رياح وأوتاد: خواطر عن الظلم والفقر

نشر في 04-12-2025
آخر تحديث 03-12-2025 | 20:40
 أحمد يعقوب باقر

عصرنا مليء بالظلم رغم كل ما تتباهي به الدول من سعيها إلى تحقيق العدالة وإنصاف المظلومين ومكافحة الفقر، وأعظم ظلم اليوم هو ما يقع على المسلمين في العالم خصوصاً في غزة، حيث تم قتل 70 ألف عربي ومسلم، وتم جرح عدد أكبر من النساء والأطفال خلال سنتين استخدمت فيهما أميركا «الفيتو» ست مرات في مجلس الأمن لمنع صدور قرار لوقف إطلاق النار، وبدلاً من حقن الدماء امتدح الرئيس الأميركي في زيارته للكنيست المجرم نتنياهو الذي دانته المحكمة الجنائية الدولية كمجرم إبادة جماعية، وأثنى عليه، وقال إنه «استخدم الأسلحة الأميركية بذكاء»، وكذلك الظلم الواقع في السودان الذي يقتل ويموت فيه الأبرياء جوعاً دون أن يحرك العالم أو المسلمون ساكناً لإنقاذهم، وبالعكس هناك مَن يُلقي اللوم على أهل غزة وأهل السودان لكي يُسقِط عن نفسه مسؤولية التقصير.

وفي ليبيا والصومال ومناطق أخرى في العالم مشاهد القتل والظلم والفقر تستمر دون توقف، ولا شك أن استمرارها مقصود وإلا فمن يزود الأطراف المتصارعة بالسلاح؟ ولماذا لا يوقفهم العالم؟ وهل إنشاء إسرائيل الكبرى وتقسيم السودان وليبيا واحتراق الصومال هو الموعد المطلوب لمرحلة جديدة من التقسيم؟! 

لقد أمر الله بالعدل والقسط، وهو هدف من أهداف إرسال الأنبياء «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ...»، ونهى سبحانه عن الظلم «وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا للعِبَادِ»، وقال «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ». ولكن، للأسف، القوى الكبرى تمارس الظلم ولا تتعاطف مع أهل غزة وغيرهم من المنكوبين في العالم الإسلامي وتستنكف عن مساعدتهم، بل ومن العرب مَن يطالب بالتطبيع مع الصهاينة ويستقبلهم في بلاده.

وكذلك فإن هذا الظلم لم يقتصر على الدول، فهناك من يطالب بالتفرقة بين المسلمين داخل البلد الواحد في الحقوق والواجبات لأفضلية يعتقد أنه يستحقها، مطالباً بالحصول على ميزات دون غيره، وهناك مَن يطالب بحرمان غيره من المشاركة لأسباب غير منطقية، وهناك مَن لا يدخر شيئاً من ماله ويقبل بإبقاء ذريته تحت خط الفقر، ومثله الذي يطالب باستنزاف احتياطي الأجيال رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يا سعد إنك أن تذر ذريتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» (البخاري). وهناك مَن يسعى لتحقيق الغنى وتحصيل المليارات بشتى الوسائل، وإن أدت إلى ظلم وفقر الآخرين، مع أن النبي قال: «اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وأعوذ بك من فتنة القبر، وأعوذ بك من فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر» (البخاري).

الخلاصة أن الإنسانية اليوم فشلت في تحقيق العدالة والقضاء على الظلم والفقر، لأن السياسة التي ينتهجها كثير من الدول والأفراد ظالمة، وكل همها هو تحقيق المصالح بأنواعها حتى لو امتلأ العالم بالقتل والفقر.

back to top