كونوا شطاراً واسمعوا الكلام

نشر في 08-12-2025
آخر تحديث 07-12-2025 | 19:51
 حسن العيسى

اجلس، اقعد، لا تتحرك، ارفع عن كتفك الكوفية الفلسطينية، لا تهز رأسك فرحاً، لا تبتهج، «انثبر»، أنت في مركز جابر، هذه ليست حفلة كما تتخيلها، لا يهمنا سعر التذكرة التي اشتريتها لهذا الفنان الوافد الذي أراد أن يحتفي بدوره ويُظهر تضامنه مع أهل غزة ووضع الكوفية على كتفيه، فهو لم يحصل أساساً على موافقة الجهات المختصة لوضع الكوفية، تذكرة بخمسين أو ستين ديناراً، ادفعها واصمت.. كن صخرة جامدة.. كن شيئاً غير عضوي... كن جسداً بلا حياة..

ويلك إن حركت رأسك طرباً.. تضربك أشعة أقلام الليزر من حراس الرقابة من كل مكان.. لا تدري من أين، ترافقها كلمة اقعد.. اقعد أحسن لك.. المهم أن تصلك الرسالة... رسالة أن تكون بلا حياة.. بلا انفعال.. أنت «زومبي» في بلاد المرح والفرح.. آسف لا فرح ولا يحزنون... اضبط ذاتك وإلّا وإلّا... نعم ستكون «الديرة» بلداً سياحياً استثمارياً من الدرجة الأولى، هذا ما سنصنعه لكم، لا نريد مشاركتكم ولا آراءكم، فهي قد تثير الفتنة... قد تسيء لعلاقاتنا مع الغير... أطيعوا واسكتوا.

تدجنوا.. إذا كنتم لا تعرفون كيف يتم ذلك فسنعلّمكم.. الكل مراقب أو قابل أن يكون موضوعاً للرقابة.. الرقابة ضرورية.. فهي تقيكم شر الفتن.. والفتنة أشد من القتل.. لا مكان للاعتراض... نحن نقرر، وعليكم أن تتقبلوا وإلّا... نعم لدينا رقابة أفقية... وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بها، والآن نمارس الرقابة الرأسية ونحن نبدع فيها، فنحن في الأعلى وأنتم في الأسفل.... إنها تتشعب كأشعة شمس صيف حارقة من الأعلى للأدنى... الآن يمكن ضبط حركة الأجساد... فلا أحد سيصنع ما لا نريد... وقت قصير وستتعودون كل أنواع الرقابة، رقابة الفكر، رقابة الفرح، رقابة الكدر، رقابة في كل شيء... لا حاجة لنضع فوق رؤوسكم حراس الرقابة... فأنتم ستراقبون أنفسكم... «أولاد شاطرين» يسمعون الكلام ويتبعونه... شكراً لكم... ابتهجوا... افرحوا... ماذا تريدون أكثر من ذلك؟!

back to top