«الجريدة» تواصل قراءة «الأحوال الشخصية» الجديد

• الحلقة الثانية تتطرق إلى أبرز الملاحظات القانونية والفنية على مشروع القانون

نشر في 26-11-2025
آخر تحديث 25-11-2025 | 20:12
No Image Caption
في الحلقة الثانية والأخيرة من قراءة «الجريدة» لأبرز الملاحظات القانونية والدستورية والفنية على مشروع قانون «الأحوال الشخصية» الجديد الذي أعدت مسودته وزارة العدل، يتركز الحديث حول الشق المتعلق بتنظيم محكمة الأسرة، ونظامها الإجرائي، بعد أن تناولت الحلقة الأولى ما يتعلق بالأحكام المنظمة للحقوق والالتزامات وأحكام قانون الأحوال الشخصية. ومن أبرز الملاحظات، التي يجب التوقف عندها كثيراً، ما نصّ عليه المشروع من إلغاء محاكم الأسرة في المحافظات والاكتفاء بمحكمة واحدة فقط في العاصمة، تنظر فيها كل قضايا الأحوال الشخصية والجعفرية وإدارة التوثيق، وإن كان المبرر هو وقف الهدر المالي وضبط منظومة العمل، فإن الإلغاء ستكون له تداعيات كثيرة، أقلها حدوث «ازدحام وضغط كبير على المنظومة القضائية والحاجة إلى جيوش كبيرة من الموظفين»، خصوصاً أن عدد المتقاضين في قضايا الأسرة نحو 10 آلاف سنوياً، إضافة إلى 20 ألف مراجعة شهرية، فضلاً عن أن هذا النص لا يواكب توجه الدولة في التوسع العمراني وبناء مدن جديدة. وتضمن المشروع إلغاء الوصية الواجبة لأسباب شرعية لا عملية، على الرغم من أن دواعي صدور قانون الوصية ذات أبعاد عملية وتأتي لمعالجة حال كشف الواقع العملي عن حدوثه يتمثل في توريث الفروع. وما يزيد الربكة ويطيل مدة التقاضي، ما نص عليه المشروع من إلزامه كل من يريد رفع دعوى طلاق أو نفقة أو أي مطالبة أسرية أخرى الذهاب أولاً إلى الاستشارات الأسرية في القانون الحالي، لاسيما أن هذا الإجراء يتطلب جيوشاً من الموظفين والقضاة لاعتماد قرارات الاستشارات الأسرية. ورغم أن القانون نصّ على إنشاء سجل للأسرة يلخص القضايا والأحكام، فإنه لم يشِر من قريب أو بعيد إلى أن تكون تلك السجلات ورقية، كما أنه لم ينص على إمكانية عقد جلسات الأسرة عن بُعد، والتي هي أولى من غيرها، وبما يتعارض مع التوجه نحو رقمنة خدمات التقاضي. وكان لافتاً إغلاق المشروع في أحد مواده باب الطعن أمام محكمة التمييز نهائياً في قضايا الأسرة، بعدما كان يسمح للنيابة العامة وبعض قضايا المواريث والوصاية الطعن فيها، معتمداً على فكرة أن وجود السوابق القضائية لمحكمة التمييز كفيل بحسم أي نزاع مستقبلاً، فكيف تطبق مبادئ التمييز التي توقفت في 2015 لحسم أنزعة بعد خمسين سنة؟ أما المادة 20 من المشروع، فتعد من المواد الغريبة في صياغتها، فبموجبها بالوضع الراهن تشكل لجنة قضائية تضع جدولاً للأجور والنفقات يعمل به لمدة عامين، ويلتزم القضاة به في موضوع النفقة، أي باختصار لن تحدد النفقة بموجب مركز الزوج القانوني كما هو معمول به، بل ستكون النفقة موحدة على الجميع. وكان لافتاً إسنادها مهمة توثيق الإقرارات الزوجية إلى القضاة لا الموثقين، مما يشكل جهداً إضافياً على القضاة، باعتبار أن ذلك من الأعمال الإدارية المرتبطة بعمل الموثقين.

يتكون مشروع قانون الأحوال الشخصية من تشريعين مقسمين إلى أقسام، الأول إجرائي يعمد على تنظيم محكمة الأسرة ونظامها الإجرائي، بينما يتناول القسم الآخر بيان الأحكام المنظمة للحقوق والالتزامات والأحكام لقانون الأحوال الشخصية، وهو ما تناولته «الجريدة» في قراءتها لأبرز الملاحظات الدستورية والقانونية على المشروع في عددها الصادر أمس.

وفي عدد اليوم تتناول «الجريدة» القسم الأول المنظم للقواعد الإجرائية لمحكمة الأسرة، فالقانون في مادته الأولى لمشروع التعديل ألغى الشكل الحالي لمحاكم الأسرة، الذي جعلها في كل محافظة، بأن قرر وضعها في محكمة مستقلة واحدة.

وجاء في التعديل أن الغاية من إلغاء محاكم المحافظة ووضعها في محكمة مستقلة واحدة هي أن التجربة اعتمدت منذ نشأتها في عام 2015 على مقار مؤقتة وغير مهيأة لتحقيق الأهداف التي عناها المشروع، فتوجه المشروع المقترح إلى إنشاء محكمة واحدة لشؤون الأسرة تختص بنظر كل منازعات الأحوال الشخصية على مستوى محافظات الدولة، ويلحق بها في ذات مقر المحكمة كل الجهات المعنية، مما يسهم في تقليل التكاليف المالية على الدولة وتوجيه الموارد لإنشاء مقر ملائم يضبط نظام العمل ويسرع وتيرة دورة الإجراءات ويعزز التعاون بين الجهات المختصة وصولا إلى عدالة ناجزة.

لماذا يقحم القضاة سواء من المحكمة الكلية أو الأسرية في مراجعة توثيق إقرارات الزوجية؟!

والمقترح المطروح في التعديل يتناول، وعلى نحو صريح، إلغاء محاكم المحافظات المنظمة لعقد جلسات محاكم الأسرة، ويسندها الى محكمة مستقلة واحدة، ويعهد إلى مجلس القضاء إلى حين إنشاء المقر المستقل تحديد جلسات الدوائر القضائية التي تنظر قضايا الأسرة.

والمبررات التي ساقها التشريع استناداً إلى أسباب عملية مردها اعتماد التجربة السابقة على مقار مؤقتة ولم تكن مهيأة، ورغبة التشريع في تقليل التكاليف المالية على الدولة، وإنشاء نظام للعمل يسرع دورة الإجراءات ويعزز التعاون، وهي مبررات عملية ومتغيرة ومتناقضة مع فكرة نشأة القانون، ذلك أن المشرع الكويتي وفي سعيه لضبط وتخصيص قضايا الأسرة ومواكبة للتوسع الجغرافي الذي شهدته الكويت قبل 20 عاماً نظراً لإنشاء العديد من المدن السكنية ارتأى إنشاء محاكم خارج مدينة الكويت، تسهيلاً على المتقاضين في متابعة قضاياهم الأسرية أسوة بالقضايا العمالية والإيجارات والتجاري والجزئي والمستعجل، بعدما كشف الواقع العملي عن ضرورة توزيع الأعمال الخاصة بالإدارات القضائية خارج مدينة الكويت، تسهيلاً على المواطنين والمقيمين في إنجازها بالمحافظات التابعة لهم، وتخفيفاً للضغوط عن المنظومة القضائية للعمل في مكان واحد. 

ولذلك لا يمكن أن يناط بمحكمة واحدة فقط، وفي مقر واحد، أن تستقبل جميع المواطنين والمقيمين في الدولة، والذين تزيد أعدادهم على ثلاثة ملايين نسمة في مكان واحد لنظر قضايا الأحوال الشخصية والجعفرية وقضايا غير المسلمين، لاسيما في ظل تصاعد أعداد قضايا الخلافات الزوجية والأسرية، وما يرتبط بها من إصدار شهادات وحصر وراثة وقسمة شرعية وتنفيذ الأحكام. 

«الاستشارات الأسرية» قبل التقاضي تتطلب جيوشاً من الموظفين

المدن السكنية

كما أن هذا التوجه يتعارض مع تطورات البلاد الحديثة نحو ارتفاع أعداد المدن السكنية التي زاد عددها عن العدد الذي كان موجوداً عند نشأة القانون قبل 10 سنوات، التي تستدعي زيادة العمل نحو تنظيم عمل المحاكم في المحافظات وليس إلغاءها وإسنادها إلى محكمة واحدة. 

ويلاحظ أن الأسباب التي بنى المشروع قرار إلغاء محاكم المحافظات عليها هي أسباب عملية وليست قانونية، وهي أسباب بالإمكان مراجعتها وتنظيمها وتلافيها لا الاستغناء عنها لمجرد عدم القدرة على عدم معالجتها، فيما المعالجة أفضل بكثير من خيار الإلغاء إذا وجدنا أن قضايا الأسرة في محافظات الكويت الست تقارب 10 آلاف قضية سنوياً، فضلاً عن تلقيها معاملات ومراجعات المواطنين وتنفيذاً لأحكامهم في كل المحافظات لما يزيد على 20 ألف مراجعة شهرياً، ووضعها في مقر واحد سيسبب ضغطاً كبيراً لكل المنظومة وسيزيد في كل سنة مع الزيادة السكانية ومع فتح مدن جديدة!

وفي المادة الثانية لتشكيل المحكمة، قرر المشروع تشكيل دوائر المحكمة الكلية من ثلاثة قضاة بدلاً من وجود قاضٍ واحد لها، تأكيداً من التعديل على جودة الأحكام القضائية، كما أجاز لمجلس القضاء ندب مستشارين من محكمة الاستئناف لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لترؤس تلك الدوائر.

إصدار الأوامر في الطلبات التي تحتاج إلى أذونات من القاضي قبل إبرامها

بينما في المادة الثالثة حدد التشريع قضايا مالية لنظر قضايا الأسرة، بعد أن قرر نهائية الأحكام الصادرة من محكمة الدرجة الأولى إذا لم تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار، وهو ما يجعل قضايا الأحوال المتصلة بمسائل الميراث والوصية والوقف والمهر انتهائية في أحكام محاكم أول درجة إذا لم تزد قيمتها على خمسة آلاف دينار، بعدما كان جائزاً الطعن عليها أمام دوائر محكمة الاستئناف وفق التشريع الحالي. 

فيما تقرر المادة السادسة أن تقوم إدارة كتاب محكمة الأسرة بإنشاء ملف تودع فيه جميع أوراق الدعاوى والأحكام والأوامر الصادرة من الأحوال الشخصية المتعلقة بذات الأسرة، ويعد ملخصاً بمحتواه يعرض على المحكمة عند نظر منازعات الأحوال الشخصية بين أفرادها، ويلحق بمحكمة الأسرة إدارة للتوثيقات الشرعية يصدر بتنظيمها قرار من وزير العدل.

والمادة السابقة وإن كان لها تطبيق عملي في ظل التعديلات التشريعية على قانون الأسرة إلا أنه لم يكتب لها النجاح، فهي غير مفعلة على الواقع العملي في ملفات قضايا الأسرة، لذلك فإن الآلية المنصوص عليها في التعديل المقترح من غير المتصور تحقيقها على أرض الواقع، في ظل عدم وجود تنظيم صريح لعمل إدارة الكتاب في هذا النحو.

أحكام الدرجة الأولى نهائية إذا لم تتجاوز قيمتها 5 آلاف دينار

وكان يتعين على المشرع أسوة بفكر المشرع الحديث في التعديلات، التي طرأت على قانون المرافعات المدنية والتجارية أن ينشئ إدارة لتحضير وتجهيز الدعوى في قضايا الأسرة، وتلك الإدارة هي المعنية بتجهيز تلك الملفات أو ما يعكس عرض ملف الأسرة القضائي متضمناً التاريخ القضائي لها وما أسفرت عنه، كما خلا النص المقترح من الإشارة إلى قيام إدارة الكتاب بإنشاء نظام إلكتروني داخلي يحفظ جميع الدعاوى والأحكام والأوامر، ويتضمن ملخص القضايا بدلاً من الإشارة إلى تخصيص إدارة كتاب محكمة الأسرة لإنشاء ملف تودع فيه جميع أوراق الدعاوى والأحكام والأوامر الصادرة في الأحوال الشخصية المتعلقة بذات الأسرة، في نص يعبر عن عدم مواكبة المشروع للتعديلات التشريعية الحديثة التي أصدرها المشروع مؤخراً، والتي تعمد على تحويل المنظومة إلى رقمية وإلكترونية لا ورقية.

وفي المادة السابقة قرر المشرع بعدما أوكل لنيابة الأحوال الشخصية التي سيكون مقرها بمحكمة الأسرة إبداء رأيها في قضايا الأحوال الشخصية والجعفرية، وأناط بها اختصاص التحقيق والتصرف في الجرائم المبنية بهذا القانون، وهو ما يعني أن نيابة الأحوال الشخصية الحالية أصبح لها اختصاص نوعي لم يكن معهوداً لها سابقاً، وهو التحقيق في الجرائم المتصلة بشؤون الأسرة، بعدما كان هذا الاختصاص موكولاً لنيابات المحافظات الأخرى، وهو ما يعد تطوراً جيداً من التشريع، لكنه لا يتناسب مع فكرة وجود محكمة واحدة وفي مقر واحد.

كما نصت المادة الثامنة على أن يندب رئيس المحكمة الكلية قضاة يختصون بالإشراف على إجراءات تسوية المنازعات الأسرية والتصديق على محاضر الصلح، لتكون لها قوة السند التنفيذي ومراجعة إقرارات أطراف النزاع واستجوابهم بشأنها وآخر بتوثيقها وإصدار الوثائق المقررة لحقوق الأسرة، فإن النص المقترح وإن كان يعطي دوراً لرئيس المحكمة الكلية بالندب رغم إشارة المشروع إلى إنشاء محكمة مستقلة للأسرة ما يعني أن يكون لها رئيس، وهو ما توضح في المواد اللاحقة للمشروع، فلماذا يكون لرئيس المحكمة الكلية دور في هذا الأمر؟ والأمر الآخر لماذا يقحم قضاة المحكمة الكلية بنزاع أسري، بعدما كانت غاية التشريع منح هذا النوع من الأنزعة الخصوصية والفهم لها؟ فما علاقة قضاة المحكمة الكلية بالإشراف على إجراءات تسوية المنازعات الأسرية بدلاً من قضاة الأسرة؟! 

إنشاء ملف تودع فيه جميع أوراق الدعاوى والأحكام يصعب تطبيقه

المحكمة الكلية

والأمر الأخير، وهو لماذا يقحم القضاة، سواء من قضاة المحكمة الكلية أو الأسرية، في مراجعة هذا النوع من التوثيق؟ فأين دور السادة الموثقين التابعين لإدارة التوثيقات، خاصة أنه مسندة إليهم مهام أكبر وأعظم، ومنها إتمام الزواج والطلاق وإثبات المراجعات وغيرها من المسائل، ولذلك فإن إقحام القضاة في مسائل إدارية أو إجرائية أمر غير مبرر، ويتسبب في تأخير العمل ويرهق القضاة في أعمال ليست لهم بالأساس، بل هي من الواجبات المعهودة للسادة الموثقين، ولا يمنع من تدريبهم ورفع مهاراتهم على الأحكام الجديدة عبر دورات يلقيها السادة قضاة الأسرة في معهد الكويت للدراسات القضائية لهم بدلاً من إسنادها للقضاة!

أما المادة التاسعة فإن نصها الحالي كان يعلق رفع دعاوى التفريق بين الزوجين والطلاق إلى حين اللجوء إلى إدارة الاستشارات الأسرية، وإلا حكمت المحكمة بعدم قبولها، إلا أن المادة المقترحة في المشروع تنص على عدم جواز رفع أي دعاوى بين الزوجين، سواء بالتفريق أو النفقات أو الرؤية أو الحضانة، ما لم يتم اللجوء أولاً إلى إدارة الاستشارات الأسرية وإلا قضت المحكمة بعدم قبولها. 

ومثل هذا النص من شأنه أن يعطل حقوق المتقاضين، ويتسبب في مد الأنزعة القضائية في المسائل التي بالإمكان الفصل فيها بشكل سريع، خصوصاً إذا وضعنا بعين الاعتبار مدة ال 15 يوماً المقررة بنص المادة العاشرة في المشروع، التي تعطي لإدارة الاستشارات الفصل في الطلب بتلك المدة وجواز مدها إلى 60 يوماً بموافقة الطرفين، في حين أن مسائل النفقات والرؤية والحضانة لا يمكن ربطها بتلك المدد التي ستكون مدعاة للمماطلة والابتزاز من طرف ضد آخر، لذلك فإن توجه المشروع الحالي إلى اشتراط اللجوء لإدارة الاستشارات في كل القضايا ليس له ما يبرره.

القانون يتسبب في مد الأنزعة القضائية إلى المسائل التي يمكن الفصل فيها سريعاً

ولا ينال من ذلك ما ورد في حكم المادة العاشرة بالمشروع من أن هدف إدارة الاستشارات هو محاولة تبصير المتقاضين بالأنزعة وتقديم النصح لهم من ذوي الخبرة، ذلك أن حقوق المتقاضين في هذه المسائل تتصل بحياتهم ومعيشتهم كالنفقات، وبضم حضانتهم ورؤية أبنائهم وهو ما يتعين تركه للقضاء لتحديد مقدارها وساعاتها ونطاقها، خصوصاً أن الواقع العملي كشف عن عدم قدرة إدارة الاستشارات الأسرية على حل كل أو أغلب قضايا التفريق، فكيف لها أن تتحمل أيضاً أن تصبح إدارة واحدة في محكمة الأسرة، وتقوم باستقبال مئات الأنزعة ومن كل المحافظات، مما يجعلها أشبه بالدوائر القضائية، وهو ما يتطلب من الوزارة توفير عدد كبير من القضاة لاعتماد التسويات وجيش من الموظفين المختصين من ذوي الخبرة في المجالات الاجتماعية والنفسية والقانونية والشرعية.

وحددت المادة الحادية عشرة من القانون الحالي مهام واختصاصات قاضي الأمور الوقتية، الذي عهد إليه المشرع في القانون الحالي جملة اختصاصات تراعي مسائل سرعة الفصل في الأنزعة البسيطة، منها الفصل في الأحقية في مؤخر الصداق والنفقة المؤقتة ونفقة العدة والمتعة ومنازعات رؤية المحضون والإذن بسفر المحضون خارج البلاد وطلب منع سفره والإذن باستخراج جواز سفر للمحضون وتجديده وتسليمه والإذن باستخراج شهادة الميلاد والبطاقة المدنية وأي مستندات ثبوتية أو شخصية للمحضون وتسجيل المحضون بالمدارس الحكومية أو الخاصة وتعيين المساعد القضائي طبقاً للمادة 107 من القانون المدني واللازمة للولي أو الوصي بالتصرف في مال الصغير في حالة الضرورة مع مراعاة القيود بالمواد من 117 الى 137 من القانون المدني.

ونص المشروع على اختصاص قاضي الأمور الوقتية بإصدار أمر على عريضة في مسائل استرداد مبالغ النفقات والأجور غير المستحقة ووقفها مؤقتاً ورؤية المحضون ومبيته والإذن للولي أو الوصي أو القيم بالتصرف في أموال فاقدي الأهلية أو ناقصيها والمفقودين والغائبين والإذن للناظر أو الوصي بالتصرف في أموال الأوقاف والوصايا، كما نصت الفقرة الأخيرة من المشروع على وجوب قيام إدارة كتاب محكمة الأسرة بإخطار نيابة شؤون الأسرة لتبدي رأيها في المسائل التي تختص بها والكيفية بالبندين (و، ه) من هذه المادة.

إسناد توثيق الإقرارات الزوجية للقضاة... والأوْلَى إسناده للموثقين 

توسيع الصلاحيات

وعلى الرغم مما تضمنته المادة الحادية عشرة من المشروع من تضييق لمهام واختصاصات قاضي الأوامر على عرائض بخلاف النص المعمول به حالياً بأن قصر عليه بعض الاختصاصات كان يمارس الأوسع منها في نظر المسائل المتعلقة بالأذونات إلا أن المشروع وسّع من صلاحياته بأن أناط به إصدار الأوامر في الطلبات التي تحتاج إلى أذونات من القاضي قبل إبرامها حماية لفاقدي الأهلية أو قاصري الأهلية بعد أخذ رأي نيابة شؤون الأسرة فيها والعرض عليه للبت في الطلبات، وهو أمر محمود اتباعه، لأن الواقع العملي يكشف أن اللجوء إلى القضاء للحصول على أذونات للتصرف ليست بالمنازعة الحقيقية إنما هي طلبات تتطلب الحصول على موافقات بعد استكمالها لكل المتطلبات التي تحقق توافر عناصرها في نظر الهيئة القضائية والتي هي عبارة عن واقع يقدمه الطالب مدعماً بالمستندات والأوراق، ورأي قانوني من نيابة شؤون الأسرة يوصي بقبوله أو رفضه حفاظاً على مصلحة فاقدي أو ناقصي الأهلية، لذلك فإن إخراج هذه المنازعات من رحم القضاء الموضوعي وإسنادها لقضاء الأوامر على عرائض يعيد لهذا النوع من الطلبات حقه في العرض دون أن يستعرق وقتاً طويلاً من عقد الجلسات والآجلات التي بالإمكان حسمها في جلسة واحدة بعد أن تراعى فيها كل الشرائط المقررة.

كما تضمنت المادة خطأ في عدم إيراد الفقرة (ج) في المشروع بشأن سفر المحضون، والتي تم وضعها في المذكرة الإيضاحية ولم يتم وضعها في المشروع وفقاً للمادة المقترحة بالجدول المقارن.

تشكيل دوائر المحكمة الكلية من 3 قضاة تأكيد على جودة الأحكام القضائية

الأمور المستعجلة

وفي المادة الثانية عشرة من المشروع المقترح ورد في الفقرة الأخيرة أن الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف هي التي تقوم بتخصيص دوائر الاستئناف المستعجل للفصل في الطعون على الأحكام التي تصدرها دائرة الأمور المستعجلة في مسائل محكمة الأسرة، والتعديل المقترح يناقض فكرة المشروع من تخصيص محكمة مستقلة للأسرة، ذلك أن المقترح يشير إلى اختصاص الجمعية العامة للمحكمة الكلية في محكمة الأسرة إنشاء دائرة أو أكثر، ما يعني أن المشرع مازال يربط بين المحكمة الكلية رغم إشارته في المشروع إلى رغبته في استقلال محكمة الأسرة، وهو ما يتعين أن يكون قضاة محكمة الأسرة مستقلين ومتخصصين في الأنزعة الأسرية فقط، ويتبعون نظاما قضائيا من حيث التنظيم الإداري والدوائر مرتبطا بهذا الكيان القضائي، وهو محكمة الأسرة الكلية، بينما الأمر الآخر الذي يلفت النظر هو أن الفقرة الأخيرة عهدت لمحكمة الاستئناف تخصيص دوائر للاستئناف المستعجل رغم أن الأخيرة من اختصاص المحكمة الكلية، وربط هذا الاختصاص لمحكمة الاستئناف يمثل تعديا على اختصاص محكمة الاستئناف. 

من جانب آخر فإن الاستئناف المستعجل يتبع المحكمة الكلية، فلماذا تعهد سلطة لمحكمة هي في الواقع خارج نطاق الإشراف القضائي على هذا النوع من الدوائر.

أوكل لنيابة الأحوال الشخصية إبداء رأيها في قضايا الأحوال الشخصية والجعفرية

كما قرر المشروع إضافة المادة عشرين على قانون الأسرة بأن عهد لوزير العدل إصدار قرار بتشكيل لجنة كل سنتين برئاسة أحد رجال القضاء وعضوية اثنين آخرين من القضاة وممثل من وزارة الشؤون الاجتماعية وممثل من شؤون الأسرة والطفولة وخبير من إدارة الخبراء على أن تختص اللجنة بتحديد مقادير النفقات والأجور وفقا للأحكام والضوابط المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها. 

وقد عهد للجنة مختلطة تحديد الأجور والنفقات، منعاً للتفاوت في تحديد مقدارها، ولكي يستهدي السادة قضاة الأحوال العادية والجعفرية بها حال فصلهم في الدعاوى المرتبطة بالنفقات.

ومثل هذا الأمر سيتسبب في تعطيل سلطة القاضي وحقه في تقدير قيمة النفقات ومقدارها رغم كونها مسألة موضوعية، ويصادر حقه في البحث في تقدير النفقات ببحث كل حالة على حدة، على الرغم من أن كل حالة تختلف عن الأخرى، لذلك فإن وضع اللجنة لشرائح مالية أو تحديداً لأجور محددة سلفاً قد يتسبب في أضرار على أحد طرفي النزاع، وهو ما سيجعل أنزعة النفقات أشبه بالفورمات والنماذج المعدة مسبقاً، التي تنتظر ملء القاضي بها لأنه سيقوم بإنزال المبالغ للأجور والنفقات المحددة من تلك اللجنة سلفاً، وكان الأولى على المشروع ترك موضوع تقدير النفقات للمحكمة نفسها، وأن يسمح للقاضي بأن يستعين بأحد الخبراء في تقديم تقرير عن المركز المالي للملتزم بالنفقات خلال مدة لا تجاوز 15 يوماً بعد دراسة كل ملف على حدة.

إلغاء الوصية الواجبة... ما الحكمة؟!

تضمن المشروع إلغاء الوصية الواجبة لأسباب شرعية لا عملية، على الرغم من أن دواعي صدور قانون الوصية ذات أبعاد عملية وتأتي لمعالجة حال كشف الواقع العملي عن حدوثه يتمثل في توريث الفروع. 

وأرجع المشروع إلغاء الوصية الواجبة إلى عدة أسباب شرعية هي: أن الوصية شرعت لحكمة ارتآها المشرع، وهي أنه قد يصير أولاد من مات في حياة أبيه أو أمه من بعده في فقر مدقع، ولا كفيل لهم في زمن قل فيه الوازع الديني والتعاطف الأسري، وإيجابها تحقيق مصالح تلك الفئة، وتعويضهم عما فاتهم، ووأد ما قد يتولد في نفوسهم من بغضاء جراء حرمانهم، وتقوية لأواصرهم. وأوضحت المذكرة أن هذا التشريع في مواده الملغاة أحكام الوصية التي أوجبها ابن حزم، إذ لم يعين مقدارها ولا كيفية توزيعها، بينما حددها القانون بنصيب الفرع مما كان يرثه أصله المتوفى على ألا يجاوز الثلث، وأعطى مستحقها وهو فرع بعيد محروم في عدة حالات أكثر مما يرثه الأقرب منه إلى الميت، كما أن الوصية الواجبة عند ابن حزم تجزى بثلاثة من الأقرباء المحرومين لأي سبب، وقد حصرها القانون على الأحفاد فقط إذا حجبوا عن الإرث أو استغرق أصحاب الفروض مجموع التركة، وهذا الحصر يناقض حكمة إيجابها وينافي مقصدها، إذ يستحقها الأحفاد ولو ثبت غناهم، أو وجد من أشد منهم حاجة، كالوالدين والأجداد العاجزين عن الكسب، أو المرضى الذين لا مورد رزق يكفل لهم الرعاية والعلاج، وهذا جور يضيع الحقوق، ويورث العداوة والبغضاء بين أهل الميت، فلا ينبغي أن تكون هذه الوصية سبيلاً للإضرار بهم. 

 واضافت المذكرة ومما يستحكم به ضرر الوصية الواجبة أن قانونها لا ينطبق إلا على من تطبق عليهم أحكام قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984، فلا يشمل معتنقي المذهب الجعفري وغيره من المذاهب الأخرى بما يعد تمييزاً بين فئات المجتمع، لا سيما أن أحكامها فيه بصورتها القائمة - لم يأخذ بها أي مذهب معتبر، فتفوت الحكمة - التي شرعت من أجلها.

وأضافت المذكرة أن وصية القانون فرضت على تركة المورث دون إيجاب منه، واستحقها من لا يرثه دون توقف على قبوله وحجب فيها كل أصل ممن وجبت له فرعه، ونصيب الذكر فيها مثل حظ الأنثيين، فأصبحت في صورة الميراث، فضلاً عن تمييزها بين الأفراد وإضرارها بالعدالة.

إن الغاية من وصية القانون متحققة بما كفلته الدولة لمعيشة كل محتاج، وما جبل عليه المجتمع من فعل الخير وبذل المعروف، لا سيما بين ذوي القربى، وتتأكد بحث الأغنياء على الوصية لأقاربهم بجزء من أموالهم صدقة وبراً وصلة. 

وما ورد في المذكرة الإيضاحية لإلغاء المادة غير مبرر، ذلك أن وجود الوصية الواجبة أو عدم وجودها أمر دعت إلى تنظيمه الحاجة العملية وشرعت بموجبه أحكام ارتأى المشرع الحاجة إلى ضبطها خشية من تضرر الفروع من واقعة وفاة والدهم فزاد في نصيبهم وهو أمر لا يتسبب بعدم العدالة مثلما أشارت مبررات الإلغاء وإنما جاء درءاً لفقرهم وحاجتهم. 

كما ان ما ورد في الفقرة الأخيرة من مبررات الإلغاء من أن الدولة تمنح المعونات المعيشية وأهل الخير والمعروف بالإمكان مساعدتهم فهو أمر غير منضبط، إذ كيف للتشريع أن يسمح لهم بطلب الحاجة والتبرعات مقابل أن يتنازلوا عن حقوقهم التي لم يجمع الشرع على ممانعتها وكفلها القانون لهم، فهل من الحكمة أن نلغي عن الفروع امتيازاً رسمه القانون لحاجتهم وسد عوزهم ونطالبهم بالذهاب إلى المعونات الاجتماعية في الدولة واللجان الخيرية لاسيما في ظل عدم وجود مشاكل عملية من بقاء النص الحالي وهو الأمر الذي يثير الحكمة من وراء إلغاء مواد الوصية الواجبة، خصوصا أن الوصية الواجبة مطبقة منذ أكثر من 50 عاما بما يؤكد فاعلية أحكامها!



إلغاء محاكم الأسرة في المحافظات! 

• الاكتفاء بواحدة فقط على مستوى الكويت تضم كل قضايا الأحوال الشخصية والجعفرية

- المبرر وقف الهدر المالي وضبط منظومة العمل... لكن السلبيات أكثر

- الإلغاء سيرتب تداعيات كثيرة أقلها ضغط المنظومة القضائية

- عدد المتقاضين 10 آلاف سنوياً و20 ألف مراجعة شهرية

- إلغاء المباني الخارجية لا يواكب توجه الدولة لبناء مدن جديدة 



لا طعن أمام «التمييز» في قضايا الأسرة!

•  المشروع أغلق باب السماح للنيابة وبعض قضايا الوصاية بالطعن

• هل السوابق القضائية للمحكمة كفيلة بحسم أي نزاع بعد 50 عاماً؟

خالفت المادة الثالثة عشرة من المشروع قواعد التنظيم القضائي وأدخلت قضاء الأحوال الأسرية في إشكاليات عملية وقضائية، بعدما أغلقت باب الطعن نهائيا على الأحكام الصادرة في قضايا الأسرة، وبعدما كان مقررا الطعن بالتمييز قبل عام 2015 جاء القانون الأخير بتنظيم الأسرة وسمح بالطعن على منازعات الأسرة أمام قضاء التمييز في مسائل محددة وضيقة يعهد الطعن فيها إلى النائب العام تحديداً في الأحكام التي تتضمن مساساً بأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالنظام العام والمبين بالمادة 338 من قانون الأحوال الشخصية وللخصوم أن يطعنوا بطريق التمييز في الأحكام الصادرة بشأن الوصية والمواريث.

وترجع المذكرة الإيضاحية للنص الملغاة وفق المشروع إلى أن الغاية هي سرعة الفصل في قضايا الأحوال الشخصية والنأي بها عن إطالة أمد التقاضي وحسمها في أجل قريب. 

وسند التشريع في الإلغاء هو أن محكمة التمييز أرست الكثير من المبادئ التي عالجت معظم تلك المنازعات، فضلاً عن قلة الطعون، والغاية من إلغاء هذا الطريق غير مبرر، كما ان الأسانيد التي بني عليها سبب الإلغاء تمثل مفارقة، وهي اكتفاء المشرع في مبادئ وقواعد توقفت منذ 15 سنة لتحكم أنزعة قضائية سوف تستمر لأعوام أخرى قد تزيد على 40 أو 50 عاماً، وهو أمر غير مبرر فكيف لمشرع أن يبني قواعد ومبادئ صدر آخرها عام 2015 على أنزعة قد تصدر بعد 20 أو 30 عاماً؟! وكيف لقضاء التمييز أن يتوقف بذريعة أن مبادئه وقواعده تكفي وتغطي كل الأنزعة؟! 

ووفقا لهذا المبرر فإنه إذا ثبت لدينا حالة لم تغطها أحكام التمييز فإن الأمر سيفرض تعديل القانون لاحقاً، وهو أمر غير مبرر، إضف إلى ذلك أن الأمر سيقود أيضاً إلى إلغاء طرق الطعن بالتمييز في كل القضايا الأخرى لأن لدينا قواعد ومبادئ تكفي لأنزعتنا المستقبلية، وهو فكر تشريعي متحفظ لا يتناسب مع فكر اجتهاد القضاء وضرورة مراجعة الأحكام وتغييرها في ظل نهائية أحكام الاستئناف ومنع النيابة العامة من الطعن على الأحكام في قضايا الوصية والمواريث، وهو ما سيتسبب في خطورة صعوبة تصحيح الأحكام أو معالجتها إذا كانت صادرة من دوائر الأسرة في محكمة الاستئناف. 



المادة 20... كارثية!

• تنص على نموذج موحد للنفقة تعده لجنة قضائية 

• تمنع القضاة من النظر إلى المركز القانوني للزوج 

• ساوت بين أصحاب الملاءة المالية الجيدة والعادية

موافقة الولي والشهود

نصت الفقرة الأخيرة (د) من المادة 27 من مشروع قانون الأحوال الشخصية على أنه «يجوز أن يكون الإيجاب والقبول عن طريق وسائل الاتصال المرئية».

ويقصد بذلك إمكان عقد الزواج عن بُعد إلا أن المشروع لم ينص على جواز أخذ آراء الولي والشهود عن بُعد وذلك لإتمام عملية الزواج، تسهيلاً على المتقاضين وأوليائهم والشهود والذين قد يكونون موجودين خارج البلاد وهو ما يتعين الوقوف عليه تسهيلاً لإتمام العقود.



غياب التحول الرقمي في مشروع «الأسرة» الجديد

 لم يتضمن المشروع الخاص بتعديل قانون محكمة الأسرة إمكانية إنشاء إدارة لتحضير الدعاوى القضائية الخاصة بالأسرة ولا حتى إمكانية عقد الجلسات عن بُعد أو بالوسائل الحديثة، كما لم يتضمن إمكان عقد جلسات الاستشارات الأسرية عن بُعد أو أمام إدارة التوثيقات، مما يشير إلى أن المشروع لم يبحث إمكانية الاستعانة بالأنظمة الإلكترونية الخاصة بعقد الجلسات سواء أمام المحاكم أو الاستشارات الأسرية أو إدارة التوثيقات في ظل ما تطلبه بوجود محكمة أسرة واحدة فقط على مستوى الكويت تنظر بقضايا الأسرة كاملة سواء أمام المحاكم أو الإدارات.

back to top