إسرائيل تلوّح بتوسيع عملياتها في سورية بعد حادثة بيت جن
الكويت تدين «الاعتداء الإجرامي»... ودمشق تؤكد أنها لن تنجر إلى الاستفزازات
لوحت إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في سورية بعد التوغل الإسرائيلي في بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، الذي قوبل بمقاومة محلية عنيفة، مما أدى إلى وقوع أكثر من 20 قتيلاً من الجانب السوري، وجرح أكثر من 13 عسكرياً إسرائيلياً.
وقالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الجيش الإٍسرائيلي يدرس توسيع عملياته في جنوب سورية، إذا تبين مشاركة قوات سورية تابعة لحكومة الرئيس أحمد الشرع في مقاومة توغل جنوده في بيت جن.
وذكرت القناة 13 العبرية أن الجيش يبحث تقليص عمليات الاعتقال الميدانية ضد ما يسميها «عناصر إرهابية» قرب الحدود، مقابل زيادة الاعتماد على الضربات الجوية للقضاء على الأهداف.
وفي الوقت نفسه، صرح مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لموقع قناة آي 24 نيوز باحتمالية تورط قوات حكومية في الحادث، محذراً من أن «الحادث يثبت أن إسرائيل لا يمكنها السماح لأطراف معادية بالتمركز قرب حدودها، وأن سورية غير مستقرة لدرجة تمنعها من التقدم بأي اتفاق أمني».
في السياق ذاته، كشفت قناة كان العبرية أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رصدت أشخاصاً في الجنوب السوري يخططون لاستهداف جنودها والطائفة الدرزية، مرجّحة أن يكون بعضهم على صلة مباشرة مع جهاز الاستخبارات العامة التابع لحكومة الشرع، رغم عدم توافر دلائل مؤكدة حول مستوى التنسيق أو علم السلطات السورية بتحركاتهم.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن إسرائيل وجّهت «رسائل جدية» إلى السلطات السورية عقب العملية، تتضمن تحذيرات بشأن استمرار نشاط مجموعات مسلحة تعمل قرب الحدود.
بيت جن
وشهدت سماء بيت جن، صباح أمس، تحليقاً مكثفاً لطائرتي استطلاع إسرائيليتين، في مؤشر على استمرار التوتر غداة الهجوم.
وأفاد موقع والاه بوجود شبهات بتسريب معلومات حساسة عن موعد الهجوم، مما أوقع القوة الإسرائيلية في كمين منظم أثناء انسحابها، وأجبرها على التخلي عن عربة هامر عسكرية تمّت لاحقاً مهاجمتها جواً لمنع وقوعها في أيدي المسلحين. وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن العملية كان مقرراً تنفيذها قبل أسبوع، لكنها أجّلت بسبب زيارة ضباط كبار، وهو التأجيل الذي يُعتقد أنه أدى إلى كشف خطة التوغل.
أهالي قرية العشة بريف القنيطرة رفضوا مساعدات إسرائيلية تتضمن سلالاً غذائية ومواد للتدفئة
واندلعت الاشتباكات بعد دخول قوة من لواء المظليين الاحتياطي 55 إلى بيت جن لاعتقال شقيقين تتهمهما إسرائيل بإطلاق صواريخ سابقاً، قبل أن يباغت مقاتلون محليون القوة بإطلاق كثيف للنيران، مما أسفر عن إصابة عدد من الجنود.
وردّ سلاح الجو الإسرائيلي بقصف مدفعي وجوي واسع شمل مواقع داخل البلدة ومحيطها، وأدى إلى سقوط ضحايا مدنيين بينهم نساء وأطفال، وفق «الخارجية» السورية.
وأكّدت دمشق أن الاعتداء يشكل «جريمة حرب مكتملة الأركان»، محملة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التصعيد. وشددت وزارة الخارجية على أن سورية ستواصل استخدام «حقها المشروع بالدفاع عن أراضيها بكل الوسائل التي يقرها القانون الدولي»، داعية مجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى التحرك الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
و خلال استقباله نظيره الدنماركي لارس لوك راسموسن، دعا وزير الخارجية أسعد الشيباني المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم لوقف اعتداءات الاحتلال، معتبراً أن ما حدث في بيت جن هو سلوك إسرائيلي عدواني يهدد السلم والأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة.
وأكد الشيباني أن حكومة الشرع قامت بواجبها بالكامل لضبط الواقع الأمني في جميع المناطق السورية، وأن «سورية الجديدة حريصة على عودة كل أبنائها».
بدوره، اتهم وزير الإعلام حمزة المصطفى «رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بمحاولة جر سورية إلى مواجهة عبر استفزازات متعددة، مؤكداً أنه «يخطئ الحسابات حين يعتقد أنه يستطيع فرض وقائع على الأرض».
وقال المصطفى: «لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من الأراضي المحتلة بعد 8 ديسمبر».
وأقرّ وزير الإعلام بأن «سورية ليست في موضع قوة الآن، وتركز على نهوض شعبها، لكنها لن تدخر وسيلة لمواجهة العدوان الإسرائيلي وردعه».
في المقابل، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أن دمشق «لن تنجر إلى استفزازات الاحتلال»، مشيراً إلى أن الرد العسكري ليس مطروحاً حالياً، حفاظاً على المكاسب السياسية التي حققتها دمشق في علاقاتها الدولية». ولفت علبي إلى أن سورية سترد «بالطرق المعترف بها دولياً» عبر مواصلة الضغوط الدبلوماسية وتفعيل اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
وقال «المرصد السوري» ان عناصر دورية إسرائيلية عرضوا عقب توغلهم على بعض أهالي قرية العشة بريف القنيطرة مساعدات وسلالاً غذائية ومواد للتدفئة، إلا أنّ الأهالي رفضوا تسلًمها.
موقف دولي
وتزامن هذا التصعيد مع الذكرى الأولى لبدء عملية «ردع العدوان»، التي أسفرت بعد نحو أسبوعين عن سقوط نظام الأسد في دمشق، ما منح الهجوم الإسرائيلي في «بيت جن» بُعداً إضافياً وأثار ردود فعل واسعة إقليمياً ودولياً.
وفجّر هذا الهجوم موجة إدانات عربية ودولية واسعة. ودانت الكويت «محاولة التوغل والقصف المتعمد الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية».
وأكدت «الخارجية» في بيان أن «هذه الاعتداءات الإجرامية ما هي إلا امتداد للنهج الإسرائيلي المزعزع لأمن واستقرار المنطقة ويقوض الجهود الإقليمية والدولية الساعية لخفض التصعيد».
وأشارت إلى أن ذلك «يمثل انتهاكاً سافراً لسيادة الجمهورية العربية السورية على أراضيها، ولما نصّ عليه القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وفيما دانت قطر والسعودية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الهجوم، طالب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بتحرك دولي عاجل لوقف والانتهاكات الإسرائيلية.
وشدد الاتحاد الأوروبي على «ضرورة احترام وحدة سورية وسلامة أراضيها»، محذراً من التداعيات الخطيرة للتصعيد.
كما أعربت بريطانيا عن رفضها للهجوم، واتهمت تركيا إسرائيل بأنها «تسعى لفرض أجندة مدمرة في سورية».
ولم يعطل التصعيد الإسرائيلي، إحياء الذكرى الأولى لعملية «ردع العدوان»، التي قادها الشرع، وأسفرت عن سقوط النظام وفرار بشار الأسد إلى روسيا.