الفضة تتفوق على الذهب وتحلِّق فوق 60 دولاراً
في مشهدٍ لم تشهده الأسواق من قبل، اندفعت أسعار الفضة بقوة غير مسبوقة، متجاوزة 62 دولاراً للأونصة، لتسجِّل أعلى مستوى في تاريخها، مع قفزة تفوق 115 في المئة خلال فترة قصيرة، وأداء يتجاوز حتى الذهب، الذي يعيش هو الآخر عاماً استثنائياً.
لكن مع هذا الصعود اللافت، يبرز السؤال الأهم في أسواق المعادن: هل نشهد الفضة عند مستوى 100 دولار؟
عجز مزمن يشعل الأسعار
وفق تقرير لشبكة CNBC، تعاني سوق الفضة عجزاً متراكماً منذ أكثر من خمس سنوات متتالية، في وقتٍ لم يعد الإنتاج قادراً على اللحاق بالطلب المتسارع.
هذا الخلل الهيكلي يجعل السوق شديد الحساسية، فمع أي نقصٍ طفيف في المعروض، يندفع السعر صعوداً بعنف، في ظل محدودية البدائل وسرعة امتصاص الكميات المتاحة.
الطلب الصناعي... محرِّك المرحلة
الطلب الصناعي بات المحرِّك الأكبر لأسعار الفضة، ولم يعد المعدن الأبيض مجرَّد أداة استثمارية، أو مجرَّد مخزن للقيمة.
وتدخل اليوم الفضة في قلب الصناعات الأكثر نمواً بالعالم، من بينها: الألواح الشمسية، والسيارات الكهربائية، والهواتف الذكية، والرقائق الإلكترونية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
كل صناعة جديدة، وكل توسُّع تقني، يُضيف طبقة جديدة من الطلب، ما يراكم الضغط على سوق تعاني أساساً نقص المعروض.
المستثمرون يدخلون على الخط
إلى جانب الصناعة، يتصاعد الطلب الاستثماري على الفضة باعتبارها الملاذ الأرخص. فالمستثمرون الذين لم يتمكنوا من مواكبة أسعار الذهب المرتفعة، وجدوا في الفضة فرصةً بديلة ذات عائدٍ أعلى ومخاطر محسوبة.
هذا التحوُّل زاد من وتيرة الطلب، خصوصاً من المستثمرين الأفراد والصناديق الباحثة عن تنويع المحافظ والتحوط من التضخم وتقلبات الأسواق.
سيناريو الثلاثة أرقام... هل أصبح واقعياً؟
في ظل هذه المعطيات، لم يعد الحديث عن أسعار ثلاثية الأرقام ضرباً من الخيال.
وترى بنوك استثمارية كبرى أن سيناريو وصول الفضة إلى 100 دولار للأونصة أصبح قائماً.
ويتوقع بنك BNP Paribas دخول الفضة في عقد صاعد، قد يدفع الأسعار إلى ما فوق 100 دولار قبل عام 2026، مدعومة بعجز المعروض، وتسارع الطلب الصناعي، واستمرار الإقبال الاستثماري.
وبين عجزٍ هيكلي، وطلبٍ صناعي متفجِّر، وتحوُّل استثماري واسع، تقف الفضة اليوم في موقع غير مسبوق.
السؤال لم يعد إن كانت الأسعار ستواصل الصعود، بل إلى أي مدى يمكن أن تذهب؟
فهل نشهد فعلاً الفضة عند 100 دولار للأونصة؟ الأسواق تترقب والمعدن الأبيض يكتب فصلاً جديداً في تاريخه.