استزراع سمك الزبيدي في الصين

نشر في 19-12-2025
آخر تحديث 18-12-2025 | 18:09
 د. سليمان المطر في أواخر أكتوبر الماضي، حضرتُ- بدعوةٍ خاصة من جامعة Ningbo في جنوب شرق الصين- مؤتمراً يُناقش مدى نجاح استزراع سمكة الزبيدي في العالم. وسبب دعوتي، أنني أول مَنْ قام بتجربة استزراع الزبيدي في العالم عام 1998 بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، وحينها لم تكن هناك معلومات في أي مكانٍ بالعالم حول طريقة تربية الزبيدي، وكانت جهودنا في البداية تنصبُّ على اصطياد الزبيدي من البحر، ونقله حياً إلى أحواض التربية، والعناية به حتى يكبر ويبيض في الأحواض. لكن تبيَّن لنا أن سمكة الزبيدي بطبيعتها حساسة جداً، ومن الصعب نقلها حيَّة إلى أحواض التربية. ولحل هذه المشكلة بدأنا التفكير بطريقةٍ جديدة ومبتكرة، وهي الحصول على البيض المُلقَّح من البحر، ونقله إلى المختبر حتى يفقس إلى أسماكٍ صغيرة، ومن ثم تربية هذه الأسماك الصغيرة، وأقلمتها على العيش في الأحواض. وكان التحدي وقتها هو البحث عن المناطق التي يبيض فيها الزبيدي، وكيفية الحصول على البيض المُلقَّح، وطريقة نقله إلى المختبر. وبعد جهدٍ كبير في البحث عن مناطق وضع بيض الزبيدي في البحر، وإجراء تجارب نقل البيض المُلقَّح إلى الأحواض، والتي استغرقت نحو سنة كاملة، تكلَّلت جهودنا بالنجاح، وأصبح حلم رؤية أسماك الزبيدي الصغيرة في أحواض التربية حقيقة. 
كانت بداية التجارب تتركَّز على معرفة متطلبات الزبيدي الغذائية، وتم تحليل كل نوعٍ من أنواع البروتين والدهون، وتحديد نسبة هذه الأنواع في غذائها، وبناءً على هذه النتائج تم تحضير الخلطات المُناسبة كعلفٍ للزبيدي، مما أدى إلى زيادة في معدَّل نموه بالأحواض. 
وقد قطعنا بمعهد الكويت للأبحاث العلمية شوطاً كبيراً في التقدُّم باستزراع الزبيدي، لكن واجهتنا مشكلة عدم تكاثر الأسماك في الأحواض، فرغم أن عُمر أمهات الزبيدي التي تمَّت تربيتها من البيض تجاوز الثلاث سنوات، لكنها لم تُبادر بإنتاج البيض الجيد، وقد يكون السبب في نوعية علف أمهات الزبيدي، أو في تدوير المياه ونقاوتها، لكن مع الأسف لم يتم الاستمرار في مواصلة الأبحاث.
بدأ استزراع الزبيدي في شرق الصين منذ أواخر عام 2001، أي بعد الكويت بثلاث سنوات. وبعدما كان معهد الكويت للأبحاث العلمية الرائد في استزراع الزبيدي، توقف عن الاستمرار في التجارب، فيما استمرَّت الصين، وباستخدام أفضل الطُّرق لتربية الزبيدي، كتقنية المياه الدوارة، وتنقيتها في أحواض التربية. ومن أشهر المختبرات في استزراع الزبيدي هي جامعة Ningbo، التي يعمل بها الآن ما لا يقل عن 15 طالباً في دراساتهم لنيل شهادة الدكتوراه في الأبحاث على صُنع وتطوير أعلاف جيدة لأمهات الزبيدي. وقد تبنَّت إحدى الشركات الصينية المتخصصة بتربية الأسماك إنتاج وتسويق الزبيدي، وقامت بإنتاج كميات كبيرة منه حتى عُمر سنتين، حيث وصل حجم الواحدة إلى 300 غرام. وتأمل الشركة أن يتوافر الغذاء المناسب للصغار، حتى يزداد الحجم إلى 400 غرام. وخلال اجتماعنا مع مسؤولي الشركة تمَّت مناقشة سُبل تطوير الإنتاج مع إمكانية وجود مشاركين من الكويت للاستثمار في المشروع. وتتوقع الشركة طرح أسماك الزبيدي المُستزرع في السوق بكميات كبيرة خلال السنوات الثلاث القادمة.

*مدير دائرة الزراعة البحرية والثروة السمكية بمعهد الكويت للأبحاث العلمية سابقاً
back to top