فراغ تشريعي يهدد البنية الرقمية
• خبير سويسري لـ الجريدة.: نقص القوانين والمتخصصين يخلق فجوة ثقة تهدد استدامتها
• فجوات واضحة بقطاعات الصناعة والنفط والموانئ تجعلها عرضة لهجمات إلكترونية
• الكويت بموقع تنافسي لاقتصاد رقمي متطور لامتلاكها واحدة من أفضل البنى في المنطقة
• التوجه الرسمي لتأسيس كيانات وطنية للأمن السيبراني أساس ضروري لمنظومة حديثة
• مبادرة «التربية» في إدراج الأمن السيبراني بمناهج التعليم خطوة في الاتجاه الصحيح
فيما يشبه لافتة إنذار واضحة تبعث على القلق حيال مستقبل الأمن التكنولوجي في الكويت، قال الخبير السويسري في الأمن السيبراني غيوم ساولي إن الكويت رغم امتلاكها العديد من نقاط القوة في هذا المجال، فإنها لا تزال تواجه تحديات يجب التعامل معها بجدية لضمان استدامة بنيتها الرقمية، أبرزها افتقادها حتى الآن تشريعاً شاملاً لحماية البيانات شبيها بالنظام الأوروبي GDPR، فضلاً عن نقص المتخصصين في هذا المجال، معتبراً أن هذين التحديين يخلقان فجوة ثقة خطيرة، خصوصاً في عصر الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
وقال ساولي ل»الجريدة» لدى زيارته البلاد الأسبوع الماضي لاستطلاع واقعها السيبراني، إن هناك وجود فجوات واضحة في بعض القطاعات الصناعية، والنفطية، واللوجستية، والموانئ، سواء على مستوى التنظيم أو التشغيل، ما يجعلها أكثر عرضة للهجمات السيبرانية.
ورغم ذلك، أقر بأن الكويت تمتلك واحدة من أفضل البنى التحتية الرقمية في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا المستوى من الجاهزية يضعها في موقع تنافسي قوي لبناء اقتصاد رقمي متطور.
وأضاف أن لدى الكويت سباقاً إيجابياً نحو تطوير الخدمات الرقمية، خصوصاً أن تغطية الألياف البصرية تصل إلى 97 في المئة من البلاد، كما أن شبكات الجيل الخامس 5G منتشرة على نطاق واسع، وهذا عنصر نادر في المنطقة، معتبراً أن هذا الواقع يمكن البناء عليه لبلوغ بنية رقمية حصينة.
وأشاد بالتوجه الرسمي في الكويت إلى تأسيس كيانات وطنية للأمن السيبراني، وإطلاق برامج توعية، فضلاً عن إشادته بمبادرة وزارة التربية في إدراج الأمن السيبراني في مناهج تعليم الطلبة، معتبراً أن ذلك يشكل «خطوة صحيحة، وأساساً ضرورياً لبناء منظومة رقمية حديثة».
المصارف تتمتع بنضج سيبراني مرتفع
في شهادته على واقع الأمن السيبراني بالكويت، أكد الخبير ساولي أن القطاعين المصرفي والمالي يتمتعان ب «نضج سيبراني مرتفع»، معتبراً أن القطاع المالي هو الأكثر التزاماً بالمعايير العالمية، والأقرب إلى النماذج المتقدمة.
وقال ساولي إن الثقة عنصر أساسي في هذا القطاع، وبالتالي فإن جاهزيته الرقمية تشكل رافعة مهمة لبناء بيئة مالية آمنة ومحفّزة للاستثمار.
وفي تفاصيل الخبر:
أشاد الخبير السويسري في الأمن السيبراني غيوم ساولي بالمستوى المتقدم الذي حققته الكويت في مجال البنية الرقمية والاتصالات، مؤكداً أن البلاد تتمتع بقاعدة قوية يمكن البناء عليها إذا استُكملت بتشريعات عصرية وورش تدريبية مؤسسية للكوادر الوطنية.
وفي تصريح ل«الجريدة»، خلال زيارته مؤخراً للكويت للاطلاع على الواقع السيبراني، قال ساولي إن الكويت تستند اليوم إلى واحدة من أفضل البنى التحتية الرقمية في المنطقة، مضيفاً أن تغطية الألياف البصرية تصل إلى 97 في المئة من البلاد، كما أن شبكات الجيل الخامس 5G منتشرة على نطاق واسع.
وشدد على أن هذا المستوى من الجاهزية يضع الكويت في موقع تنافسي قوي لبناء اقتصاد رقمي متطور، ورأى أن وجود لاعبين كبار مثل «زين» و«STC» و«أوريدو» يشكل بيئة صحية تدفع إلى الابتكار، وتابع: «لدينا في الكويت سباق إيجابي نحو تطوير الخدمات الرقمية، وهذا عنصر نادر في المنطقة».
وأشار إلى أن القطاعين المصرفي والمالي يتمتعان ب«نضج سيبراني مرتفع»، معتبراً أن القطاع المالي هو الأكثر التزاماً بالمعايير العالمية، والأقرب إلى النماذج المتقدمة، مؤكداً أن الثقة عنصر أساسي في هذا القطاع، وبالتالي فإن جاهزيته الرقمية تشكل رافعة مهمة لبناء بيئة مالية آمنة ومحفّزة للاستثمار.
وأشاد بالتوجه الرسمي في الكويت إلى تأسيس كيانات وطنية للأمن السيبراني، وإطلاق برامج توعية، واصفاً هذه الخطوات بأنها «أساس ضروري لبناء منظومة رقمية حديثة».
85% من الهجمات السيبرانية تستهدف الإنسان لا التكنولوجيا
فجوات وتحديات
في المقابل، ورغم نقاط القوة، يؤكد ساولي أن «الكويت لا تزال تواجه مجموعة من التحديات التي يجب التعامل معها بجدية لضمان استدامة بنيتها الرقمية، فهي تفتقد حتى الآن تشريعاً شاملاً لحماية البيانات شبيها بالنظام الأوروبي GDPR، وهذا يخلق فجوة ثقة خطيرة، خصوصاً في عصر الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية».
وبعدما حذّر من أن «غياب حواجز الحماية القانونية يجعل البيانات الفردية والمؤسسية عرضة للاستغلال»، استعرض أمثلة على قرارات سياسية مفاجئة قد تمنع وصول مؤسسات إلى بياناتها المحفوظة لدى شركات أميركية أو غيرها، مؤكداً أن «هذا النموذج يمكن أن يؤدي إلى خسائر ضخمة، ويقوّض السيادة الرقمية».
ولفت إلى وجود فجوات واضحة في القطاعات الصناعية، والنفطية، واللوجستية، والموانئ، سواء على مستوى التنظيم أو التشغيل، ما يجعلها أكثر عرضة للهجمات، مبيناً أن «الكويت تعاني من نقص في المهندسين والتقنيين المتخصصين بالأمن السيبراني، سواء في الجامعات أو الحقول العملية».
وشدد على أن «التدريب العملي داخل المؤسسات، وليس التدريب النظري المنفصل، هو الطريق الأسرع لسد هذه الفجوة»، وكشف أن نحو «85% من الهجمات السيبرانية تستهدف الإنسان لا التكنولوجيا».
مسارات للتعاون
ورداً على سؤال عن إمكان دعم بلاده للكويت في هذا المجال، اقترح الخبير السويسري ثلاثة مسارات مباشرة للتعاون: نقل المعرفة والخبرات المؤسسية من خلال شركات سويسرية متقدمة في الهوية الرقمية وإدارة البيانات والأمن الشامل، إنشاء مبادرات وطنية تجمع الحكومة والقطاع الخاص والجامعات على غرار التجربة السويسرية TransValley وتقديم حلول جاهزة وليست مجرد استشارات، حيث تلتزم الشركات السويسرية بتسليم منتجات سيبرانية متكاملة تشمل التصميم والتنفيذ والتدريب، مع نقل المعرفة للكوادر الكويتية.
ورحب بمبادرة وزارة التربية الكويتية في إدراج الأمن السيبراني في مناهج التعليم، معتبراً أنها خطوة صحيحة، وأكد استعداد شركته لتوفير مواد توعوية مبسّطة ومكيّفة ثقافياً، سواء للأطفال أو المراهقين أو حتى الكبار.
وأكد أن بناء «ثقافة سيبرانية» يبدأ من المدرسة، وأن الجيل الجديد يمكن أن يؤدي دوراً في حماية أسرته ومجتمعه رقمياً، مضيفا أن الأمن السيبراني ليس عبئاً أو تهديداً ولا تكلفة خاسرة، بل رصيد استراتيجي وعنصر أساسي لبناء الثقة، وضمان استمرارية الأعمال، وتحقيق ميزة تنافسية على مستوى الدولة والمؤسسات.