منمنمات في الفجيرة!

نشر في 28-11-2025
آخر تحديث 27-11-2025 | 17:13
 دانة الراشد

عُدت للتو من برنامج الإقامة الفنية لفن المنمنمات في الفجيرة بدولة الإمارات، حيث كان البرنامج برعاية سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي تحت مظلة مدرسة الخط والزخرفة هناك، والمنمنمات هي فن المخطوطات العتيقة المسمى كذلك بفن الكتاب، والذي كان يزين الكتب الإسلامية القديمة فيما سبق، ويتسم بتفاصيله الدقيقة وحجم اللوحات الصغير نسبياً وشاعرية خطوط الفرشة فيه.

وكان البرنامج تحت إشراف اثنين من أكفأ الأساتذة وأكثرهم خبرة، وهما الأستاذ جيهانكير آشوروف من أوزبكستان، وروح الله جهانبين من إيران، وكان الهدف إحياء المدرسة العربية للمنمنمات بعد طول اندثار، وذلك بالرجوع إلى المخطوطات القديمة كمقامات الحريري، واتخاذ فنون يحيى بن محمود الواسطي مرجعاً، بالإضافة إلى تعلم كيفية رسم العناصر الطبيعية الموجودة في شبه الجزيرة من غزلان وأحصنة وأشجار النخيل.

وتم انتقاء جميع الطلبة بعناية من جميع أنحاء العالم العربي، حيث أتوا عن طريق الدعوة الخاصة، وكنت محظوظة أنه تم اختياري لأكون من ضمنهم، وأذهلني مستواهم الفني والتقني فكانوا مكسباً كأصدقاء وزملاء تعلمت منهم كما تعلمت من أساتذتي، لاسيما الوفدين، الجزائري، واليمني، اللذين أبديا مستويات عالية للغاية.

وكان من الرائع التعلم بطريقة نظامية وأكاديمية لأسلوب فن المنمنمات، فكان ذلك بالنسبة لي بمثابة حلم تحقق بعد طول انتظار، حيث لجأت إلى التعليم الذاتي بالمحاولة والخطأ عدة سنوات لعدم وجود مؤسسات ترعى هذا النوع من الفنون في العالم العربي إلا في الجزائر كاستثناء، فأتى هذا البرنامج كفرصة ذهبية لصقل مهارات الفنانين في هذا المجال، فكانت الاستفادة من هذا البرنامج عظيمة بالفعل.

وكانت فترة البرنامج ثلاثة أسابيع مُددت إلى الشهر اختيارياً لمن أحب أن يقضي وقتاً في اكتشاف منطقة الفجيرة الجميلة وحضور بطولة الخيل التي أُقيمت هناك. والفجيرة منطقة هادئة وجميلة تتميز بالجبال البديعة والطبيعة الساكنة وطيبة قاطنيها من مواطنين ومقيمين. يسود فيها النظام والقانون العادل -كما هو الحال في كل الإمارات- مما يجعل الإقامة فيها تجربة ممتعة وسلسة.

كذلك فقد أُحِطنا بالرعاية التامة من جميع الجوانب، حيث تم التكفل بجميع التكاليف من تذاكر سفر وإقامة فندقية وتغطية جميع الوجبات، بالإضافة إلى تنظيم رحلات ممتعة لزيارة مختلف محافل الثقافة والفنون.

وزارنا سمو الشيخ نفسه لتفقد الأعمال، حيث إنه مهتم بالفنون والثقافة بشكل كبير، فهو مَن ابتدع فكرة البرنامج، فكان شرفاً كبيراً لي أن أتحدث معه عن هذه التجربة الفريدة.

أما بعد العودة، فقد عدت وكلي تطلع وحماس للاستمرار في عالم المنمنمات وصقل مهاراتي قدر الإمكان، والجميل أنه ستستمر المتابعة عن بُعد مع الأساتذة عن طريق منصة «زووم»، وذلك لاستكمال اللوحات الفنية وإظهارها بأجمل صورة.

إن هذه البرامج التي تصقل وتحتضن المواهب المحلية مهمة جداً، لاسيما الحرف والفنون التقليدية المستوحاة من هويتنا الخاصة، وأتمنى أن أرى المزيد من الرعاية والاهتمام المؤسسي بهذه الفنون في الكويت.

back to top