رياح وأوتاد: شرعية حفلة في وسائل التواصل؟
اعترض كثير من المواطنين عبر وسائل التواصل على إقامة حفل للكوميدي «ماكس أميني» يوم الخميس القادم، وكتبوا يقولون إنه يستخدم عبارات غير لائقة في برنامجه الكلامي ويستهين بأخلاقنا، وسبق له التطاول على الشقيقة السعودية. ولا شك أن هؤلاء الكتّاب عبروا عن رأيهم فيما يعتبرونه إنكاراً للمنكر على عمل معلن، وخاطبوا السلطات في هذه الوسائل لتقوم بمنع إقامة الحفلة المرتقبة، فهم قد مارسوا حقاً شرعياً ودستورياً.
فممارسة الحق الشرعي عبّر عنها علماء الشريعة ومنهم الشيخ صالح آل الشيخ، وهو وزير الأوقاف السابق في الشقيقة السعودية وعضو هيئة كبار العلماء، في محاضرة قيمة ومنشورة شرح فيها كيفية إنكار المنكر الظاهر، قال فيها «إذا فُعل المنكر بحضرة الناس فإن الواجب أن يُنكر»، وقال «هناك من ظن ألا يُنكر المنكر البتة وهذا باطل». كما بيّن أن من الخطأ أن يتم التطرق أو يُذكر اسم الحاكم أثناء الإنكار ولكن الصحيح أن يتم نصحه بالطرق الشرعية.
وأيضاً فإن الحق الدستوري مضمون في المادتين 36 و37 من الدستور وقوانين المطبوعات والنشر التي أقرها وصدق عليها أمير البلاد، كما بينته محكمة التمييز في حكمها فقالت «كما يشترط لكي يكون النقد مباحاً أن يكون الناشر حسن النية باعتقاده صحة الوقائع التي يسندها بعد التثبت والتحري، وأن يتوخى المصلحة العامة وذلك باعتبار أن النشر ليس إلا أداة للبناء وليس للهدم» - طعن رقم 732/2012 جزائي. وقالت «إذا كان الهدف من النشر إثارة قضية عامة ونقد موقف جهة ما تحقيقاً للصالح العام فإن الناشر وإن اشتدّت عباراته وعنف تعليقه ملتزماً حدود النقد المباح ينتفي خطؤه الموجب للمسؤولية)- الطعن 1999/452.
ولا شك أيضاً أن هذا النشر والتعبير عن الرأي المتوافق مع الشرع والقانون يخدم المسؤولين في الحكومة ويبين لهم ما قد يخفى عليهم عن الذين يحيون الحفلات وغيرها من النشاطات وأخلاقهم، إضافة إلى موقفهم من قضايانا وأشقائنا، وبالتالي يمكن للحكومة أن تتحقق من المعلومات المنشورة وتستفيد منها وتتخذ بالتالي الإجراءات المناسبة.
وهناك أحكام شرعية ودستورية أخرى تحكم حرية النشر وإبداء الرأي وأهمها ألا يتم الطعن في ثوابت الدين أو كرامات الأشخاص أو أمورهم الشخصية أو المساس بصاحب السمو أمير البلاد بأي شكل من الأشكال أو التعرض لصلاحياته الدستورية.
وبحمد الله تنشر صحفنا المحلية يومياً مقالات وتحليلات وانتقادات اقتصادية للمتخصصين والكتاب، وتناقش الموضوعات العالمية والعربية والمحلية وقرارات الحكومة بأسلوب علمي ملتزم وباجتهادات تنشد المصلحة العامة، وكثيراً ما يتم أيضاً طرح الحلول والبدائل في مقالات لكتاب محليين تتعلق بالقوانين وبالمظاهر العامة وبأعمال جمعيات النفع العام والأمور الاجتماعية والسياسية ويتم فيها ذكر الإيجابيات والسلبيات، ومعظمها بحمد الله، ملتزم بالأحكام الشرعية والقواعد القانونية، أما من يخالف هذه القواعد فالصحيح أن يحال إلى القضاء، لأن للقضاء وحده الفصل فيما أكتب أنا وما يكتب الآخرون.