عن الاستجواب وحُكم العدالة

نشر في 19-01-2023
آخر تحديث 18-01-2023 | 19:11
 حسن العيسى

هزّة سياسية أحدثتها النائبة جنان بوشهري في موضوع المعاشات الاستثنائية للقياديين، وفي الأغلب لا يستحق معظم هؤلاء نعت «قياديين»، فهُم ارتقوا إلى مناصبهم عبر سُلّم «اذنك خشمك»، أي حسب قواعد وأصول الواسطات والمحسوبيات التي كانت ولا تزال تُدار الدولة بها منذ أيام ولادة ثروة النفط وإلى غد غير معلوم.

وقدّمت النائبة جنان استجواباً لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان بوضعه في وجه مدفع المسؤولية باستغلال المادة 80 من قانون التأمينات، حين قرر مجلس الوزراء دفع مثل تلك المبالغ الكبيرة لهؤلاء القياديين.

فوفق صحيفة الاستجواب بالمحور الأول، وهو «إساءة استغلال السلطة»، أي سوء استعمال سلطة مجلس الوزراء في المادة السابقة، فإذا كانت هي مسؤولية المجلس، فلماذا يتم توجيه الاستجواب للشيتان تحديداً؟ ولماذا لا تكون المسؤولية على سمو رئيس الحكومة، بدلاً من تحميلها لشخص كان وزيراً في تلك الوزارة؟... توجيه الاتهام في هذه الحالة فيه ظلم وانحراف عن قواعد العدالة حين يتم تحميل وزر الانحراف لفرد، بينما هي مسؤولية جماعية.

في صحيفة الاستجواب تقرر النائبة جنان «أن هذا القرار (زيادة المعاشات الاستثنائية) صدر لاحقاً لتقديم عدد من أعضاء مجلس الأمة اقتراحاً بقانون بإلغاء نص المادة 80 من قانون التأمينات، مما يصنع رابطاً بين الفعلين... «أي أن توجّه النواب نحو إلغاء المادة ثم رد (تلاحق) مجلس الوزراء بتقرير الزيادة قبل مناقشتها»، هنا أيضاً لربما تلمّح النائبة إلى أن الوزير الشيتان كان المحرّك لهذا الرد الاستغلالي من مجلس الوزراء، لكن لماذا يتم تلبيس الشيتان هذه التهمة، ولماذا لا يكون محلها أي نائب أو وزير آخر... هل في ذلك أي صورة للعدالة؟! أيضاً في المحور الثاني تحمّل النائبة المجتهدة جنان الوزير الشيتان عبء مسؤولية تعيين عدد من القياديين، دون مراعاة ضوابط التعيين التي وضعها وزير الدولة ذاته، ودون الالتفات إلى قرارات مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن، لكن في هذا الموضع كذلك السؤال يثور: لماذا يحمل الشيتان مسؤولية التعيين هنا، بينما هي مسؤولية مجلس الوزراء بكامله؟ ولا يختلف الأمر في المحور الثالث للاستجواب عن حُكم المحورين السابقين، فلماذا كان الشيتان «وحده» المسؤول في غياب التنسيق حول استعجال عدد من مشروعات القوانين؟ هل هذا جديد في الإدارة السياسية لشؤون الدولة الغارقة في غياب الأولويات والتسابق للظهور الإعلامي وتكسُّب نجومية فارغة للشهرة على حساب هموم كبيرة للوطن؟! المقال لا يهدف إلى الدفاع عن الوزير الشيتان، بل هو تساؤل عمّا إذا تمت مراعاة قواعد العدالة وتحديد أشخاص المسؤولية، ليس في المسائل السابقة فقط، وإنما في جلّ الفوضى الضاربة في الإدارة السياسية للدولة وغياب الأولويات.

back to top