قبازرد لـ «الجريدة.»: قانون المخدرات الجديد يغلق ثغرات الماضي ويواكب جرائم الحاضر
• «يمنح صلاحيات أوسع لإنهاء إشكاليات الاستيقاف والتحايل على القوانين»
• بدايةً، ما الهدف الأساسي من إقرار قانون المخدرات الجديد؟
– يهدف القانون الجديد قبل كل شيء إلى معالجة الفجوة الكبيرة التي نشأت بسبب قدم القوانين السابقة وعجزها عن مسايرة المستجدات التي يطرحها علينا العصر الحديث، إذ إن القانون الخاص بالمخدرات صدر عام 1983، وقانون المؤثرات العقلية صدر عام 1987، أي منذ نحو أربعة عقود، ومنذ ذلك الوقت تغير العالم بشكل جذري، فقد ظهرت مواد جديدة، وطرق تهريب أكثر تعقيداً، ووسائل تواصل حديثة تُستخدم في الترويج والبيع، لذلك جاء القانون الجديد ليواكب هذا التطور ويغلق الثغرات التي تستغلها شبكات الاتجار ومهربو المخدرات ومحاموهم في الماضي لإخراجهم من تلك القضايا، وصارت عقوبة المخدرات والمؤثرات العقلية في جدول واحد.
• ما أبرز أوجه القصور التي عمل القانون الجديد على إصلاحها؟
- من أبرز ما كان يعانيه القانون القديم هو عدم إدراج أنواع حديثة من المواد المخدرة ضمن الجداول الرسمية، مثل الشبو والمواد الكيميائية المصنعة، مما جعل عقوباتها أخف بكثير من خطورتها الفعلية، حيث كانت عقوبتها سابقاً بين 5 و10 سنوات فقط، ولذا جاء القانون الجديد ليحسم هذا الأمر من خلال توحيد الجداول والعقوبات، بحيث أصبح ترويج والاتجار بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية تخضع لعقوبات موحدة وصارمة، تصل في بعض الحالات إلى الإعدام، خصوصاً في قضايا الجلب والاتجار.
مكاتب خارجية منذ 2006 تساهم في ضبط الشبكات الدولية والتعاون مستمر مع أجهزة مكافحة المخدرات في دول كثيرة
• كيف تمت صياغة هذا القانون ومتى بدأ التفكير فيه؟
- بعد ارتفاع كميات الضبط للمؤثرات العقلية، تم إعداد تقارير رسمية ورفعها إلى وزارة الداخلية، حيث قام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ فهد اليوسف، بتشكيل لجنة من عدة جهات حكومية، وانتهت إلى صياغة قانون يضم 84 مادة، عالجت جميع حالات القصور في التشريع السابق، ولم يعد ممكنا لمروج المخدرات أو المتاجر بها الإفلات من العقاب المشدد.
مع ملاحظة أنه منذ تأسيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عام 2006، انصبت جهودها على إعداد قانون أكثر صرامة وشمولاً، وها هو اليوم بعد سنوات من العمل الأمني والميداني، يخرج إلى النور رادعا قويا لكل من تسول له نفسه التفكير في ارتكاب ذلك الجرم.
• مثلما أشرتم، كانت هناك ثغرات قانونية يستغلها بعض المحامين، خصوصاً في قضايا التعاطي والاستيقاف... فهل عالج القانون الجديد بحسم؟
– نعم، وبشكل واضح، فسابقاً كان بإمكان المتهم أو محاميه الطعن في الإجراءات بحجة عدم وجود مبررات كافية للاشتباه أو الاستيقاف، وهو ما كان يؤدي أحياناً لإسقاط القضايا لأسباب شكلية، أما الآن فقد حدد القانون معايير واضحة، وأجاز لرجل الشرطة في ظروف معيّنة القبض من دون إذن النيابة في حالة التلبس أو وجود خطر واضح، أو في حال وجود أي شخص يبدو في حالة غير طبيعية، أو يشكل خطراً على نفسه أو غيره، وهذا التعديل أغلق الباب أمام الكثير من محاولات إسقاط القضايا، ومن هنا جاءت الحاجة إلى قانون جديد متكامل وشامل، يواكب العصر، ويغلق أبواب الإفلات من العقاب.
وعلى ذلك، فقد منح القانون الجديد رجال مكافحة المخدرات صلاحيات أوسع، إذ أصبح بإمكانهم اتخاذ إجراءات سريعة عند الاشتباه أو في حالات الخطر المباشر، وهو أمر مهم في التعامل مع قضايا المخدرات التي تتطلب سرعة في التحرك، لأن التأخير قد يعني ضياع الأدلة أو هروب الأطراف المشتبه بهم.
• هل شملت التعديلات جميع الثغرات القانونية السابقة؟
- نعم، القانون الجديد جاء نتيجة سلسلة من التعديلات الواسعة التي خضعت لدراسة دقيقة، بحيث سدت جميع الثغرات القانونية وأغلقت الطريق أمام من يحاول العبث بأمن الوطن والمواطن، القانون شدد العقوبات في قضايا التهريب والترويج محلياً ودولياً.
• من القضايا التي أثارت الرأي العام في الفترة الماضية قضية «دس المخدرات» لأحد الأبرياء بدوافع عديدة، منها الانتقام أو غير ذلك... فكيف تعامل القانون الجديد مع هذا النوع من الجرائم؟
– القانون شدد العقوبات على جريمة دس المخدرات لشخص دون علمه بقصد الإيقاع به أو تلفيق قضية له. هذه الجريمة تعتبر من أخطر الجرائم، لأنها لا تضر بالمتهم فقط، بل تسيء لسمعة الأجهزة الأمنية والقضائية، وقد تتراوح عقوبة هذا الفعل الآن بين خمس سنوات والإعدام، بحسب الظروف والأدلة ومدى الضرر الناتج، كما أن الأجهزة المختصة أصبحت أكثر حرصاً على التحقيق في أي ادعاء بوجود دس للمخدرات قبل تحويل القضية للنيابة.
من أبرز سلبيات القانون القديم عدم إدراج المواد المخدرة المستحدثة ضمن الجداول الرسمية مثل «الشبو» والمواد الكيميائية المصنعة مما جعل عقوباتها أخف من خطورتها الفعلية
قضايا التلفيق
• وكيف يتم التعامل مع الحالات التي يُشتبه فيها بأن المتهم وقع ضحية تلفيق أو دس؟
– إذا ظهرت أي علامات تشير إلى احتمال وجود تلفيق لأحد المتهمين، تقوم الإدارة بالتحقيق فوراً في كل التفاصيل، وإذا ثبت أن هناك من دس المخدرات، فيتم إحالته للقضاء وفق العقوبات الجديدة، لأن هدفنا ألا يُدان أي شخص بريء، وأن يُحاسب من يستغل القانون للإضرار بالآخرين.
• المخدرات أصبحت جريمة عابرة للحدود، كيف تتعاملون مع ذلك؟
– بالفعل، اليوم يمكن لشحنة مخدرات أن تعبر عدة دول قبل الوصول إلى المتسلم، لهذا تمتلك الإدارة العامة لمكافحة المخدرات مكاتب خارجية منذ تأسيسها عام 2006 في عدد من الدول العربية والأجنبية، ودور هذه المكاتب مهم للغاية في تبادل المعلومات وملاحقة الشبكات الدولية، وقد ساهمت هذه المكاتب في ضبط العديد من القضايا داخل الكويت وخارجها، عبر معلومات دقيقة وتقارير مشتركة.
كما أن هناك تعاوناً يومياً تقريباً بيننا وبين الأجهزة النظيرة في عدد من الدول، فإذا اكتشفنا أن شبكة ما تعمل من خارج الكويت، نتواصل مع مكتبنا هناك، وهو بدوره ينسق مع الجهات المحلية، وقد ضبطت بالفعل العديد من الشبكات بهذه الطريقة، سواء في الدولة المصدرة أو عند وصول الشحنة إلى الكويت.
وكذلك هناك آلية خاصة لتسليم المتهمين الكويتيين المضبوطين في الخارج بقضايا مخدرات، حيث يُسلمون للكويت وتُفرض عليهم عقوبات إدارية، مثل سحب جواز السفر مدة 5 سنوات.
عقوبة «دس المخدرات» لشخص دون علمه تتراوح بين 5 سنوات والإعدام بحسب الظروف والأدلة ومدى الضرر
• ظهرت في السنوات الأخيرة مواد جديدة مثل الكيميكال والزيوت المخدرة وغيرها... كيف غطاها القانون الجديد؟
– القانون الجديد لم يعد يفرّق بين مادة وأخرى، فكل مادة ذات تأثير مخدر أو مؤثر عقلي يعاملها القانون المعاملة ذاتها من حيث العقوبة، لم يعد هناك ما يسمى «مؤثرات خفيفة” أو “مواد أقل خطورة”، لأن الواقع أثبت أن المواد المصنعة قد تكون أخطر من المخدرات التقليدية، وبالتالي تم توحيد العقوبات لتشمل الجميع بين المؤبد والإعدام.
زراعة المخدرات
• هل يدخل زارع النباتات المخدرة في عداد المتاجرين بالمخدرات؟
- المادة 42 من القانون الجديد تساوي بين جلب وتهريب المخدرات أو المستحضرات المؤثرة عقلياً، ومن أنتجها بقصد الاتجار، ومن زرعها، حيث تتوعد كل هذه الأصناف بعقوبة تصل إلى الإعدام، أو الحبس المؤبد مقروناً بغرامة لا تقل عن مئة ألف دينار ولا تجاوز مليوني دينار.
• وماذا عن الشحنات القادمة عبر البريد أو الشحن الجوي والبحري؟
– هذه من أبرز الطرق التي تستغلها الشبكات الخارجية، ولذلك أصبح التعاون الدولي مهماً جداً، فإذا ضُبطت شحنة في دولة معينة، تُتابَع الشحنة إلى أن تصل للكويت لضبط المتسلم، وكذلك إذا اكتشفنا شحنة خارجة من الكويت إلى دولة أخرى، ننسق مع تلك الدولة لضبط المستقبل هناك، وكما ذكرنا فهناك تعاون على مستوى عال مع جميع الدول، وبفضل هذا التعاون تم كشف مصانع للمواد المخدرات والمؤثرات العقلية في بلد المنشأ نفسه. ويلاحظ أنه مع تشغيل منظومة الرادار البحرية، تراجع التهريب البحري بدرجة ملحوظة، وكذلك بسبب التعاون الفعال مع الإدارة العامة لخفر السواحل.
• لماذا هذا التشديد الكبير في عقوبات القانون الجديد؟
- السبب أن التجار بدأوا يركزون على المواد التي لا تخضع لعقوبة الإعدام، مثل الشبو والكيميكال. وهي مواد مربحة للغاية وانتشارها سريع، ولذلك كانت أعداد القضايا ضخمة، إذ سُجلت هذا العام 159 قضية جلب خلال فترة قصيرة جداً من 1/1 إلى 12/2، حيث إن الكويت قريبة من دول تقوم بإنتاج المخدرات، ومع ارتفاع مستوى المعيشة بها ومستوى دخل الفرد من الطبيعي أن تكون بلدا يتطلع إليه مروجو هذه الفئات رغبة في التكسب غير المشروع عن طريق المتاجرة الآثمة في تلك الآفة.
لم يعد ممكناً لمروجي المخدرات أو المتاجرين بها الإفلات من العقاب المشدد أو التحايل على القانون
• كيف يتم التعامل مع الشحنات القادمة عبر المنافذ البرية من دول مجاورة؟
– يتم فحصها وضبط أي مادة مشبوهة، ثم التحقيق مع السائق أو حامل الشحنة، وإذا اتضح أن وجهتها دولة أخرى، ننسق مع تلك الدولة لضبط بقية الأطراف، مع العلم بأن التعاون الخليجي في هذا المجال قوي ويزداد تنظيماً مع مرور الوقت.
• كيف يتم التعامل مع مفتش المنافذ الذي يسهل دخول مثل هذه المواد المخدرة؟
ينص القانون الجديد على عقوبة مشددة لمثل هذا الشخص، الذي يستغل وظيفته، تصل إلى الإعدام، مهما كان منصبه.
تعاطي الطلبة... حالات فردية
ذكر العميد قبازرد أن هناك حالات فردية بين طلبة مدارس الكويت، وكذلك بين الطلبة المبتعثين في دول تتساهل في التعامل مع بعض المواد المخدرة، مبيناً أن بعض المبتعثين عاد إلى الكويت وهو يعاني الإدمان، كما أن بعضهم قد يجلب معه كميات عند عودته.
وأضاف أن أكثر فئة عمرية مستهدفة هي من 17 إلى 35 عاماً، ولذا تعمد «الداخلية» إلى تنفيذ خططها للتوعية داخل المدارس والجامعات والتجمعات الشبابية والمجتمع المحلي.