قانون مكافحة المخدرات الجديد يدخل حيز التنفيذ

• تطور مفصلي في الحرب الشاملة ضد تجار السموم لإنقاذ ضحاياهم وحماية المجتمع
• ردع حازم لشبكات التهريب والترويج عبر عقوبات تصل إلى الإعدام... وعلاج سري وآمن لضحايا الإدمان

نشر في 14-12-2025 | 09:21
آخر تحديث 15-12-2025 | 00:41
قانون المخدرات الجديد
قانون المخدرات الجديد

يدخل قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية حيز التنفيذ اعتبارا من اليوم، ويمثل نقطة تحوّل مفصلية في مسيرة التشريع الوطني، بما يؤسسه من إطار قانوني تاريخي ونوعي في حرب الدولة الشاملة ضد تجار السموم وإنقاذ ضحاياهم.

وأشار تقرير ل «كونا»، اليوم، إلى أن القانون الجديد بمواده ال 84 يأتي ترجمة لسياسة البلاد المتوازنة، إذ يلتقي فيه الردع الحازم للشبكات الإجرامية وتجفيف منابعها، من خلال فرض أقصى العقوبات مع تعزيز الفرص الإنسانية المستنيرة عبر فتح أبواب العلاج السري والآمن لضحايا الإدمان.

وتضمن القانون دمجا لقانوني مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، لتحقيق حزمة من الفوائد التي تسهم في حماية المجتمع، تشمل توحيد المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في هذا المجال، إضافة إلى توحيد الأحكام القانونية المتعلقة بالجرائم والعقوبات والإجراءات بما يسهل تطبيقه.

التوسع بالتجريم والعقوبة

وتظهر المواد الأولى من القانون الجديد تعريفات دقيقة وواضحة للمفاهيم والمصطلحات، ومنها التوسع في التجريم والتطبيق القانوني على جميع صور التعامل غير المشروع، بما في ذلك الأساليب غير النقدية، مثل «المقايضة»، مقابل تقديم خدمة أو منفعة أيا كانت، أو القيام بعمل أو الامتناع عنه مما يعزز الحزم التشريعي.

وعززت نصوص القانون منظومة الردع عبر مسارين متوازيين، يتمثل الأول في التغليظ الشامل للعقوبات المفروضة على جميع أنواع جرائم المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والآخر في الاستهداف النوعي لأخطر الجرائم، من خلال عقوبات تصل إلى الإعدام والحبس المؤبد، إلى جانب غرامات كبيرة في جرائم الجلب والتهريب والتصنيع والزراعة، بهدف استئصال جذور هذه الأنشطة الإجرامية.

كما يوسع القانون أطر الحماية للفئات الضعيفة، حيث حدد في مادته ال 44 العقوبات التي تستوجب الإعدام في قضايا الاتجار والترويج، ومنها إذا استعان الجاني في تنفيذ جريمته بحدث أو شخص مصاب بمرض عقلي أو من تولى تربيته ورعايته.

ويراعي القانون البعدين الإنساني والحقوقي في نص المادة 61، من خلال الضمانات والضوابط التي تحكم تطبيقه، ويتمثل ذلك في عدم إقامة الدعوى الجزائية على المدمن الذي يتقدم من تلقاء نفسه إلى مركز علاج الإدمان طلبا للعلاج ولإعادة تأهيله، شريطة أن يتم ذلك قبل قيد أي شكوى أو طلب لملاحقته.

وأولى القانون الجديد أهمية قصوى لضمان سرية المعلومات والأمن الشخصي للأفراد المتعاملين معه، سواء كانوا مبلّغين أو خاضعين للعلاج، في خطوة تعزز الثقة وتشجع على طلب المساعدة من دون خوف من الوصم أو التشهير.

وفي هذا الإطار نصت المادة 56 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز 10 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أفشى أي بيانات أو معلومات خاصة في بلاغات أو علاج المدمنين أو بالمودعين في مركز التأهيل أو علاج الإدمان أو الفحوص المبينة في المادة 66 من المرسوم بقانون، وذلك من دون مبرر وبقصد الإساءة.

كما عزز القانون ثقافة الإبلاغ المسؤول لعلاج المدمن، حيث أتاحت المادة ال 62 لأحد الزوجين أو لأي من الأقارب حتى الدرجة الثالثة الإبلاغ عن المدمن بغرض علاجه، مع ضمان سرية تامة للمبلّغ على أن يودع المبلغ عنه في مركز التأهيل بمدد معينة مع إمكانية إطلاق سراحه في حال التعافي قبل استكمال المدة المقررة.

مراكز التأهيل والعلاج

وتضمن القانون في مادته الثالثة تأسيس مراكز التأهيل ومراكز علاج الإدمان، إلى جانب ما نصت عليه المادة الرابعة بشأن إنشاء وزارة الداخلية مراكز إصلاح وتأهيل لتنفيذ عقوبة الحبس في جرائم حيازة المواد والمستحضرات المخدرة أو المؤثرة عقليا بقصد التعاطي، ويخضع المحكوم عليهم فيها لبرنامج العلاج الطبي والتأهيل والتدريب، إضافة إلى برنامج الدمج الأسري والاجتماعي.

وفي موازنة نوعية بين الردع العقابي والعلاج التأهيلي منح القانون في مادتين منفصلتين (63 و64) للنيابة العامة والمحكمة حق الأمر بالإيداع في مركز التأهيل، بدلا من إقامة الدعوى الجزائية أو توقيع العقوبة على من يرتكب جريمة تناول أو حيازة أو جلب أو تهريب أو شراء أو إنتاج أو تصنيع المواد أو المستحضرات المخدرة أو المؤثرة عقليا بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي.

كما يدعم إنشاء «المجلس الأعلى لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية» بموجب القانون ربط مكافحة المخدرات باستراتيجية شاملة وبتنفيذ فعال للمعاهدات الدولية ذات الصلة، حيث عهد للمجلس رسم الاستراتيجية الوطنية الشاملة، ووضع خطط للتوعية والوقاية والعلاج.

ووضع القانون شروطا صارمة لوصف وصرف المواد المخدرة في عدد من نصوص القانون، منها المواد 20 و22 و24، بما يظهر الحزم التشريعي في ضبط التعامل الطبي والمهني لمنع التسريب وقطع الطريق على استغلال الوصفات الطبية.

وتأتي المرحلة التنفيذية بعد أسبوعين من حملات التوعية التي أعلن خلالها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ فهد اليوسف، أن القانون يعكس دخول الدولة مرحلة جديدة من الحزم التشريعي، وأنه يعزز قدرة الأجهزة الأمنية على فرض الردع وتضييق الخناق على الشبكات الإجرامية عبر منظومة قانونية ترسخ أقوى إطار عقابي شهدته البلاد. وشملت الحملات معارض توعية ولقاءات وندوات مهدت لبدء تنفيذ القانون اليوم.

 

back to top