شوشرة: معرض الكتاب... للطفل

نشر في 05-12-2025
آخر تحديث 04-12-2025 | 17:10
 د. مبارك العبدالهادي

طابورٌ ممتد، وتزاحمٌ مع انتظار الأطفال الذين ضاعت متعة يومهم بالوقوف أمام حشدٍ من المتحمِّسين للوصول إلى لحظة اللقاء ودخول بوابة المفاجآت، رغم أنه في حقيقة الواقع لا توجد أي مفاجآت، لأنهم يعلمون محتوى المكان الذي تواجدوا من أجله. 

قد يكون من الجميل متعة الشراء، طالما انتظرت كل هذا الوقت الطويل، لكن من الأسوأ أن تكون سبباً في هذا الطابور، وتدخل وتكرِّر عبارتك الشهيرة: كل الموجود لدي «وما في شي جديد»، وقبل فترة كنت في الخارج، وتواجدت في نفس المكان، واشتريت منه جميع احتياجاتي. وهذا الأمر ليس لحالةٍ أو اثنتين، بل لحالات يُسابقون الجميع، يزاحمونهم، وفي نهاية المشوار السبب هو لإشباع عيونهم قبل احتياجاتهم الفعلية. 

على كل شخصٍ أن يعي جيداً أنه من الجميل أن تطلع على كل شيء، وتحرص على معرفة ما هو جديد، لكن من دون أن تكون ضيفاً ثقيلاً مع مجاميع من الأصدقاء الذين قد يكونون سبباً في حِرمان أصحاب الاحتياج الحقيقي من الوصول إلى مبتغاهم، وهم في صدمةٍ من هذه الطوابير الممتدة، رغم أنها مع الأيام ستتلاشى، وتختفي، كحال المتسابقين على الأسواق والجمعيات في أول يوم رمضان، وكأن «من سبق لبق»، وكأنهم لن يجدوا الأكل لباقي الأيام، وهذا ما يقودنا إلى وجوب تثقيف النَّفْس وتهذيبها أمام العديد من الأمور، وضبطها، قبل أن تقودنا إلى أمورٍ تافهة تضيع معها أمور كانت أهمية الانشغال بها أفضل بكثير، وهذا ما يُحلِّق بنا إلى عالم القراءة في معرض الكتاب الدولي، الذي من محاسن الصُّدف خلال زيارتي له أنني شاهدت جموعاً من الطلبة الذين زاروه، وكانوا حريصين على استثمار وقتهم في الاطلاع على كل التفاصيل، خصوصاً القرَّاء الصغار، وهم طلبة الابتدائي، الذين كانوا ينافسون الآخرين في الشراء، وتحديد احتياجاتهم من الكُتب التي يقرأونها ويستفيدون منها، وكانت مبادرة خيرٍ تبشِّر بجيلٍ قارئ ومثقف وواعٍ ومُدرك في استغلال واستثمار وقته للأمور التي يستفيد منها لتطوير إمكاناته، بدلاً من طوابير الانتظار من أجل أمور لا يستوعبها العقل، حتى إن هؤلاء الصغار كانوا محط أنظار المهتمين الذين كانوا يرصدون تحرُّكاتهم، وتفاعل أصحاب دُور النشر مع طلباتهم واستفساراتهم، وتزويدهم بكل متطلباتهم، مع مساعدتهم أيضاً على خصم المبالغ، لتوازي ميزانيتهم للشراء من المعرض بقدرٍ أكبر من الكُتب، وفي ختام جولتهم للمعرض خرجوا والابتسامة تفترش أفواهم، وأكياس الكُتب ترافقهم، وحوارهم حول مشتريات كل منهم من القصص والكُتب التعليمية وغيرها، حتى تساءلت في نفسي: ماذا لو خُصِّص معرضٌ متكاملٍ للطفل يضم الكُتب التعليمية والثقافية والقصص، وغيرها من الأشياء التي تفيدهم، وتدعمهم علمياً، وتُطوِّر من إمكانياتهم منذ نعومة أظفارهم، حتى يُصبحوا من كبار المُبدعين والمثقفين؟ في الوقت نفسه استرجعت مشهد مَنْ يُريد أن يُغذي معرفته بتوافه الأمور، والانشغال باحتياجات ثانوية، وطفل صغير أراد أن يغذي عقله قبل كل شيء بالعِلم والمعرفة وتطوير الذات، فشتان ما بين براءة براعم تحلِّق بنا إلى عالم الإبداع، وكبارٍ لا يفقهون سوى إشباع غرائزهم في أمورٍ خارجة عن العقل والمنطق، فشكراً أيها البطل الصغير، لما عززته فينا من التفكير والاطلاع على إبداعات كانت خارج التفكير.

آخر السطر:

معرض الكتاب للطفل فرصة لدعمهم فكرياً وثقافياً، وتعزيز قيمتهم، ودعمهم على الإبداع والتطوُّر والمشاركة في النشر.

back to top