رياح وأوتاد: هذي آخرتها؟

نشر في 11-12-2025
آخر تحديث 10-12-2025 | 19:35
 أحمد يعقوب باقر

هل هذه آخرتها؟ كل مشاريعنا الكبرى ستُسنَد إلى شركات أجنبية، هل صحيح أن ميناء مبارك ستديره شركة صينية، وميناء الشعيبة ستديره شركة خليجية، وتطوير الحقول النفطية الكهلة (geriatric) ستقوم به شركات نفطية عالمية، والشركات الصينية هي المطور العقاري، والمطار الجديد ستديره شركة أجنبية، حتى المستشفيات الجديدة ستديرها شركات أجنبية، بينما 3000 شركة كويتية طلبت إلغاء ترخيصها؟!

لقد كانت الموانئ الكويتية هي الرائدة في المنطقة منذ مئتي عام، والآبار النفطية الكويتية تنتج النفط إلى العالم من ثمانين عاماً، والرعاية الصحية تميّزت فيها الكويت منذ الستينيات، وتجربة الإسكان الحكومي تُمارس منذ سبعين عاماً، وأول شركة طيران أُسست في المنطقة كانت كويتية، ورغم كل ذلك التاريخ الطويل لم ننجح في تكوين الخبرات ونجاري التطور العالمي في هذه المجالات، وتأتي الآن شركات عالمية تبني وتدير مشاريعنا!

شخصياً أعتقد أن هذه الأخبار - إن صحّت - تعتبر إعلاناً عن فشل الخطط الخمسية التي نصّت على أن القطاع الخاص الكويتي يقود التنمية، وهي إعلان عن فشل الإدارة والتعليم أيضاً.

هناك مَن يقول إن كل البلاد تحتاج إلى خبرات عالمية، وهناك من يقول إن الشركات الكويتية فشلت فيما يُعرف بأزمة الشوارع، وهناك مَن يقول إن الشركات الكويتية لا تستطيع القيام بهذه المشاريع المتقدمة، وهناك من يلوم الإدارة والقوانين الكويتية، ويسأل كم مشروع BOT نفّذته الحكومة منذ إقرار القانون عام 2007؟ وماذا تم في مشاريع المنافذ الحدودية ومستشفيات الضمان الصحي، وتطوير فيلكا ومواقف الشاحنات والنفايات الصلبة والمخازن؟ لماذا لم تنفذها الحكومة منذ سنوات طويلة، وكلها سهلة ومهمة للتنمية، فهل سنحتاج إلى شركات عالمية أيضاً لتنفيذها؟

هل السبب هو نقص الرقابة الحكومية الفعالة وطول الدورة المستندية في عرقلة وفشل كثير من المشاريع المحلية؟

لا شك في أن الخبرات العالمية مطلوبة ببعض المشاريع الكبرى، ولكن ألا يمكن توفيرها عبر استعانة الحكومة أو «الخاص» بالخبرات المحلية والعالمية، أو بمساهمة الشريك الأجنبي في شركات كويتية تطرحها الحكومة في اكتتاب عام للمواطنين، ويساهم فيها المستثمر الأجنبي أو المحلي بنصيب استراتيجي، ويتم عبرها نقل التكنولوجيا والخبرات العلمية والإدارية الحديثة إلى أبناء الوطن؟

الغريب أن الحكومة تصرّح بهذه المشاريع التي ستقوم الشركات الأجنبية بإنشائها وإدارتها، وكأنها ستحقق رؤية الكويت 2035، دون أن تعلن عن أعداد الكويتيين الذين ستقوم الشركات الأجنبية بتوظيفهم، وحجم الإيرادات غير النفطية التي ستورّدها إلى الميزانية، إضافة إلى التكنولوجيا والتدريب الذي يجب أن يتلقاه أبناء الكويت في هذه الشركات، بحيث يقومون بعدها بإدارة هذه المشروعات وتطويرها بأنفسهم.

أعتقد أن هذه المشروعات يمكن تنفيذها عبر إصلاحات قانونية وإدارية جذرية، مع الاستعانة بالخبير أو الشريك الأجنبي، حيث يتم نقل الخبرات وتوظيف الشباب والتحقيق الفعلي لرؤية 2035، وهذا أفضل من الشركات التي تنفّذ وتقبض المقسوم... ثم ترحل.

back to top