اتحاد الخليج... حلم رومانسي أم مشروع مستحيل؟

نشر في 19-12-2025
آخر تحديث 18-12-2025 | 19:18
 عبدالرحمن الخمسان

منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، ظل حلم الاتحاد حاضرا عدة عقود، فكرة الاتحاد تجمع شعوب الخليج تحت إطار سياسي واقتصادي وأمني واحد.

فعوامل اللغة والتاريخ والدين والعادات والقرب الجغرافي والروابط العائلية الممتدة بين دول الخليج تجعلنا أكثر اندماجا من شعوب أوروبا، التي أسست بدورها الاتحاد الأوروبي.

رغم أن الظروف الإقليمية الآن تجعل هذا المشروع أشدّ إلحاحاً أكثر من أي وقت مضى، حيث إن الشرق الأوسط يعيش مرحلة تحديات وتغييرات مفصلية، وينافس على الطاقة والنفوذ. الاتحاد الخليجي سيخلق أكبر سوق موحد في الشرق الأوسط، وسيكون بيئة استثمارية ضخمة، وسيزيد القدرة على تنفيذ مشاريع عملاقة عابرة للحدود.

وفي ظل التحديات الساخنة، لا بُدّ من رفع مستوى الحماية الإقليمية، إذ لا يمكن أن نتجاهل الدور الأمني للاتحاد، توحيد التدريب - قيادة مشتركة - غرفة عمليات موحدة - تصنيع عسكري مشترك - خلق منظومة استخباراتية مشتركة وتنسيق دفاعي أعلى - فكل ذلك ضرورة لا رفاهية لردع التهديدات الخارجية. 

إذ علينا ألّا ننسى سبتمبر الماضي، حين ضُربت قطر الشقيقة من الكيان الصهيوني، وكان للضربة رسالة واضحة لدول المنطقة، وهي إثبات قدرتهم على الوصول العسكري والاستخباراتي لمسافات بعيدة، وقادرون على استهداف أي دولة من دول المنطقة. إلّا أن جرأتهم هذه لم تكن لتأخذ الشكل نفسه لو كان الاتحاد الخليجي موجودا سلفاً، وكانت الضربة ستتحول الى اعتداء على منظومة كاملة، مما يجعل التكلفة أعلى بكثير، سياسيا وعسكريا. 

لقد كشفت الحادثة حقيقة صادمة لطالما تجاهلتها دول الخليج: بالنسبة للولايات المتحدة، أمن الخليج ليس أولوية مطلقة، والاعتماد الكامل على واشنطن كضامن وحيد للأمن لم يعُد خياراً آمناً، فردّة الفعل الباهتة تعكس بوضوح أن تعامل واشنطن مع الأزمات الإقليمية في المنطقة وفق مصالحها لا وفق التزامات ثابتة. قيام الاتحاد الخليجي سيُحدث تحوّلاً استراتيجياً في ميزان العلاقات الدولية، إذ إن الاتحاد سيجعله قادرا على أداء دور الضامن الذاتي لأمنه، من دون الحاجة الى تدخُّل خارجي، وسيمنحه قدرة تفاوضية أعلى مع القوى الكبرى وأقل عرضة للضغوط السياسية.

الاتحاد الخليجي ليس حلما رومانسيا ولا مشروعا مستحيلا، هو مصير مشترك يحتاج الى الإرادة والثقة المتبادلة. 

منطقة الخليج أصبحت لاعبا رئيسيا في الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية، والاتحاد سيعطيها قوة مضاعفة وتأثيرا أكبر. 

لكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه عند كل تهديد خطر: إذا لم نتحد اليوم، فمتى؟

back to top