لمجلس الوزراء: إلغاء «الوصية الواجبة» التي لم يوصِ بها المورّث قبل وفاته

نشر في 02-12-2025
آخر تحديث 01-12-2025 | 20:04
 بدر خالد البحر

قال تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً» أي اكتمال الشريعة الإسلامية وانتهاء تشريع العبادات التوقيفية والأحكام والحلال والحرام واستمرار الأوامر والنواهي، وأن كل ما لم يشرعه سبحانه ليس من الدين، سواء من أصوله أو فروعه، فرائضه أو سننه، فلا يجوز اختلاق فريضة أو سنة مما يسمى بدعة للإحداث والزيادة بالدين مما لم يرد فيه نص بالقرآن، ولا نص أو فعل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مصداقاً لقوله تعالى: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا».

إن أحكام المواريث فرائض جاءت بآيات محكمة يستوجب العمل بها، وقد حذرنا سبحانه حتى لا يفكر أحد في التدخل بقسمته في توزيع الإرث، فقال في نهاية الآية «فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ» وهي «يوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا».

وعليه فلم يرد في هذه الآية نص يبيح أن يرث أبناء الابن المتوفى قبل أبيه، ولأنهم غير وارثين فلا يجوز لهم التدخل في تغيير النصيب المفروض، ولا منع المستحق منه، فبمجرد موت المورّث يستحق الوارث نصيبه، ويدخل في ملكيته فوراً دون تدخل أحد. 

وأما من ابتدع استخدام مسمى «الوصية الواجبة» ليعطي أبناء المتوفى من الورثة فإنه قد ارتكب خطيئة لأن «الوصية الواجبة» هي ما يوصي به المورّث قبل وفاته لغير ورثته لأنه «لا وصية لوارث»، كأن يكون على المورّث حقوق للغير مثل الديون، أو حسب ما ورد في الآية الكريمة «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» فمن أخذ بأنها غير منسوخة، فالوصية الواجبة هنا مستحبة للوالدين غير الوارثين الذين لا تشملهم آية الميراث أعلاه، وهما الكافران أو المملوكان، وكذلك للأقارب الذين لا يحق لهم الإرث والمحجوبين عنه كالأعمام والأخوال والأجداد، وكذلك «أبناء الابن»، الذين نتحدث عنهم، وإن كان الابن متوفى، فيستطيع المورّث قبل وفاته أن يوصي لهم بالوصية الواجبة المستحبة، أو يعطيهم بعضاً من ماله قبل وفاته.

وعليه يجب اتباع كتاب الله وسنة رسوله وعدم الاقتراب من حدوده والذهاب للبدع، وعلى الحكومة الموقرة صرف نظرها عن آراء زعماء الأحزاب الدينية السياسية ومشايخهم من مدعي السلفية والإخوان المسلمين الذين أجاز بعضهم تحدي كتاب الله لتحقيق مصالحهم، ونذكر كيف جيَّروا التفاسير ليسيطروا على أموال المؤسسات المالية حين استقطعوا ثُمن الزكاة (12.5 في المئة) تحت بند «العاملين عليها» لمصلحة جمعياتهم الخيرية واستخدموها لتمويل أنشطتهم السياسية كالانتخابات، مما لا يجوز لهم شرعاً حسب فتاوى كبار علماء الأمة، لأن «العاملين عليها» هم من يوظفهم الحاكم لجباية الزكاة.

وهنا تأتي مساعي الحكومة في الاتجاه الصحيح لتعديل قانون الأحوال الشخصية لإلغاء «الوصية الواجبة» التي لم يوصِ بها المورّث قبل وفاته.

***

 إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي 

 

back to top