أوكرانيا توافق على اتفاق سلام مع وجود «تفاصيل صغيرة» لم تحل بعد
مفاوضات في أبوظبي لإقناع روسيا ب «البنود ال 19»... والأوروبيون خارج المعادلة
تسارع الزخم الدبلوماسي الهادف إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية منذ طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته الأسبوع الماضي، ليدخل المسار مرحلة أكثر نشاطاً.
فبعد اجتماعات جنيف التي جمعت وفوداً من أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، تم خلالها إدخال تعديلات أوكرانية على المقترح الأميركي المؤلف من 28 بنداً، نجحت واشنطن وكييف في بلورة «خطة معدّلة» تضم 19 بنداً فقط.
وتبدّل المشهد بصورة دراماتيكية: فبعدما كانت موسكو قد أبدت موافقة أوّلية على الخطة ذات ال 28 بنداً ورفضتها كييف، باتت المهمة الآن إقناع روسيا بالصيغة الأميركية – الأوكرانية الجديدة المؤلفة من 19 بنداً، في وقت وجد الأوروبيون أنفسهم خارج دائرة التأثير.
فقد اتفقت واشنطن وكييف على ترحيل القضايا غير المرتبطة مباشرة بمسار السلام، مثل مستقبل «الناتو» وأمن أوروبا — إلى مرحلة لاحقة، وهي ملفات تعدّ جوهرية بالنسبة للعواصم الأوروبية.
ونقلت شبكة «إيه بي سي نيوز» عن مسؤول أميركي، قوله إنّ «أوكرانيا وافقت على شروط اتفاق سلام محتمل وهناك بعض التفاصيل الصغيرة التي يتعين حلها».
من ناحيته، قال رستم عمروف، أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني وعضو فريق التفاوض الأوكراني، «توصل وفدانا إلى فهم مشترك بشأن البنود الأساسية للاتفاق الذي تم بحثه في جنيف».
وأضاف عمروف «نعتمد الآن على دعم شركائنا الأوروبيين في خطواتنا المقبلة ونتطلع إلى تنظيم زيارة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة في أقرب وقت مناسب خلال الشهر الجاري، لاستكمال الخطوات النهائية والتوصل إلى اتفاق مع الرئيس ترامب».
وقال مسؤولون أوكرانيون ل «أكسيوس» إن الولايات المتحدة وافقت على تعزيز مسودة ضمانات الأمن التي اقترحتها.
واتفق الطرفان على أن أكثر القضايا حساسية، وهي التنازلات الإقليمية، ستُناقش على مستوى القادة، أي بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي. كما اتفق الجانبان على إخراج القضايا غير المرتبطة مباشرة بعملية السلام في أوكرانيا، مثل مستقبل «الناتو» وأمن أوروبا والعلاقات الأميركية - الروسية، من إطار العمل.
ومع ذلك حافظ زيلينسكي على حذره، وأكد أمس أن الخطة المعدلة «تضمنت بعض التعديلات الجيدة»، لكنه أشار إلى أن بعض القضايا الحساسة سيبحثها لاحقاً مع ترامب.
محاولة إقناع روسيا
وعقد وزير الجيش الأميركي دان دريسكول محادثات مع مسؤولين روس في العاصمة الإماراتية أبوظبي في محاولة لإقناع روسيا ب «الخطة المعدلة».
وقال المتحدث باسم دريسكول إن الأخير اجتمع مع مسؤولين روس طوال يوم أمس، واصفاً سير المحادثات بأنه جيد.
وذكر مصدر مطّلع أن وفداً أوكرانياً برئاسة رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال كيريلو بودانوف موجود أيضاً في أبوظبي، ويعقد محادثات مع الفريقين الأميركي والروسي. وقال المصدر إن رئيسي الاستخبارات العسكرية في كل من أوكرانيا وروسيا كانا مقرّراً أن يجتمعا في أبوظبي حول موضوع مختلف، غير أن زيارة دريسكول فاجأت الأطراف وغيّرت الخطة الأصلية.
وقالت الرئاسة الروسية (الكرملين)، أمس، إن موسكو تتفهم وجود تعديلات على النص المتداول ل «خطة ترامب»، مؤكدة متابعة وبحث الخطة بالتفصيل في الوقت المناسب.
وأوضح المتحدث باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف أن موسكو تسلمت مسودة الخطة، واعتبر أنها «تتوافق إلى حد كبير مع روح تفاهمات قمة ألاسكا» بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
واستدرك بيسكوف بأن بلاده لم تتسلم بعد نسخة الخطة المعدلة، موضحاً أن أي نظام أمني مستقبلي يستدعي مشاركة أوروبية وهو أمر ستتم مناقشته في مرحلة لاحقة.
ولفت إلى أن الوضع الراهن «ملائم جداً لروسيا التي تواصل تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية»، داعياً كييف وحلفاءها إلى الصحوة من «وهم هزيمة روسيا». وحذر من أنه في حال رفضت كييف المبادرة الأميركية، فإن ما حصل في مدينة كوبيانسك المحررة في مقاطعة خاركوف مؤخرا، سيتكرر حتماً في جبهات أخرى، في إشارة إلى سيطرة روسيا على منطقة خارج حدود المناطق الأوكرانية الأربع التي أعلنت ضمها من جانب واحد.
من ناحيته، ألمح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنه إذا ابتعدت الوثيقة الجديدة عن تفاهمات ألاسكا، فإن روسيا لن تقبل بها.
ولم يتضح ما إذا كانت الخطة الأميركية الأوكرانية المعدلة قد أخذت بعين الاعتبار الملاحظات الأوروبية. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، إن «خطة ال 28 بنداً» بحاجة إلى تحسينات لتصبح مقبولة لكييف وأوروبا، وأضاف «نريد السلام، لكننا لا نريد سلاماً يكون استسلاماً حقيقياً».
وأشار إلى أن خط الدفاع الأول لأوكرانيا في حالة إحلال السلام مع روسيا سيكون تجديد جيشها، ولا يمكن أن تكون هناك قيود على ذلك.
وذكر أن الأصول الروسية المجمدة موجودة في أوروبا، وهي وحدها صاحبة القرار بشأن كيفية التصرف فيها. وتنص الخطة الأميركية على وضع حد لقوام الجيش الأوكراني وتمنح الولايات المتحدة بعض السيطرة على الأصول الروسية المجمدة.