البودكاست أظهر الجادين و«الرقلات»

نشر في 26-11-2025
آخر تحديث 25-11-2025 | 17:31
 ناصر الخمري

صار من الصعب أن تفتح أي منصة اليوم دون أن يطلع لك واحد قاعد قدَّام مايك ويحلف لك إن اللي بيقوله «بدون فلتر»، وإن الموضوع المطروح مهم لشريحة كبيرة. 

بسرعة قياسية، انتقلت فكرة البودكاست من كونها مساحة للمحتوى الجاد والنقاشات الهادفة، إلى ساحة مفتوحة لكل مَنْ أراد أن يجرِّب حظه في الفلسفة، والتحليل، والإفتاء في كل ما يعرفه، وكل ما لا يعرفه، إلى أن وصل الحال للتنافس على استضافة «الرقلات». 

المشكلة مو في البودكاست نفسه، الفكرة أصلاً جميلة. صوت حُر ومساحة للتعبير، وسهولة إنتاج تخليك تسمع وجهات نظر جديدة، لكن المشكلة صارت على التهافت في بروزة كل فكرة شاذة أو شخصية تافهة لجلب المشاهدات، ومن ورائها الإعلانات. 

انفتاح هذا الفضاء حوَّل البودكاست إلى مرتع «للرقلات والمخابيل»، الذين انتقلوا من منصات، مثل: «سناب شات» و«تيك توك»، وغيرها، إلى الفضاء الأوسع في هذه البرامج، وبات من المقرر على كل مَنْ يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أن يصطدم بحوارٍ «لوذعي» من هذه الحوارات البودكاستية. 

الجمهور، وللأسف، جزء من انتشار هذه الظاهرة. الناس تحب السوالف، وتحب تسمع اللي ما يُقال، وتحب تتابع «المحتوى الغريب»، حتى لو كان كلامه أقرب للابتذال من النقاش الحقيقي. 

ومثل ما يصير دايم، الأصوات العالية تغطي على الأصوات العاقلة، والطرائف تنتشر أسرع من الأفكار. وطبعاً، هذا كله ما يعني أن البودكاست السيئ سيطر، بالعكس فيه برامج محترمة بذل فيها أصحابها وقتاً وبحثاً، وضيوف يناقشون بوعي، لكنها تضيع وسط موجة ضخمة من برامج تعتمد على العشوائية، والضحك، واللقافة، وتقديم أبسط فكرة كأنها اختراع. 

الخلاصة، إن البودكاست بحد ذاته مو مشكلة، المشكلة في فكرة أن نصفق للمحتوى الهابط، وأن نواجه «الرقلات» في هذه البرامج، حتى لا نُصبح أقلية، ولأن بصراحة اللي فينا مكفينا، ودمتم.

back to top