رياح وأوتاد: ملاحظات على قانونَي المخدرات وكبس المركبات

نشر في 18-12-2025
آخر تحديث 17-12-2025 | 19:58
 أحمد يعقوب باقر

يكافح العالم المتحضر المخدرات من خلال 3 محاور، الأول مكافحة الطلب غير المشروع (illicit demand)، والثاني مكافحة الإنتاج غير المشروع (illicit production)، والثالث مكافحة النقل والاتجار غير المشروع (illicit trafficking).

والمحوران الأول والثاني هما الأهم في حماية أي مجتمع من هذه الآفة، حيث يدخل في محور مكافحة الطلب برامج حماية الشباب والتوعية العامة بالتربية والإعلام ومراكز التأهيل والعلاج من الإدمان والوازع الديني، ويدخل في محور مكافحة الإنتاج تضافر الجهود العالمية لتجريم الإنتاج غير المشروع وعقد الاتفاقيات الدولية لمحاصرة مثلث الزراعة والإنتاج غير الملتزم وتجريم الدول الراعية له، وإجراءات أخرى، كما تفعل أميركا الآن مع بعض دول أميركا اللاتينية.

أما "مكافحة النقل والاتجار" فيتضمن جهود وزارات الداخلية في القبض على المهرّبين واستخدام الأجهزة الحديثة، وتأهيل الخبرات الوطنية، والتعاون الثنائي بين الدول في مجال اكتشاف المتاجرين ومعاقبة المهرّبين.

وقد احتوى قانون مكافحة المخدرات الجديد على كثير من التوجهات والمواد الجيّدة، مثل إنشاء مراكز التأهيل ومراكز العلاج من الإدمان (م 3)، ومراكز الإصلاح والتأهيل التابعة لوزارة الداخلية لتنفيذ عقوبة الحبس (م 4)، وإجازة الفحص قبل العمل وأثناءه (م 66)، وسريّة التعامل مع البلاغات، سواء من المدمن أو الأقارب (م 61) وإمكانية النيابة والقضاء إقرار الإحالة إلى العلاج والتأهيل المسبق قبل المحاكمة (م 63 و64).

أما بالنسبة للعقوبات، فقد أدخلنا عقوبة الإعدام لتجار المخدرات في مجلس 1992 بعد الدراسة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، النفس بالنفس، والثيّب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة". (البخاري).

وحسمنا الرأي بإعدام تاجر المخدرات، عملاً بحد الحرابة، لأن عمل هذا التاجر يعتبر جريمة قتل وإتلاف مال وإفساد حياة مئات أو آلاف الأشخاص، مما يستحق معه هذا الحد، وعندما كنت وزيراً للعدل حملت بنفسي أحكاماً قضائية عديدة باتّة بالإعدام لتجار مخدرات إلى سمو الشيخ جابر الأحمد، يرحمه الله، وقام بالتصديق عليها.

لكنّ القانون الجديد شرع إيقاع عقوبة الإعدام للمروِّج، وهو المدمن الذي يعطي المخدر لمعارفه (م 43 فقرة 2)، والمقدّم الذي يقدم المخدر لغيره (م43 فقرة 3)، إضافة إلى إعدام التاجر، وأرى أن عقوبة الإعدام للمروّج والمقدِّم تحتاج إلى دراسة قانونية وطبية وشرعية لمزيد من الاطمئنان حول معاملتهما معاملة التاجر.

أما عقوبة كبس السيارات، فأرى أن يتم تعديل النص إلى مصادرة السيارة وبيعها في المزاد العلني لمصلحة الدولة، بدلاً من إتلافها، لأن السيارة عبارة عن مال يمكن الاستفادة منه، وهذا الاقتراح يحقق فائدتين، الأولى عقوبة ردع المخالف، والثانية تحقيق إيراد مالي للدولة، خصوصاً أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" (مسلم).

back to top