تسريبات الأسد والشبل... رسالة للوطن
من لافت المصادفات أن تتزامن مع الذكرى الأولى لسقوط طاغية الشام لاجئ موسكو بشار الأسد، ظهور تسريبات له مع مستشارته لونا الشبل، وهو يسخر من بلاده وجيشه ومسؤوليه بعنهجية مراهق لا يدري شيئاً عن مكانة بلد عريق شاء له حظه أن يتولى مقاليده، ليذيق أهله سوء العذاب وينهب مع عائلته وعصاباته مقدراته، ويشرد السوريين من بلادهم في شتى بقاع العالم، لتكشف لنا تلك التسريبات حقيقة الشخصية التافهة التي حكمت سورية بعقلية الفرد ومنطق المافيا ومصاصي دماء الشعب.
لقد سقطت الأقنعة كما سقط صاحبها، وإن لم يكن أحد بحاجة إلى برهان آخر تظهر له حقيقة صاحب الصورة الشائهة، وتبين للجميع مدى الازدراء الذي كان يكنه لمن ادعى حمايتهم، ولمن قدموا أرواحهم خدمة لنظام بلطجي لم يحترمهم يوماً، بل استخدمهم عبيداً وخدماً لإحكام طغيانه وقبضته الدموية على ذلك الشعب الذي ذاق ويلاته وويلات أبيه وعائلته.
جاءت تلك التسريبات في رسالة إلى الشعب السوري الأبي بأن ثورته كانت محقة وأن تخلصهم من سجون ذلك الطاغية المستهتر كانت حتماً مقضياً وضرورة استوجبتها ما جبل عليه ذلك الشعب من كرامة وإباء ومسالمة ورغبة في بناء بلاده، كما بعثت إلى كل سوري رسالة بضرورة الوقوف والاصطفاف مع تلك القيادة الوطنية المخلصة التي مدت أيديها إلى شعبها، وقدمت عمرها وروحها من أجل استعادة هذا الوطن من براثن تلك العصابة الآثمة، لتضع الشعب السوري الحر أمام مسؤوليته التاريخية للنهوض ببلاده والحفاظ عليها في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة.
وفي هذه الذكرى الأولى من زوال الكابوس الأسدي الأسود، ما أحوج سورية الجميلة، وما أحوج أبناءها إلى التجاوب مع قيادتهم الوطنية التي تدرك جيداً حجم بلادها وقيمتها، وما يحتاج إليه هذا الوطن والمواطنون من حكم عادل يقف على مسافة واحدة من الجميع لبناء بلاد على دولة القانون وتقدير الإنسان ويتطلع إلى كل ما فيه مصلحة الوطن لا مصلحة الحاكم وحده.
ومع إداركنا الكامل لما يقع على عاتق القيادة الجديدة من مسؤوليات محلية وإقليمية ودولية، فإننا نذكرها بما نادت به هي دائماً، لا لأنها نسيت، بل لأننا في حاجة إلى التأكيد دوماً على ضرورة بناء وطن للمواطنين جميعاً بكل طوائفهم وانتماءاتهم دون إقصاء لأحد، من أجل تأسيس جيل يؤمن بالديموقراطية، ويحترم الرأي الآخر، ويطبق القانون بمسطرة واحدة على الجميع دون تمييز.
إنها صفحة جديدة في بناء صرح وطن آمن لا يلقى فيه بريء في أقبية سجون حالكة قاسية قد لا يرى بعدها شمس الحرية، لمجرد كلمة تفوه بها أو رأي أبداه... ذلك العهد الآثم قد ولى بمراراته إلى غير رجعة، والآن جاء وقت البناء والعمل والتنمية بسواعد أبناء سورية الموحدة سورية المستقبل، سورية المجموع لا سورية الفرد.