سورية الجديدة... تضامن خليجي ودعم دولي

نشر في 21-12-2025
آخر تحديث 20-12-2025 | 19:16
 د. محمد أمين الميداني  ​تحتفل سورية الجديدة في هذه الأيام بمرور عام على انتصار الثورة السورية في أواخر العام الفائت. هذه الثورة، التي اتخذت منحى جديداً ومصيرياً في ربيع عام 2011، كانت قد سبقتها إرهاصات عديدة طوال الحُكم الأسدي، الذي جثم على أنفاس السوريين منذ خريف 1970، وتحكَّم في حياتهم وأرزاقهم، وصادر حُرياتهم، وانتهك حُرماتهم، واعتدى على كراماتهم وعزة نفوسهم طوال نصف قرن من تاريخ سورية المُعاصر.
​لكن ما يجب أن نسجله، بمناسبة الاحتفالات التي تعمُّ المُدن والقرى السورية، هو التضامن الخليجي - العربي مع الشعب السوري، والدعم الذي يلقاه، خصوصاً من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مناسبات عديدة. وجدَّدت هذه الدول في البيان الختامي للاجتماع الأخير للمجلس الأعلى، الصادر في 3 ديسمبر، دعمها لوحدة سورية واستقرارها، مع إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، وهو ما يمس سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، ويتناقض مع المبادئ الأساسية لميثاق منظمة الأمم المتحدة. وأكد البيان أن هضبة الجولان «أرض سورية عربية»، ورحَّب كذلك بقرار مجلس الأمن رقم 2782 الصادر في 30/ 6/ 2025، المتعلق بالالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
وتقودنا هذه الإدانة الصريحة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واحتلال أجزاء منها للتذكير بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 نوفمبر الأخير، والذي اعتبر أن قرار إسرائيل الصادر في 14/ 12/ 1981، «بفرض قوانينها وسُلطتها وإدارتها على الجولان السوري المُحتل يُعد لاغياً»، وهو ما سبق أن أكده مجلس الأمن في القرار 497 عام 1981.
يُعد هذا الموقف الصريح لهيئتين رئيسيتين لمنظمة الأمم المتحدة: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، دعماً دولياً قوياً لحقوق سورية المشروعة على كامل أراضيها، مبيناً أن احتلال هضبة الجولان عام 1967 وضمها لإسرائيل عام 1981 يُخالف قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية. 
ولا بد من الإشادة، ونحن نتحدَّث عن مجلس الأمن، بالزيارة التي قام بها أخيراً عدد من أعضاء هذا المجلس للجمهورية العربية السورية في 4 ديسمبر، وما شهدته من لقاءات مع الرئيس السوري ووزير الخارجية وعدد من المسؤولين وممثلي المجتمع المدني، وأسر المفقودين، كما زار الوفد بعض المعالم التاريخية والأثرية في دمشق، ووقف على الخراب والدمار الذي كان من نصيب معظم المدن والمناطق السورية على مدار 14 عاماً.
ينتظر الشعب السوري، بعد مُضي عام على انتصار الثورة السورية، وبمختلف أطيافه ومكوناته المجتمعية، وهو يرى تضامن البلدان الخليجية، ووقوفها معه في هذه المرحلة الجديدة من تاريخه، ويتابع دعم المنظمات الدولية والإقليمية لسيادته على أراضيه، وبعد رفع مختلف العقوبات التي كانت مفروضة عليه، ينتظر التغيُّرات التي يأمل أن تنعكس إيجابياً على حياته اليومية واحتياجاته الأساسية، وأن تبدأ بالفعل عملية إعادة العمران، وانتعاش الاقتصاد، وبناء المؤسسات الدستورية والقانونية، وتفعيل الآليات المتعلقة بتطبيق العدالة الانتقالية بمختلف جوانبها، مثل: الكشف عن المفقودين، ومُحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي تم ارتكابها خلال السنوات الماضية، وجبر الضرر، وتعويض ضحايا هذه الانتهاكات، في سبيل تعزيز السِّلم الأهلي، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.

 
back to top