التعبئة العربية بوجه الهيمنة الصهيونية

نشر في 03-12-2025
آخر تحديث 02-12-2025 | 19:34
 د. محمد المقاطع

مسار الهيمنة الصهيونية على المنطقة صار مساراً استراتيجياً وواضحاً، وهي هيمنة استعمارية أميركية بلباس صهيوني متفق عليه ومنسّق.

هذه الهيمنة لا تزال هشة، وسقوطها متاح، فقد أثبتت وكشفت هشاشتها حالة المواجهة في حرب غزة بذلك الصمود الأسطوري لأهلها، وتلك التعبئة الحقيقية والقدرة المذهلة للمقاومة باستنزاف الكيان الصهيوني ومن ورائه أميركا بصورة مباشرة وجميع الدول الأوروبية، بالرغم من الإمكانات المحدودة لغزة وحصارها وقلة عتادها!

وهو ما فرض تبدلاً استراتيجياً وتكتيكياً من قبل الأميركيين لوقف الحرب انتشالاً للكيان الصهيوني من ورطته، وليفرضوا بالسِّلم ما لم تتمكن آلة الحرب من تحقيقه، وهو ما حدث عبر الهدنة وبعد توظيف المنظومة الدولية، التي تُستخدَم دائماً مِخلباً للدول الاستعمارية.

وما يؤكد ذلك أيضاً ما أثبتته إيران بقدرتها التعبوية في مواجهة الهيمنة الصهيونية الأميركية في حرب الأيام السبعة، والتي كادت تُدخل الكيان الصهيوني في كارثة تدمير بنيته التحتية جنباً إلى جنب مع استنزافه عسكرياً، وكشف هشاشته في حالة المواجهة الحقيقية إذا تمت تعبئة حقيقية لمجابهته، مما اضطر الأميركان - مرة أخرى - للتدخل لإيقاف الحرب إنقاذاً للكيان الصهيوني، وتحقيق مآرب الحرب من خلال مسار آخر.

والسؤال هنا: لماذا لا تُظهر الدول العربية، وكذلك مجلس التعاون الخليجي، قدرتهما وإمكاناتهما في التعبئة والقدرة على المواجهة لتحقيق معادلة الردع الفعال والحقيقي للكيان الصهيوني ومَن يسانده؟!

سؤال مستحق ويجب أن يكون حاضراً وملحّاً بالنسبة للدول العربية ولمجلس التعاون الخليجي، لوقف وردع الغطرسة الصهيونية واستمرار نهج الهيمنة الواقعية بسبب «حالة الانكماش» العربي السائدة التي فتحت شهية هيمنة متتالية للكيان الصهيوني في فلسطين ولبنان وسورية وعجرفة في مواجهة مصر والأردن وقطر والعراق واليمن وأي دولة أخرى!

فكل قيادات الكيان الصهيوني اللقيط والمحتل لفلسطين يعلنون بتبجّح ووضوح غير مسبوق عن نيتهم لاحتلال معظم الدول العربية لإقامة كيانهم الكبير الممتد من «الفرات» إلى «النيل»! 

تلكم أحلامهم وذلك هو مسارهم، وسلوكهم أسوأ من ذلك بكثير، فهم وحوش بشرية، لا ينظرون للعرب ولا للمسلمين على أنهم بشر يستحقون الحياة، ولذلك تجد وحشيتهم في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وكل إنسان!

هذا الكيان الصهيوني الفاشي في فلسطين يتحرك بمخطط وترتيب مع القوى الاستعمارية، أما قوته الذاتية فلا صعوبة في كسرها، بل تدميرها مع كيانه بالكامل، وهو كيان لا يعرف منطق السلام والتعايش إطلاقاً، ولذا فإن ما يردعه فقط هو إظهار القوة والندّية والتفوق! وأظن أن المسار الذي تسلكه كل من مصر والأردن ودول مجلس التعاون إذا ما تم تدعيمه وتعزيزه وإظهاره بشكل تعبوي أوضح وأكبر، فسيكون رادعاً وحاسماً في إعادة التوازن للمنطقة وتبديد وهم هذا الكيان الصهيوني اللقيط التوسعي الساعي لفرض الهيمنة على المنطقة!

ولا بُد من تعزيز وتقوية سورية، وإخراج العراق من المظلة الإيرانية وإعادته للحضن العربي، فهما قوتان إضافيتان حاسمتان في الردع العربي، بل ولجم الكيان الصهيوني اللقيط واستعادة جميع الأراضي المحتلة سلماً أو بالقوة، رغم أنف هذا الكيان ومَن يسانده، ولئن كان المسار السلمي قد فشل منذ اتفاق أوسلو 1993، أي منذ أكثر من 32 سنة، فالردع والمسار المتبقي هو التعبئة والقوة لفرض واقع جديد يعيد الهيبة والهيمنة العربية في المنطقة.

back to top