بدون مجاملة: سأعيش نيابةً عنك
عندما خلق الله الحياة، وما فيها، وهب مخلوقاته «حق الحياة»، هو الخالق الواحد، وهو وحده المُدبِّر لأمورهم، العليم بشؤونهم، وإليه يرجع الأمر كُله.
حق الحياة مكفول لجميع المخلوقات، وهم جميعاً يتشاركون كوكب الأرض... كوكب الحياة، كل روح تحيا بأمر الله، لها رزقها ومعيشتها، وليس من حق مخلوق أن يطغى على آخرٍ أو يسلبه.
يُصنف حق الحياة على أنه مبدأ أخلاقي، تُقدِّسه الشرائع والأديان، وتُقره المنظمات والاتفاقيات، يُناقش عدة قضايا، ويُعيد النظر فيها، لتحقيق التوازن والعدالة والأمن، ومع تغيُّر الزمن، كالعقوبات، والخدمات.
الجزء الأكبر من مفهوم حق الحياة يتطرَّق للأمور الظاهرة المُلاحَظة، فيسهو عن الجانب الفكري، الهوايات والاهتمامات، خوض التجارب، وتكوين المعارف الذاتية.
من عادة البشر تشارُك خبراتهم وذكرياتهم وآرائهم، يجتمعون، يتحاورون. كل شخصٍ يُحب أن يكون صاحب الرأي المسموع، ومَنْ تُطلَب مشورته، ويُنصَت لروايته. ظهرت أنشطة لم نسمع بها، كثرت المجالات، وتعدَّدت الميول، وتضاعف عند الناس حُب الاستطلاع. عاش نفر منهم على أنهم خبراء، ومحترفون، ورحَّالة، ومارَسَ آخرون دور «بتاع كلو»، وهو الشخص الذي يظن أنه يعرف ويتقن كل شيء. تحديداً الآن، أتساءل عن أولئك الذين يلغون أفكارك، ويستصغرون مساعيك! «لا تزر هذا البلد»، لأن رحلته لذلك البلد لم تكن موفقة. «لا تربِّ حيواناً أليفاً»، لأنه لم يكن على قدر المسؤولية، مُحتماً أن تجاربه تنطبق عليك وعلى الجميع.
عندما تتعلَّم نشاطاً جديداً، أو تتجه للاحتراف من مجالٍ ما، هذا وأشباهه يرفضون خططك «لنفسك»، وتطلعاتك، وينسفون قيمة المحاولات التي تقوم بها لاكتساب مهارة أو معرفة. يثبطونك، يلمحون، ويلمزون. كلما أفصحت عن رغبتك بالتطوير والتحصيل، استبقوا التعقيبات بالتسفيه، أو محاولة طمس رغبتك، أو كسر عزيمتك.
لماذا يتجرَّأ بعض الناس على تقرير ما يُناسبنا وما نُريد؟! مَنْ الذي جعل ممارستنا لحياتنا مقرونةً بأفكارهم ومعتقداتهم؟ كيف توهموا أن لهم الصلاحية «لتقييم» اختياراتنا؟ وعلى أي أساسٍ يقومون بمُحاسبتنا أين نضع مالنا وجهدنا؟
هناك مشاركات عامة، تواصل، تفاعل إنساني، يجمع الأفراد في موقف، موقع وزمان، يعبِّرون خلاله عن أنفسهم، ويتناقشون، ربما لإضافة أو إفادة، لكن هذا لا يعدو عن النطاق الطبيعي أن تنصِّب نفسك قيّماً أو وصياً على هوايات الآخرين ومناشطهم، طالما أنها لا تُعارض الشرع، ولا تهدِّد المصالح العامة.
أنت تعيش حياتك، وتجرِّب، وتستكشف، ابق في هذه الحدود، لا تتجاوز، لا تحاول أن تعيش نيابةً عني.