كنوز البصيرة (4) : لا تجعل ظنّهم يحجبك عن حقيقتك

نشر في 05-12-2025
آخر تحديث 04-12-2025 | 19:23
 حسين عبدالله

يبدأ طريق البصيرة بكلمة جامعة قالها رسول الله ﷺ: «استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك».

فالنبي ﷺ يُرشدك إلى أن ميزانك الحقيقي لا تصنعه ظنون الناس، بل ما يشهده قلبك من صفاء وصدق ومعرفة بنفسك.

فقد يخطئ الناس في تقديرك، ومن عرف نفسه لم تُربكه أحكام البشر.

ثم يأتي عليّ بن أبي طالب ليُظهر وجهاً آخر من ذات البصيرة فيقول: «لا تجعل جهل الناس بك يغلب علمك بنفسك».

هذه ليست دعوة للمواجهة، بل نداء للبصيرة أن ترى حقيقتك قبل أن تُبعدك عنها ظنون الناس.

لا تضع قيمتك في أعين الآخرين، فمعظمهم لا يرى إلا ظاهر الأمور، والآخر لا يلتقط إلا ما يوافق هواه، والأغلب غافل عنك، لأنه ما زال غائباً عن ذاته!!

جهلهم بك لا يُنقص من حقيقتك شيئاً، لكن جهلك بنفسك قد يشتتك، في انشغالك بإثبات نفسك للآخرين.

معرفة النفس نور، وجهلها ضياع.

وحين تنكشف لك حقيقتك... بمن تكون... ولماذا خُلقت... وإلام تتجه، لم يعد لحكم الناس قيمة، ولا لظنونهم أثر.

فهم يرون ظاهر عملك، وأنت ترى نية قلبك، هم يحكمون بالمظاهر، وأنت تعلم من أين تنبع خطواتك.

ومن عرف نفسه، لا يستمد قيمته من مديح الناس، ولا تهزه إساءة، لأنه يزن الأمور بميزان الحق، لا بأحكام البشر.

اجعل ميزانك في ذاتك، لا في أعين الناس... وتذكّر أنّ الله سبحانه هو الذي يعلم السر وأخفى... فلا يضيق صدرك إن جهلوا مقامك.

فمن عرف نفسه عرف ربّه... ومن عرف ربّه استغنى عن جميع خلقه.

back to top