عهد جديد من العدالة

نشر في 14-12-2025
آخر تحديث 13-12-2025 | 19:11
 بدر خالد البحر

بعد غد، السادس عشر من ديسمبر، تمرّ الذكرى الثانية لقيام مجلس الوزراء عام 2023 بالمناداة بسمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميراً للبلاد، ليتولى مقاليد الحكم في العشرين من الشهر نفسه، وهو اليوم الذي التحفت فيه الكويت برداء العدالة.

فلطالما سمعنا مصطلح "عدالة" تنبري لإيقاف فساد وظلم حالي وتضمن عدم تكرارهما، إلّا أن هذا العهد أبى إلّا عدالةً تجتث الفساد من جذور بداياته وتعيد الكويت إلى سابق عهدها، إذ قال سموه في خطابه: "نسأل الله أن يعيننا حتى نسلّم الكويت لأهلها الأصليين نظيفة خالية من الشوائب التي علقت بها"، فعطّل ما يسمى مجلس الأمة، الذي وصفه سموه ب "مرض عضال أصاب جسم الممارسة الديموقراطية فأهلكها"، ثم بدأ بملف الجنسية الذي كان صادماً بفظاعة جناياته وضخامة جرائمه من تزويرٍ وخلطٍ للأنساب، فلا راعوا ديناً ولا ذمّةً ولا شرفاً، كما تجاوز مسؤولون ومتنفذون ونواب على القانون ليشتروا الذمم بالتجنيس غير القانوني والعشوائي، فتم سحبها وإسقاطها. فقد طالبنا منذ ما يقارب ست سنوات بوقف مساوئ تجنيس زوجة الكويتي الوافدة والأعمال الجليلة، لكنّ سموه لم يوقفهما فحسب، بل اجتث جذورهما ليفوق بحزمه حلمنا بالإصلاح!

ثم بدأت عجلة إصلاح الاعوجاج بالجهات الحكومية وتصحيح القوانين، كالأحوال الشخصية لحماية أبناء الأسر الكويتية بعد تفكّكها، وإلغاء الوصية الواجبة، وتغليظ العقوبات كما تم بقانون المرور، وبالقانون رقم 159 لسنة 2025 الجديد الذي نحن على موعد معه غداً لدخول حيّز التنفيذ لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، بما يشكّل إطاراً تشريعياً شاملاً يغطّي كل ما يتعلق بالمواد المخدرة من إجراءات عقابية، وأهمها الإعدام، ووقائية وعلاجية وتنظيم عمليات الاستعمال الطبي ومراقبة تداولها.

 وهنا لا بُدّ أن نشيد ونفخر بدور لجنة صياغة هذا القانون برئاسة سعادة المستشار محمد الدعيج، ونشكره على ما أسماه ب "ثورة تشريعية"، وما أطلعنا عليه من تفاصيل وما سلّط عليه الضوء من محاذير، ووضعه لقاعدة قانونية رائعة لا تستند إلى "خير الأمور أوسطها"، فليس هناك وسط، فإما أن تُعالج من المخدرات ونحن معك، وإما إلى حبل المشنقة إذا أردت إفساد البلد، ويقصد المتاجرة. 

وبهذه المقولة يتحقق ما طالبنا به لأكثر من عشرين عاماً في عشرات المقالات لتنفيذ أحكام الإعدام بالمجرمين وتجار المخدرات، منذ أول مقال عام 2004 بعنوان "حبل مشنقة كريستيان ديور"، وإلى آخر مقال في أبريل هذا العام بشأن تعريف مصطلح "مجالسة" المخدرات.

وقد قالها اليوسف: المخدرات والجنسية الأخطر على الكويت، الآفتان اللتان لولا هذا العهد الجديد لظلّتا تفتكان بالمجتمع، مخدرات قُدّرت قيمتها ب 275 مليون دينار في عام واحد، ونضيف إليها آفة مرتبطة بها، وهي غسل الأموال. 

لقد وصلنا إلى قناعة، في لقاء جمع نخبة من المجتمع، أننا كنا في سقوط حُر بهاوية لم نعلم لنهايتها قاعاً لعقود مضت، فساد مجلس أمة وحكومات سابقة ومتنفذين، وعبث بالهوية الوطنية، واستيلاء على مال عام، وضياع حقوق، وفشل تعليم، وجرائم ومخدرات وغسل أموال، وخلل تركيبة سكانية وغيرها، ثم جاء سمو الأمير ليوقف هذا السقوط، وبينما نؤكد ذلك، راح أحدنا ووضع يده وكأنها تلقف شيئاً خرّ من السماء تشبيهاً له، لم يكن تزلّفاً بل تعبيراً عن حقيقة واقعة شاهدناها جميعاً حين تم إنقاذ البلاد بمجرّد أن نادى مجلس الوزراء بسموه أميراً للبلاد، ليقرّ عهداً جديداً من العدالة.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top