استراتيجية ترامب للأمن القومي تبتعد عن الشرق الأوسط وأوروبا
مهادنة الصين وروسيا والتركيز على «نصف الكرة» الغربي
أثارت استراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي، التي نُشرت مساء الخميس، ردود فعل متفاوتة لدى الأطراف الدولية، حيث دعت الصين، التي ألغت الوثيقة تصنيفها كتهديد، إلى تعزيز العلاقات بين بكين وواشنطن، في وقت تمسكت أوروبا بالتحالف عبر الأطلسي، رغم الشروط القاسية التي فرضتها الوثيقة على هذه العلاقة.
وفي منتدى بواشطن، دعا السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، شي فينغ، إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع الحوار والتفاعل بين حكومتَي البلدين ومختلف القطاعات، فيما رأت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الولايات المتحدة لا تزال الحليف الأكبر لأوروبا، في حين شدد وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، على أن بلاده لا تحتاج إلى «نصائح من الخارج».
وانتقدت الاستراتيجية المحدثة، بشدّة، الحلفاء الأوروبيين، وقالت إن الولايات المتحدة ستدعم معارضي القيم التي يقودها الاتحاد الأوروبي، ومنها تلك المتعلّقة بالهجرة.
وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، محذّرة من انهيار «الحضارة الأوروبية» في غضون 20 عاماً أو أقل.
وبناء على الوثيقة المكونة من 33 صفحة، يتصدّر النصف الغربي من الكرة الأرضية أو أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحديث «ترامبي» ل «مبدأ مونرو»، القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة.
وتتحدّث الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة على أميركا اللاتينية، ومنع أي تهديد أو وجود لمنافسين فيها.
وفي قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن «الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم» وترفض تغيير الأنظمة.
الشرق الأوسط
وتنص الوثيقة على تقليل الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط، مبررة ذلك بتراجع اعتماد واشنطن على نفط الخليج، وهو ما يقلل من أهمية المنطقة في حسابات الأمن القومي الأميركي.
وتؤكد أن واشنطن لا تزال ملتزمة بضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحاً دائماً، ومنع ما وصفته ب «الأعداء الواضحين» من السيطرة على موارد الطاقة في الخليج، في حين قلّلت من حجم التهديد الإيراني مقارنة بالسنوات الماضية.
الصين وروسيا
وتعتبر الصين «منافساً اقتصادياً أولاً»، قبل أن تكون قوة مهددة عسكرياً. وتؤكد ضرورة إعادة التوازن في العلاقات الاقتصادية معها، بما يشمل سلاسل الإمداد والتكنولوجيا. وتحافظ على «الوضع القائم» في تايوان، لكنها تطالب اليابان وكوريا الجنوبية، بزيادة مساهماتهما الدفاعية لحماية الجزيرة.
وتؤكد أن التجارة مع الصين يجب أن تركز على المجالات غير الحساسة من الناحية الأمنية، وتشير إلى رغبة واشنطن في منع نشوب صراع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
في المقابل، تذكر الوثيقة روسيا في سياق استمرار التنافس، لكن التركيز العملي الأكبر يذهب إلى قضايا التجارة والطاقة، وإعادة توزيع الأعباء الأمنية بدل مواجهة أيديولوجية شاملة كما في بعض الوثائق السابقة.