والآن علينا تغليظ قانون «غسل الأموال» أسوة بـ «المخدرات»

نشر في 21-12-2025
آخر تحديث 20-12-2025 | 20:26
 بدر خالد البحر

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن جرائم المخدرات تسببت في حقبة عدم الاستقرار في العالم، ووصل استخدامها إلى مستويات قياسية بلغت مليارات الدولارات ينفقها أكثر من ثلاثمئة مليون متعاطٍ ومدمن يعادلون 6 في المئة من سكان العالم. هذه الجريمة المنظمة تغسل أموالها القذرة لإخفاء مصادرها في تجارة مشروعة للتمويه ولدمجها في النظام المصرفي الدولي فتساعد المتورطين فيها على الإفلات من العقاب، كما جاء في تعريف "غسل الأموال" باتفاقية فيينا قبل سبعة وثلاثين عاماً.

الحمد لله، الكويت نجحت بعهد الحزم - كما ذكرنا الأسبوع الماضي- في تغليظ العقوبات بعد دخول قانون المخدرات 159/2025 حيز التنفيذ بجزاءات تصل إلى الإعدام للتاجر وأيضاً للمتعاطي والمدمن إذا قاما بالترويج ليتم اجتثاث جذور هذه الآفة من المجتمع. ولعل الصادم كميات المخدرات التي ضُبطت خلال فترة وجيزة بقيمة 275 مليون دينار، أي قرابة المليار دولار، مما ينذر بوجود كميات أخرى ستغسل بالتأكيد، ولذلك علينا إعلان حرب شبيهة بـ "الثورة التشريعية" التي شنتها الدولة على المخدرات فعمليات غسل الأموال تشكل خطورة مماثلة على المجتمع والاقتصاد.

ولكن، إذا ما رجعنا للحقبة السابقة في محاربة غسل الأموال فسنجدها غير مجدية رغم وجود البنك المركزي ووحدة التحريات المالية اللذين كان يُفتَرض فاعليتهما مع وجود قانون 106/2013 ولائحته التنفيذية 37/2013، ولكنهما فشلا وواجهناهما في أغسطس 2020 بمقال "إقالة محافظ البنك المركزي" بعد بيان "المركزي" في مايو 2020 بشأن أكبر فضيحة غسل لأموال الصندوق الماليزي، إضافة إلى اشتباه واضح بأموال بعض المشاهير، وقوله «إن الجهة المنوطة بتلقي البلاغات -حسب قانون 35/2002- عن أي جرائم مالية أو غسل أموال أو تمويل إرهاب في البلاد هي وحدة التحريات المالية، لتحليلها ثم إحالتها إلى النيابة وجهات الاختصاص»! في تنصل واضح وكأنه لا دخل للبنك المركزي في مهزلة تبييض الأموال وتحويلها في حسابات داخل بنوك تخضع لرقابته! مع أن قانون 106 يلزم الجهات الرقابية، كالبنك المركزي، بمتابعة التزام البنوك بالتعليمات والإجراءات عبر «الفحص الميداني»، وتطبيق الجزاءات عند وقوع المخالفات، كما أن البنك المركزي عضو رئيسي باللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فطالبنا في مقال لاحق بعودة وحدة التحريات للبنك المركزي لمنع هذا التنصل مجدداً.

القانون 106/2013 لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعديلاته بقانون 76/2025 الذي ضم أيضاً قرارات مجلس الأمن والفصل السابع، وعلى عجالة، يعنى برقابة المؤسسات المالية والمصرفية والأدوات والأوراق المالية الأخرى، وكذلك الأعمال والمهن غير المالية، وشملت سمسرة العقارات وتداولها والمحامين والمحاسبين القائمين على أنشطة الشركات والأسهم والصناديق والجهات الاستشارية التي تقدم لها الخدمات، وكذلك تجارة الذهب والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، ثم أضاف "أي نشاط أو مهنة أخرى تنص عليها اللائحة التنفيذية" غير أن اللائحة لم تنص على أي أنشطة أخرى تدخل ضمن الأعمال المعرضة لعمليات غسل الأموال، كتلك التي تمارسها مافيات العالم حتى بمحطات غسل وبيع الملابس والسيارات والمطاعم ومحلات التجزئة، لذلك علينا أيضاً التركيز على الأعمال التجارية والأنشطة الخدمية والخدمات الشخصية، وخصوصاً المشاهير، وبعض العيادات والمحلات بمجمعات ضخمة ذات إيجارات عالية ولا تكاد تراها تبيع شيئاً، والبوثات بالممرات، وكذلك بعض الأنشطة الصغيرة والمتوسطة وجميعها عرضة لعمليات تبييض الأموال، مما يتطلب تشريعات صارمة لتغليظ قانون غسل الأموال الذي يعتبر الوجه الآخر لعملية تجارة المخدرات.

***

 إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top