بالقلم الأحمر: الحدائق العامة... وينها؟
في بدايات التخطيط العمراني بالكويت، كانت الحدائق العامة جزءاً أساسياً من رؤية الدولة، وهي مساحات خضراء تجمع بين السكن والخدمات والترفيه. فقد أُنشئت الحدائق منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي لتكون متنفساً طبيعياً لأهالي المناطق، ومكاناً يجتمع فيه الأطفال والعائلات وكبار السِّن، وتعكس اهتمام الدولة بجودة الحياة والصحة العامة. كانت الفكرة في الأساس بسيطة وصحية: مساحات خضراء قريبة من البيوت تعزز التواصل الاجتماعي، وتخفف من ضغوط الحياة اليومية.
لكن اليوم، فقدت الكثير من الحدائق العامة دورها الحقيقي، فأصبحت مهملة أو شبه خالية، وتفتقر إلى الصيانة والأنشطة، ولا تخدم أهالي المنطقة بالشكل المطلوب، بل تحوَّلت في بعض الأحيان إلى أماكن بلا هدف أو روح، وبعضها تحوَّل إلى «خرابة» في وسط المنطقة، وأصبحت مرتعاً للمخربين و«المشخبطين». هذا الواقع لا يعكس الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها هذه المساحات، ولا يتناسب مع احتياجات المجتمع اليوم.
إن إعادة إحياء الحدائق العامة وتحويلها الى مراكز حيَّة تخدم أهالي المنطقة حاجة مُلحَّة اليوم. ويمكن كذلك أن تُقام بهذه الحدائق برامج تأهيلية وترويحية ورياضية تنظمها الجمعيات التعاونية التابعة لكل منطقة، تتضمَّن أنشطة رياضية خفيفة لكبار السِّن خلال فترات النهار، ودورات لمختلف الرياضات، إضافة إلى ملاهٍ آمنة للأطفال، وورش ثقافية أو صحية للأُسر. كما يمكن إقامة فعاليات متنوعة في المناسبات الوطنية والأعياد، أو تنظيم تجمُّعات أسبوعية لرواد الحديقة من المتقاعدين وكبار السِّن، ما يعزز من التقارب والتعارف بين أهالي المناطق.
هذه الأماكن جاهزة بالفعل، وتحتاج فقط إلى إدارة ولفتة، والقليل من الاهتمام والتنظيم والمراقبة. وعند تفعيلها بالشكل الصحيح، ستُسهم في خلق مجتمعٍ واعٍ ومتقارب وصحي، ذهنياً، وجسدياً، وتتقوَّى فيه العلاقات بين العائلات وأهالي المناطق، لتعود الحدائق العامة إلى دورها الحقيقي الذي أُنشئت من أجله.
بالقلم الأحمر: الحدائق العامة متنفس جيد لأهالي المناطق يمكن استثمارها بالشكل الصحيح، وهو ما ينعكس إيجابياً عليهم... لكن وينها؟