الرئيس الإيراني يعرض استقالته: اقتصادنا نحو الانهيار الشامل
• خامنئي يرفض وينصح باستبدال الفريق الحكومي والاستعانة بلاريجاني وقاليباف
• التومان يواصل الانهيار... ومنازل الإيرانيين تتحول إلى مخازن للنقد والذهب
كشف مصدر رفيع في مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي لـ«الجريدة»، أن الرئيس مسعود بزشكيان فاتَح المرشد، خلال اجتماعٍ غير مُعلَن الأسبوع الماضي، في نيّته تقديم الاستقالة من منصبه، في ظلّ انسداد آفاق المعالجة للأزمات المتفاقمة التي تشلّ البلاد.
وقال المصدر إن بزشكيان عبّر عن قلق بالغ من «انزلاق الاقتصاد الوطني نحو انهيار شامل» استناداً إلى المعطيات والإحصاءات الحكومية الأخيرة، التي تشير إلى أن إيران تقترب بسرعة من مرحلة حرجة، قد تعصف بما تبقّى من قدرة الدولة على احتواء التدهور المتسارع، وسط جمود المفاوضات مع واشنطن لرفع العقوبات، وتخوف من حرب جديدة.
وأشار إلى أن خامنئي رفض بشكل قاطع طرح بزشكيان الاستقالة، نظراً للتداعيات السياسية الواسعة التي قد تُربك بنية النظام الحاكم برمّتها، لأن مثل هذه الخطوة ستُظهر الجمهورية الإسلامية في موقع العجز والارتباك، بما قد يشجّع واشنطن على تشديد ضغوطها، ويفتح شهية إسرائيل لتنفيذ هجوم جديد ضد إيران، بعد حرب ال 12 يوماً بين الطرفين في يونيو الماضي.
في المقابل، نصح المرشد الرئيس بزشكيان، المحسوب على التيار الوسطي وتضم حكومته عدداً من الوجوه الإصلاحية، بإجراء تعديل جوهري في فريقه التنفيذي، يبدأ بإقالة نائبه الإصلاحي رضا عارف، الذي سبق أن شغل منصب نائب الرئيس في عهد الإصلاحي محمد خاتمي.
وبحسب المصدر، اعتبر خامنئي أن عدداً من الوزراء أثبتوا عجزهم عن إدارة الأزمة الاقتصادية الراهنة، ما يفرض، في نظره، إعادة تشكيل الفريق الحكومي لضمان الحدّ الأدنى من الاستقرار في المرحلة المقبلة.
وذكر المصدر أن خامنئي ألمح، في المقابل، إلى إمكان أن يستبدل بزشكيان بنائبه رضا عارف شخصيات محسوبة على التيار المحافظ والأصولي، مثل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني، أو رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، معتبراً أن الرجلين يتمتعان بالخبرة والقدرة اللازمة لاحتواء الأوضاع المتدهورة.
وقال المصدر إن المرشد أكد أن الفريق الذي يعتمد عليه بزشكيان حالياً عاجز عن إدارة الأزمات حتى في حدّها الأدنى، ما يجعل تغييراً سياسياً على هذا المستوى ضرورة ملحّة لعدم انفلات الأمور.
بعد حرب يونيو، تصاعدت حدة الانقسامات الداخلية في إيران حول المسار الذي يجب أن تسلكه البلاد وخلافة المرشد علي خامنئي، ووصلت التوترات إلى حد إعلان الحرس الثوري، أمس الأول، أن الرئيس السابق حسن روحاني، أحد المرشحين المحتملين لمنصب المرشد، يخدم مصالح إسرائيل، في اتهام يعكس عمق الصراعات السياسية والاستقطابات داخل النخبة الحاكمة.
يأتي ذلك في حين تواصل العملة الإيرانية انهيارها إلى أدنى مستوياتها تاريخياً، إذ تجاوز سعر الدولار في السوق 122 ألف تومان، في رقم قياسي غير مسبوق. هذا الهبوط الحاد دفع آلاف الإيرانيين إلى التوافد على المصارف لسحب مدخراتهم وتحويلها إلى عملات صعبة أو ذهب، في محاولةٍ لحماية ما تبقّى من قيمة أموالهم وسط تسارع الانهيار المالي.
وكان قائد الشرطة الإيرانية، المحسوب على التيار الأصولي، أحمد رضا رادان، كشف في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، أن الإيرانيين يحتفظون بأكثر من 200 مليار دولار نقداً في منازلهم، دون احتساب الذهب والعملات الصعبة الأخرى، معتبراً أن معظم المنازل الإيرانية تحولت إلى ما وصفها ب«مصارف منزلية»، ما يجعلها أهدافاً سهلة للسرقة.
وأشار رادان إلى أن حماية كل المنازل أصبحت أمراً مستحيلاً بالنسبة للشرطة، نظراً للكم الهائل من الأموال والثروات المخزّنة فيها. وأوضح أن السارقين باتوا على دراية أنهم يمكنهم الحصول على آلاف الدولارات والذهب بمجرد اقتحام أي منزل في المدينة، وأن قدرات الشرطة والأجهزة الأمنية محدودة، خصوصاً في ظل غياب مستندات تُثبت ملكية هذه الأموال، ما يعقّد مهمة ضبط المسؤولين حتى في حال القبض عليهم.
وفي الأيام الماضية، أعلنت الحكومة الإيرانية تعطيل البلاد والمصارف بحجة تلوث الهواء، في خطوةٍ اعتبرها مراقبون محاولة للحد من وتيرة انهيار سعر العملة. ويزعم هؤلاء المراقبون أن الأوضاع الاقتصادية لا تبرر هذا الانهيار إلا من خلال تلاعب المصرف المركزي الإيراني، والشركات شبه الحكومية، بأسعار العملة بغرض تغطية عجز الميزانية.
وكانت الحكومة أعلنت الأسبوع الماضي خطةً لزيادة أسعار الوقود، في محاولة لتخفيف ضغوط الخزينة وتعظيم الإيرادات، لكنها تراجعت فجأة، مبررة ذلك بعدم جاهزية الأنظمة الإلكترونية لشركة النفط للتطبيق الفوري للنظام الجديد.
يُذكر أن قرار رفع أسعار الوقود خلال ولاية الرئيس حسن روحاني في عام 2019 أثار احتجاجات واسعة، وُصِفت بأنها الأعنف منذ انتصار الثورة الإسلامية، ما يضع أي تحرك مشابه تحت رقابة شديدة من الشارع الإيراني.