بالقلم الأحمر: امبيه من صجكم؟!

نشر في 07-12-2025
آخر تحديث 06-12-2025 | 19:10
 الجازي طارق السنافي

في البداية: كلمة امبيه أو ابّيه بتفخيم الباء في اللهجة الكويتية هو تعبير عن الدهشة أو الصدمة أو المفاجأة، كمن يقول «يا إلهي» أو Oh My God! بالإنكليزية.

عموماً، مر الفن الكويتي بمراحل مختلفة، وحقيقة كان ولا يزال دائماً مرآة عاكسة للهوية والثقافة المحلية والتطور الحاصل. في الزمن القديم، كانت الأغنية تتشكل من شعر موزون ولحن مميز وتوزيع احترافي، لتشكّل قطعة فنية متكاملة نسمعها الى اليوم. شعراء مثل ساهر وعبد الأمير عيسى وبدر بورسلي والقائمة تطول، وملحنون مثل عبدالله الفضالة وعبدالله الرميثان وأنور عبدالله وغيرهم من خيرة ملحني الكويت، أبدعوا في إنتاج أغان خالدة، كل جزء فيها، من الكلمات إلى الأداء، يحمل بصمة فنية واضحة. كانت أغانينا تعكس هويتنا الجميلة وإرثنا الفني الذي وصل حتى آخر دولة في الوطن العربي.

أما اليوم فقد ظهر الفن الجديد بأسلوب مختلف، يعكس روح الشباب العصري وطريقة تواصلهم مع العالم الرقمي مع فارق كبير في نوعية الفن. لم أجد نفسي أعارض هذا التغيير لكنه لا يعجبني كوني «ربيت» على أغانينا الكلاسيكية، الفن العصري يختلف عن الفن القديم في البناء والعمق والأسلوب والأداء وكل شيء. أغاني الشباب الحديثة وجدتها تعكس تفكير الشخص مع ذاته دون قيود أو «فلاتر» كما يفكر الشخص مع ذاته تصدر أغنية جديدة و«هبّة» قوية، مثل التريند الحالي سمعت أغنية متداولة اسمها «امبيه من صجك»، تعتمد غالباً على كلمات عامية من تأليف وليد اللحظة، وإيقاع ثابت، من دون توزيع فقط مع نشر عبر الحسابات، الذي وصل سريعاً للجمهور عبر منصات التواصل. وفي هذه المرحلة، اكتشفت أن الشهرة أصبحت أحياناً أهم من الإبداع الفني، على عكس الماضي، حيث كان الفنان يصنع شهرته من جودة الأغنية نفسها.

إصدار أي أغنية يتطلب عادة الشعر واللحن والإيقاع والتوزيع والأداء، وهذه القاعدة صنعت الأغاني الخالدة، أما اليوم فقد أصبحت بعض الأغاني تنتشر لمجرد التريند والانتشار الرقمي، دون التركيز على العمق الفني. ومع ذلك، تبقى اللهجة الكويتية حاضرة، مما يحافظ على صلة الشباب بثقافتهم. ولا أنكر بأن بعض هذه الأغاني الحديثة التي تنتشر بسرعة وصلت كذلك لأبعد مما نتوقع، سواء بشكل ايجابي أو سلبي أعجبنا أم لم يعجبنا.

يبقى التساؤل: هل ستستمر الأغاني المستقبلية بهذا الشكل البسيط، أم سيعود بعض الفنانين الشباب إلى دمج الحداثة بالكلمات واللحن العميق؟ وتعود الألحان الكويتية المستمدة من تراثنا الفني كما عهدناها -وأشك في ذلك.

المستقبل وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن الفن الكويتي يعيش مرحلة انتقالية سريعة في زمن «التيك توك» والنشر السريع.

بالقلم الأحمر: نحن نقول لكم «من صجكم»!

back to top