنت اللائحة شرطاً يجبر المقيم على دفع قيمة الضمان كاملة في حال رغب بتغيير نوع الإقامة أو الكفيل، أي أن المقيم سيدفع تأميناً صحياً جديداً رغم سريان الأول، علماً بأن الضمان مرتبط بالأفراد لا بجهة عملهم أو وظيفتهم، مما يحول الشرط إلى عقوبة للمقيم وتقييد لحرية انتقاله.

مسألة العلاج الصحي للأجانب تتطلب توضيحات أكثر من مجرد صدور قرار وزاري مطبوع، فهي مرتبطة بأكثر من 50 في المئة من سكان دولة الكويت (بعد استثناء العمالة المنزلية)، وعلاوة على ذلك تمثل أهمية للسياح القادمين إلى الدولة، مما يستوجب أن تتعامل وزارة الصحة مع القرار بطريقة أكثر احترافية بما يخدم قانون إقامة الأجانب الجديد.

back to top