زبدة الهرج: الكوارث مستمرة

نشر في 28-11-2025
آخر تحديث 27-11-2025 | 17:18
 حمد الهزاع

بعد فترة طويلة من الغياب، جمعني لقاء مميز مع العم حسنين البواب خلف مقر عمله العامر في العمارة التي يحرسها، فجلسنا نحتسي الشاي من إبريق تراثي في ليلة أُنْس حلوة بألف ليلة وليلة.

ومعلومة بسيطة للذين لا يعلمون أن العم حسنين البواب يعشق كرة القدم، ولديه خطط تكتيكية إنْ طبّّقها مدرب «ليفربول» سلوت، فسيستعيد فريقه صدارة الدوري الإنكليزي، إضافة إلى أنه محلل سياسي من الطراز الرفيع، حيث قال لي باللهجة المصرية المحببة إلى قلبي: «يعني مشفتكش تكتب زي زمان، خير كفى الله الشر؟»، قلت: «مش عارف، كل ما أكتب مقال وعايز أرسله للصحيفة أرجع تاني وألغيه، وأقول قدّر الله وما شاء فعل».

فقال لي: «يكونش حد حاسدك وتحتاج حَدّ يرقيك ويقرأ عليك؟»، قلت له: «يحسدوني على إيه... على أن مسّني الكِبَر»؟ قال لي: «أصل الحسد ميعرفش صغير ولا كبير، زي الحب، فجأة يخبطك تلاقي نفسك مريض وحالتك مش ولا بُدّ»، فقلت له: «كل ما في الأمر أني كثير السفر ومشغول بسبب أعمالي الخاصة».

سألني عن رأيي بأحداث السودان وعن الوضع المأساوي الذي يعيشه السودانيون، فقلت له: «لسه مخلصناش من كارثة غزة حتى بدأت بوصلتنا تتجه نحو السودان، الذي يعاني عدم استقرار سياسي منذ أيام المهدي وثورته المهدية، والتجاذبات تعصف به، حتى أصبح المواطن السوداني وقودا لحروب متواترة مزّقت أوصاله، ولكن ما يميّز هذه الحرب الأهلية الدائرة بين القوات المسلحة الحكومية وقوات الدعم السريع ليست كسابقاتها، حيث إن القنوات الفضائية سلّطت الضوء عليها بشكل مكثّف، وفتحت مساحات حوارية عبر برامجها الإخبارية، وبالتحديد بعد مجازر «الفاشر»، وكأنها تريد أن توصّل رسائل إلى المجتمع العربي أو حتى العالمي، أن القتال الدائر بين الفصائل والميليشيات هو سوداني - سوداني، وليس مدعوماً من دول خارجية، بالرغم من أنّ هناك مشاهد مؤلمة ومأساوية لا تقل فظاعة عن مجازر الفاشر، وهي المجاعة التي تفتك بالسودانيين الذين يقنطون المناطق الصحراوية التي تعتمد على الأمطار، ولم نشاهد أياً من القنوات الفضائية سعت الى تخصيص برامج لدعم المحتاجين، ومناشدة العالم لإنقاذ الأرواح التي تسقط بسبب عدم توافر الماء والغذاء، فالسودان يحتاج الى سلام شامل ودائم، ودعم دولي يعمل على تطوير الصحة والتعليم والاقتصاد، والكل يعلم أن السودان يملك مقومات التنمية المستدامة التي تجعله يعيش في بيئة صالحة تعمل على تحقيق الاستقرار. 

ثم أما بعد،  

هم لا يفرّقون بين المقاومة والمتاجرة، عندما كُنّا نقول إن القضية الفلسطينية تجارة مربحة، زعل علينا بعض العرب.

back to top