كلمات للتسلية
من المحيط إلى الخليج، هو عالمنا العربي بكل أجزائه وبكل ذرة تراب به لا تجد فيه كلمة حرة، لا توجد فيه صحافة حقيقية، لا توجد فيه آراء تعبر عن واقع هذا الإنسان المهزوم والمستلبة إرادته، لا توجد فيه غير صور منمقة لأشخاص السلطة السياسية بكل غطرستهم وتعاليهم وهم في أوضاع مختلفة، يفتتحون مشروعاً اقتصادياً أو تجارياً وكأنه مفتاح لكنوز مخبأة اكتشفها صاحب السلطة، ستنقذ الشعوب من المستقبل المجهول.
المستقبل ليس من شأن الناس، وليس من حقهم أن يفكروا فيه، المسؤولون هم مَن يقررون كيف يكون هذا المستقبل، وكيف يكون الفرق بين الصالح والطالح، فعند السلطات الحاكمة الشعوب لا تعرف مصلحتها، والأفراد أطفال لم ولن يبلغوا سن الرشد أبداً.
المسؤولون هم من يحددون تلك السن بواحد وعشرين عاماً أو مئة عام، هم وشأنهم، وليس لأحد أن يحشر أنفه في شؤون الرعية... وإلا... فإن حراس السلطة في كل مكان يراقبون... يتابعون... ينهكون أنفسهم لخدمة الشأن العام والمصلحة العليا للبلاد والعباد.
لماذا هناك مقالات وآراء تدور في فلك واحد في صحفنا العروبية؟ هل تحمل سطور جرائد هذا العالم أي فكر جاد ناقد؟ هل يوجد فيها ما ينقل آلام الناس وآمالهم؟ لا توجد أبداً! كتابات الرأي والزوايا هي استفراغ إثبات الوجود للهامشيين يرومون التأكيد لنا أنهم موجودون في ترع السلطة والمسموح، وجود زائف، زوايا «فل إن ذ سبيس» (املأ المكان بالكلمة المناسبة) هي التعبير الحقيقي للإعلام العربي. يحاول البعض أن يلبس كلماته رداء الثقافة، يتوهم أن ما لا يمكن قوله بالسياسة يمكن أن تحل مكانه الثقافة!
أي ثقافة في أوطان تئن من الجهل المركب، ثقافة الأغلبية الفقيرة هي الجري خلف لقمة العيش الصعبة، أما الطبقة المتوسطة، ابنة المرفق العام، ففكرها تم تشكيله بمربع شاشة التلفزيون بالمسلسلات العربية وعبر قنوات هشك بشك، تعيد وتجتر أحداث خيالات حسن الإمام بنهايات الوهم السعيدة.
هل لنا أن نحلم بعقل حر يكسر أغلال العبودية...؟ ممكن تخيل صاحبه منزوياً في ركن بزنزانة منسية في أوطاننا الحزينة، نسيه الناس فقد مسح من ذاكرتهم التي تعمل بالريموت كونترول بكف أصحاب السلطات العليا، كبسوا زر «أوف» حتى يوم غير معلوم.