حميدتي يعلن هدنة أحادية... والبرهان يصفها بالمناورة
مستشار ترامب: قدمنا خطة لإنهاء الحرب لكن لم يقبلها طرفا الصراع
عقب ساعات من إعلان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، رفض مبادرة تقدمت بها الرباعية الدولية لوقف إطلاق النار وإنهاء النزاع الدامي المتواصل في بلده منذ نحو عامين ونصف العام، أعلن قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ليل الاثنين، هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تشمل وقف الأعمال العدائية من جانب واحد.
وقال حميدتي، في كلمة مسجلة «استجابة للجهود الدولية المبذولة، وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومساعي دول الرباعية والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيغاد، نعلن هدنة إنسانية، والموافقة على تشكيل آلية مراقبة دولية ميدانية لضمان تنفيذها ووصول المساعدات بأمان إلى المحتاجين».
وشدد حميدتي على التزامه بمحاسبة «أي شخص يثبت تورطه في انتهاكات ضد المدنيين، وأن العدالة ستأخذ مجراها وفق القوانين الوطنية والدولية». وأكد قائد القوات التي تسيطر على كل إقليم دارفور بغرب السودان، ونحو نصف إقليم كردفان بجنوب ووسط البلد التزامه بالسلام، بعد إعلانه في 7 نوفمبر الجاري قبول قواته بهدنة اقترحاتها الرباعية الدولية التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة مصر، والسعودية، والإمارات.
رفض المناورة
وفي وقت تزيد خطوة حميدتي في الضغوط على الجيش الذي يرفض الاستجابة لمبادرات السلام، ويراهن على الحسم العسكري رغم الكارثة الإنسانية الناجمة عن الصراع، وصف وزير الإعلام بحكومة الخرطوم، خالد الإعيسر، اليوم، إعلان قائد «الدعم السريع»، عن هدنة بأنه «خداع للمجتمع الدولي وتلميع لصورته المشوهة».
وقال: «ما أعلنه قائد الميليشيا المتمردة بشأن الهدنة لا يعدو كونه مناورة سياسية مكشوفة، تتناقض تماماً مع الواقع المرير الذي ارتكبته قواته، من حصار المدنيين العزل وتجويعهم وقصف المدن بالطائرات المسيّرة، إلى جرائم مروعة في الفاشر وبارا».
ودعا الإعيسر المجتمع الدولي إلى إدراك المناورة المفضوحة، وأن «يضغط على الميليشيا لتنفيذ خريطة الطريق المودعة لدى الأمم المتحدة التي قدمها البرهان، بوصفها السبيل الأجدى لطي صفحة المعاناة واجتثاث مسببات الحرب من جذورها بهدنة دائمة، ووفق أسس موضوعية تستجيب لتطلعات الشعب نحو السلام».
وفي موازاة ذلك، أكدت وزارة الخارجية، في بيان، أن حكومة الخرطوم منفتحة على كل مبادرات إنهاء الصراع، ومستعدة للانخراط بأي مسار لإحلال سلام عادل وشامل، مثمنة «الطرح الذي قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن السودان خلال لقائه بالرئيس ترامب».
غير أن الخارجية السودانية اعتبرت أنه «لا يمكن أن تكون الإمارات طرفاً في صناعة السلام والاستقرار».
في غضون ذلك، أكد المبعوث الأميركي لإفريقيا، مسعد بولس، خلال مؤتمر مشترك مع المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، أن ترامب يعتبر إنهاء الحرب في السودان أولوية، وأن واشنطن قدمت للجيش وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية خطة بصياغة قوية، لكنها لم تلق قبول طرفي النزاع على السواء.
وقال بولس من أبوظبي إن الإدارة الأميركية تندد بالفظائع التي ارتكبتها «الدعم السريع» والجيش، وتدعو لمحاسبة المتورطين، مضيفاً أن «مستويات المجاعة والنزوح في السودان لا مثيل لها».
وأشار إلى الإعلان الأحادي من جانب «الدعم السريع»، معرباً عن أمل بلده بأن «يصمد وأن يلتزم الطرفان به».
ونفى مبعوث ترامب صحة الاتهامات التي وجهها قائد الجيش السوداني للجنة الوساطة بالانحياز للإمارات.
وقال بولس، في رد على سؤال بشأن اتهامات البرهان له بترديد مواقف الإمارات «كان يُشير إلى شيء غير موجود ولا نعلم عنه شيئاً».
وختم مؤكداً أن «واشنطن تعمل بشكل وثيق مع طرفي الصراع»، داعياً إياهما إلى قبول النص الشامل الذي قدمه لإنهاء الحرب وإحلال السلام.
تنديد إماراتي
من جهته، رحب قرقاش بالجهود التي تبذلها القيادة الأميركية، من أجل «إنهاء الفظائع في السودان»، منددا بالجرائم التي ارتكبها الجيش والدعم السريع».
وشدد على أنه «لا يمكن للجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة أو ذات الصلة الواضحة بجماعة الإخوان أن تحدد مستقبل السودان»، مؤكدا أنه «لا حل عسكرياً للحرب»، وداعياً إلى إجراء محاكمات عادلة للمتورطين بدماء السودانيين.
وفي رد ضمني على اتهامات حكومة البرهان لبلده بمساندة «الدعم السريع» عسكرياً، أوضح قرقاش أن «الادعاءات الكاذبة والمعلومات المضللة لن تثني بلاده عن مواصلة العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإنهاء الحرب السودانية». ورأى أن حكومة مدنية واحدة تشكل سبيلاً لإنهاء المأساة.
وقبل ذلك، دعت الخارجية الإماراتية إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار لإنهاء الحرب الأهلية في السودان.
وقال بيان لوزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي بوزارة الخارجية الإماراتية، ريم بنت إبراهيم الهاشمي: «ومرة أخرى، يرفض الفريق البرهان كل المساعي الرامية إلى إحلال السلام. فمن خلال رفضه لخطة السلام الأميركية للسودان، ورفضه المتكرر للقبول بوقف إطلاق النار، يُظهر باستمرار سلوكاً مُعرقلاً. يجب التنديد بهذا السلوك، إذ يظل الشعب السوداني هو من يتحمّل الثمن الأكبر في هذه الحرب الأهلية».
وأضافت: «تتابع الإمارات بقلق بالغ سلوك طرفي النزاع، حيث يقود تصعيدهما العسكري ورفضهما المتكرر لتيسير وصول المساعدات الإنسانية السودان إلى حافة الانهيار».
وعبّرت الهاشمي عن ترحيب بلدها بجهود ترامب «لمنع انزلاق السودان نحو التطرّف والتفكك، والحيلولة دون تفاقم الكارثة الإنسانية»، مؤكدة أن «توحيد الجهود الإقليمية والدولية أمر أساسي لوضع حد للفظائع المرتكبة ضد المدنيين. يجب علينا أن نعيد إرساء مسار موثوق يقود إلى سودان آمن وموحد وقابل للحياة».