«الأحوال الشخصية» الجديد... ما له وما عليه
• دراسة لـ «الجريدة» عن مشروع «العدل» تنتهي إلى تضمُّنه ملاحظات دستورية رغم مزاياه
• شهد تعديل 134 مادة وأبقى على 194 وأضاف 38... ويعرض قريباً على مجلس الوزراء
• حرم غير المسلمة المتزوجة من مسلم من الحضانة بسبب دينها بما يتعارض مع الدستور
• سمح بنقل حضانة الابنة بعد سن 12 عاماً بما لا يراعي طبيعة الأنثى ومتطلباتها النفسية
• حدد سن انتهاء الحضانة بـ 18 عاماً بعدما كانت مرتبطة سابقاً بالزواج والدخول الشرعي
• جعل إثبات وفاة الشخص المفقود بعد سنة من ضياعه لا 4 وهو ما يحتاج للمراجعة
• أضاف مادة توجب على الزوجة خدمة زوجها والاعتناء به وعدم الخروج من مسكنه إلا بإذنه
• ألفاظ مثل «عليَّ الطلاق» و«عليَّ الحرام» توجب الانفصال إذا كان القسم مقصوداً
رغم ما حمله قانون الأحوال الشخصية، الذي أعدته وزارة العدل، والمتوقع عرضه قريباً على مجلس الوزراء لإقراره، من مواد وتعديلات تواكب التطورات في مسائل الأحوال الشخصية وتعالج الكثير من مثالب القانون الحالي، فإن كثيراً من تعديلاته تضمنت ملاحظات ينبغي تداركها قبل إقرار القانون، خصوصاً أن بعضها يتعارض مع الدستور، فضلاً عن صعوبة تطبيق البعض الآخر.
ووفقاً لدراسة أعدتها «الجريدة»، بلغ عدد المواد المعدلة بالقانون الصادر منذ عام 1984، عدد 134 مادة، في حين تم الإبقاء على 194 مادة، وإضافة 38 أخرى حديثة، ليكون إجمالي مواد القانون المقترح 366 مادة.
ومن أبرز الملاحظات على مشروع القانون المعدل ما يتعلق بحضانة الأطفال، إذ بموجب التعديلات «تُحرم غير المسلمة المتزوجة من مسلم من الحضانة، بسبب دينها»، وهو ما يتعارض مع الدستور، في حين كان القانون الحالي يمنحها الحضانة حتى بلوغ الطفل سبع سنوات، فضلاً عن تعديله ترتيب الحاضنين، والسماح للأب بعد وصول الابنة المحضونة إلى سن 12 عاماً أن يطلب نقل حضانتها إليه حتى 18 عاماً، بعدما كان انتهاء الحضانة مرتبطاً في السابق بالزواج والدخول الشرعي متجاهلاً طبيعة الابنة في هذه السن، ومدى حاجتها إلى أمها.
وأضاف المشروع مادة جديدة تنص على «ضرورة أن تخدم المرأة زوجها وتعتني به، وألا تخرج من مسكن الزوجية إلا بإذنه، وفي حال امتنعت عن ذلك جاز له أن يطلب من المحكمة فسخ عقد الزواج لعدم انصياعها لأوامره وطلباته»، كما كان لافتاً اعتماد القانون وقوع الطلاق في حال استخدام الأزواج ألفاظاً من قبيل «عليَّ الطلاق» و«عليَّ الحرام»، معتبراً ذلك طلاقاً ثابتاً إذا كان مقصوداً بها القسَم.
ومع أن القانون المعدل حظر زواج من تقل سنهم عن 18 عاماً، كما هو معمول به الآن وبما يتوافق مع أحكام الدستور والشريعة ويراعي التزامات البلاد الدولية، فإنه فتح باب الاستثناءات، إذ أجاز للقاضي أن يأذن بالزواج لمن هم أقل من هذه السن، في حال «كانت الزوجة يتيمة ولا قريب لها وبحاجة إلى رجل، أو في ذلك الزواج إحصان لرجل يحتاج إلى النساء وخيف عليه من الزنا، أو كان يعاني مرضاً يساهم الزواج في شفائه».
في المقابل، تحتوي التعديلات على مزايا كثيرة من ضمنها إمكانية إتمام مراسيم وإجراءات الزواج عن بُعد باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، إلى جانب إدخال الحمض النووي في حال اختلاط المواليد أو التنازع على مجهول النسب.
وألزم المشروع المرأة التي تدعي وقوع ضرر عليها بإثبات ذلك بالشهود والقرائن التي يتأكد منها القاضي، في مؤشر يعكس ضرورة الجدية في تقديم طلبات الطلاق، كما أضاف مادة جديدة إلى مواد الخطبة تتضمن السماح لطرفي الخطبة بنظر كليهما إلى الآخر والحديث معه بلا خلوة.
وفي تفاصيل الخبر:
في قراءة لمشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي أعدته وزارة العدل، والمتوقع عرضه قريباً على مجلس الوزراء تمهيداً لإقراره، فإننا نرى أنه يتضمن العديد من الملاحظات، حيث احتوى الكثير من التعديلات، التي تضمنت أحكام القانون الحالي والصادر منذ عام 1984، حيث بلغ عدد المواد المعدلة للقانون 134 مادة، فيما تم الإبقاء على 194 مادة وإضافة 38 مادة حديثة، ليكون إجمالي مواد قانون الأحوال الشخصية المقترحة 366 مادة.
وتضمنت أبرز التعديلات على أحكام القانون لأحكام الزواج ومقدماته، حيث نصت المادة الأولى على أن عقد الزواج هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً، يرتب حقوقاً وواجبات بينهما غايته السكن والإحصان وقوة الأمة، بعدما خلا النص الحالي من كلمتين أن عقد الزواج يرتب حقوقاً وواجبات بينهما، كما أضاف التعديل مادة جديدة للخطبة، حيث نصّ على أن لطرفي الخطبة النظر إلى بعضهما والحديث معاً بلا خلوة.
ورغم أن المشروع نص على الخطبة إلا أنه نصّ جوازي وليس إلزامياً على طرفي العلاقة بأن ترك لهما خيار الرؤية والنظر ولكن بوجود أحد معهما أو ما يشير إلى عدم وجود خلوة بينهما، وفي المادة العاشرة المضافة نص المشروع على أن أركان عقد الزواج:
الزوجان والإيجاب والقبول.
كما أضاف التشريع في المادة الحادية عشرة المضافة أنه يشترط في الزوجين (أ- الأهلية، بالبلوغ والعقل ب- الرضا ج- الخلو من الموانع د- تعيينهما تعييناً قاطعاً)، حيث تطلب المشروع تعيين الزوجين عند الزواج وبيان ذكر أسمائهما عند العقد.
قبول الزواجأباح لطرفي الخطبة النظر إلى بعضهما والحديث معاً بلا خلوة
وفي الفصل الثاني من المشروع نصّ على إلغاء المادة 8، التي تنصّ على أن ينعقد الزواج بإيجاب من ولي الزوجة وقبول من الزوج أو ممن يقوم مقامهما، وجاء سبب الإلغاء إلى أنه منعاً للبس في مفهوم المادة من اعتبار إيجاب الولي ركناً في عقد الزواج.
وقد صرح المشروع في عدم إيجاب الولي شرطاً لصحة الزواج لا ركناً فيه، وهو ما ورد في حكم المادة 29 المضافة، التي نصت على أنه يشترط لصحة الزواج الولي وشهادة شاهدين.
ونصت المادة 30 المعدلة بشأن الولي والوكالة في الزواج على ان:
أ- الولي في الزواج هو الأب ثم وصية ثم الجد لأب ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم الابن ثم العم الشقيق ثم الأقرب عصبة بالنفس حسب ترتيب الإرث فإن لم توجد العصبة فالولاية للقاضي.
ب- لا يصح زواج الولي الأبعد مع وجود الأقرب إلا بتوكيل.
ج- إذا استوى الأولياء في الدرجة تقدم من عينته المرأة منهم وإن لم تعين جاز تولي أي منهم عقد الزواج إلا إذا غاب ولي المرأة غيبة منقطعة وتعذر الاتصال به وكان في انتظاره تفويت لمصلحة المرأة فينقل القاضي ولاية التزويج بناء على طلب المرأة إلى الولي الذي يليه.
ه- القاضي ولي من لا ولي له.
الوسائل الحديثةإمكانية إتمام مراسيم وإجراءات الزواج عن بُعد باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة
والملاحظ في النص المقترح وتحديداً في الفقرة (ب) أنه قرر بعدم صحة زواج الولي الأبعد مع وجود الأقرب إلا بتوكيل، على الرغم من أن المشروع أجاز الزواج عن طريق عقد الزواج عن طريق الوسائل الحديثة فلماذا يحتاج الزواج اليوم إلى توكيل من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد فيعطل الزواج في حين أنه بالإمكان أخذ موافقته عن طريق وسائل التقنية الحديثة ذلك أولاً.
الأمر الثاني أن المادة أشارت في الفقرة (ج) إلى أنه في حال استوى الأولياء في الدرجة تقدم من عينته المرأة منهم، وفي الفقرة (ب) لا يصح زواج الولي الأبعد مع وجود الأقرب إلا بتوكيل، وهو ما يثير أمر تعطيل الزواج بسبب عدم وجود الأقرب ووجود الأبعد إلا بتوكيل على الرغم من تجاهل الفقرة (ب) حق المرأة في اختيار وليها حال تعددهم الواردة في الفقرة (ج) وكذلك بإمكان الاستعانة بفكرة الوكالة للولي بعد توكيل من الولي الأقرب لغيابه رغم إمكان أخذ موافقة الأقرب عن بعد ووفق وسائل الاتصال الحديثة ووفق أيضاً بحل اختيار الزوجة بأن يكون وليها الأبعد هو من يزوجها طالما كان متاحاً، ونصت الفقرة (ج) بحقها في الاختيار للولي حال تعددهم وكانوا بذات الدرجة.
كما نصت المادة 32 المضافة على الآتي:
يتولى ولي المرأة عقد زواجها برضاها ويجب أن يضمن العقد ما يثبت الرضا.
والفقرة المضافة بند (أ) بنصها في الشق الأول منها تكفي الوضوح بأن عقد الزواج يجب أن يكون برضاء الزوجة، لكن الأمر الذي يصعب تحقيقه عملياً ما ورد في الشق الثاني من البند، الذي تطلب أنه يجب أن يضمن العقد ما يثبت الرضا، فهل المقصود هنا بما يثبت الرضا توقيع الزوجة وإقرارها بشكل يعكس الرضا كأن تكتب إقراراً بذلك، وهو تزيد غير مبرر من الناحية العملية ويصعب إثباته.
كما نص المشروع في المادة 70 المقترحة على مفهوم الخلوة، في خطوة هامة توضح معنى الخلوة التي تحصل المرأة بسببها المهر كاملاً رغم عدم دخول الزوج بها، حيث نصت المادة
أ- يتأكد المهر كله بالدخول الحقيقي أو بالخلوة الصحيحة أو بموت أحد الزوجين.
ب- الخلوة الصحيحة هي انفراد الزوجين في مكان دون مانع من الوطء، ولذلك إذا لم يكن هذا المكان لا يمنع من الوطء فلا تصح اعتبار ما حدث من تجمع بين الطرفين بخلوة.
ونصت المادة 85 المضافة، والتي ترتبط بالمادة عشرين المضافة بقانون الأسرة بشأن تحديد الأجور والنفقات التي تحددها لجنة مختلطة التشكيل، على أنه يجب أن يراعى في تقدير النفقات والأجور الحاجة وتكلفة المعيشة وأحوال المنفق والزمان والمكان والعرف وما تقدمه الدولة من خدمات وما يصرف من مخصصات ومساعدات على نحو ما تنظمه اللائحة التنفيذية للقانون.
ونصت المادة 88 المضافة على جواز زيادة النفقة أو الأجرة بتغير الأحوال تغيراً مؤثراً، ولا تسمح دعوى الزيادة أو النقص قبل مضي سنتين على فرض النفقة أو الأجرة بحكم نهائي إلا في الحالات الاستثنائية الطارئة، وتكون الزيادة والنقص من تاريخ الحكم.
الظروف الاستثنائيةالمهر يتأكد كله بالدخول الحقيقي أو بالخلوة الصحيحة أو بموت أحد الزوجين
وأشارت المذكرة الإيضاحية للمادة إلى أن المقصود بالظروف الاستثنائية التي تسمح برفع دعوى زيادة النفقة قبل سنتين إذا تغير حال الأب في حال الميراث أو الإفلاس.
وبشأن النفقات السابقة التي كان يسمح القانون الحالي للمرأة برفعها بأثر رجعي عن مدة سابقة لا تزيد على السنتين قرر المشروع في المادة 91 بعد تعديلها بأن تلك المادة لا تزيد على ستة أشهر، ما يعني أن المرأة لا يحق لها المطالبة عن فترة ماضية قبل ستة أشهر.
وأرجع المشروع السبب في تقليص مدة المطالبة التي كان يسمح للمرأة المتمسكة بنفقتها الزوجية من سنتين ماضيتين إلى 6 أشهر فقط إلى أن الغالب أن الزوجة لا تسكت عن طلب نفقتها فوق ستة أشهر إلا إذا كانت تنالها من الزوج، فتكون دعواها عدم الإنفاق زمناً طويلاً من الدعاوى الكاذبة غالباً.
ومثل تلك القرينة التي استخلصتها المذكرة الإيضاحية للمادة غير مبررة بكذب دعاوى المرأة وعدم صدقها إذا طالبت بنفقات قبل ستة أشهر، وكان يفترض بالمشروع أن يشير إلى صعوبة إثباتها أو عدم معقوليتها عملياً في وقت تتضح الحقوق لدى الزوجة وليس الإشارة في مقام كالمذكرة الإيضاحية إلى كذب دعاوى المرأة!
ونصت المادة 16 بعد تعديلها في المشروع على عدم وقوع أشكال محددة من الطلاق فرضها الواقع العملي، حيث نصت على أنه
أ- لا يقع الطلاق المضاف إلى المستقبل.
ب- لا يقع الطلاق المعلق إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه أو تصديق خبر أو تكذيبه إلا إذا قصد به الطلاق.
ج- لا يقع الطلاق بالحنث بيمين الطلاق أو الحرام إلا إذا قصد به الطلاق.
التطليقات الثلاثجواز زيادة النفقة أو الأجرة بتغير الأحوال تغيراً مؤثراً بعد سنتين من الحصول عليها
ونص المشروع في المادة 133 المضافة على أن كل تفريق بين الزوجين يوقعه القاضي يعد فسخاً ويكون فرقة بائنة بينونة صغرى ولا تحسب من التطليقات الثلاث.
وأرجعت المذكرة الإيضاحية استعاضة المشروع بالفسخ بدلاً من التطليق التي اعتمد عليها قانون الأحوال الشخصية الحالي إلى أن التطليق لفظ لم يذكره الزوج أو كان بإرادته وإنما من المحكمة، واعتبار التفريق الصادر من القاضي فسخاً أولياً من اعتباره طلاقاً بائناً لئلا يتضرر الزوج باحتساب طلقة عليها لا إرادة له فيها، لاسيما إن كان مسبوقاً بطلقتين فيتاح للزوجة أن تعود، واختار المشروع هذا القول للمصلحة.
بينما نصت المادة 139 المعدلة على الآتي:
لكل من الزوجين قبل الدخول أو بعده أن يطلب الفسخ بسبب إضرار الآخر به قولاً أو فعلاً أو إخلاله بالواجبات والحقوق الزوجية المنصوص عليها في هذا القانون أو لاستحكام الشقاق بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما.
حقوق الزوجينإذا امتنعت الزوجة عن خدمة الزوج جاز له طلب فسخ العقد من المحكمة لعدم انصياعها لأوامره
ومثل تلك المادة سوف تتسبب في زيادة أعداد الطلاق إذا ما تأكدت رغبة المشروع في إقرار المواد 58 و59 و60 المشار إليها بحقوق الزوجين، كما أن مصطلح الشقاق سيساهم في زيادة أعداد الطلاق لكونه غير محدد ويتسع معناه ويصعب إثباته، فانزعاج الزوجة أو كره الرجل شقاق، ولذلك فالأولى بالمشروع أن يضيق حالات الطلاق ومساحات الخلاف التي تسمح لأي منها باللجوء إليها عند طلب الطلاق للضرر أو الفسخ بحسب تعديل المشروع.
كما نصت المادة 146 المعدلة لنص المادة 133 من القانون الحالي، والتي تنص حالياً على أن يثبت الضرر بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، على أن يكون النص وفق المشروع يثبت الضرر بالشهادة وبقرائن الأحوال.
ومثل هذا التعديل جيد من حيث عدم اشتراطه نصاباً أو عدداً معيناً في الشهود لإثبات الضرر، كما ورد في القانون الحالي، إلا أنه أضاف شرطاً آخر لإثبات الضرر للطلاق أو لفسخ العقد، وهو إلى جانب الشهادة وبقرائن الأحوال.
ومثل هذا الشرط سيجعل القاضي أكثر بحثاً واستنباطاً للأحوال التي من شأنها تبرر الطلاق أو لا تبرره وتجعل له سلطة في تقديرها رغم ثبوت الضرر بالشهادة، مما سوف يصعب حكم الطلاق أو الفسخ حال اللجوء إلى القضاء، وبما يجعله أكثر جدية من النص الحالي في حال تمسك القضاة بسلطتهم حرفيا في أمر ثبوت القرائن، كما أوردها المشروع بتحقق قرائن الأحوال والإمارات بوجود الضرر أو عدم تحققها.
إعلان وفاة المفقودعدّل سن الحضانة إلى 18 عاماً بعدما كانت مرتبطة سابقاً بالزواج والدخول الشرعي
ونصت المادة 60، المعدلة لحكم المادة 146 الحالية، على أنه يحكم بموت المفقود بعد مضي مدة يقدرها القاضي على ألا تقل عن سنة ولا تزيد على أربع سنوات تبدأ من تاريخ فقده، وذلك بعد التحري عنه لمعرفة حياته من مماته.
ومثل هذا النص غير مبرر نحو تقليص الحكم بموت المفقود بمدة لا تقل عن سنة، بعدما كان النص الحالي يشير إلى الحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده، وذلك لأن النص الحالي لم يشترط أن الفقد يغلب عليه الهلاك، وقلص المدة إلى سنة، وهي مدة قصيرة تترتب عليها مراكز أخرى كزواج المرأة من آخر، والميراث، وغيرها من الحقوق المرتبطة بالوفاة باعتبار أن الحكم للمفقود يأخذ حكم الميت.
وفي المادة 185، المعدلة لحكم المادة 168، التي تنص على أنه لا يثبت النسب من الرجل إذا لم يتمكن من أن يأتي منه الولد لمانع خلقي أو مرضي، ويشترط لانتفاء النسب في هذه الحالة أن يثبت المانع بتقرير طبي معتمد مؤيد بفحص الحمض النووي.
ومثل هذا التعديل يظهر استعانة المشروع بفحص الحمض النووي فيما يخص انتفاء النسب للرجل إذا لم يكن أن يأتي منه الولد لمانع خلقي أو مرضي، كما أدخل المشروع أغلب المواد المتصلة بالنسب ونفيه بفحص الحمض النووي بخلاف المشروع الحالي في تأكيد لعدم خلط المواليد والأنساب بالاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة للإثبات.
ونصت المادة 192 من المشروع، وهي إحدى المواد المضافة، على أنه ومراعاة للأحكام الواردة في هذا الباب للمحكمة عند اختلاط المواليد أو في حال الحوادث أو الكوارث أو عند التنازع على مجهول النسب أن تأمر بإجراء فحص الحمض النووي، وعليها أن تحكم بما تنتهي إليه نتيجة الفحص.
وفي باب الحضانة فقد أجرى المشروع تعديلاً كبيراً في قواعد الحضانة، تضمنت ترتيب الحاضنين وسن الحضانة، حيث نصت المادة 207 المعدلة لأحكام المادة 189 من المشروع على أنه:
أ- الحضانة هي حفظ الولد وتربيته ورعايته والقيام على مصالحه بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية.
ب- وتثبت على الصغير والصغيرة اللذين لم يبلغا ثماني عشرة سنة شمسية، كما تثبت على المجنون والمعتوه ذكراً كان أو أنثى.
ج- وهي حق له على الوالدين معاً ما دامت الزوجية قائمة بينهما فإن افترقا كانت الحضانة للأم ثم للأب ثم لأم الأب ثم لأم الأم ثم لمن تقرر المحكمة أنه الأصلح للحضانة.
د- للمحكمة بناء على طلب الأب أن تقضي بنقل الحضانة إليه متى بلغ المحضون اثنتي عشرة سنة شمسية.
ه- تكون الحضانة للأم ثم للأب من بعدها بقوة القانون.
سن الحضانة
والنص السابق قد يثير جدلاً كبيراً على الواقع الأسري والاجتماعي وذلك من عدة أوجه:
أولاً: انه قرر وضع سن للحضانة حتى سن 18 سنة شمسية، سواء كان المحضون ذكراً أو أنثى بخلاف النص السابق الذي كان يحدد الحضانة للولد حتى البلوغ والبنت حتى الزواج والدخول بها، ولم يكن هذا النص يثير خلافاً واقعياً بأن فرق المشرع بشأن حضانة الذكور والإناث، في حين عمد النص الحالي على مساواة الاثنين بشأن عمر الحضانة رغم اختلاف طبيعة كل محضون، والاهتمام الواجب تحقيقه له وطبيعة الرعاية له.
ثانيا: ان المشروع نقل الحضانة من الأم إلى الأب وليس إلى أم الأم وفق القانون الحالي، وهو تعديل كان يتعين أن ينظر إلى طبيعة المحضون وأهميته وإلى أواصر التربية التي تحظى الأم بتحقيقها، فمثلاً إن فقدت الأم الحضانة تذهب لأمها ثم للأب ثم لأم الأب، بينما النص الحالي بعد الحضانة للأم ثم للأب ثم أم الأب ثم أم الأم، وهو ترتيب غير مبرر، ويبتعد عن الدواعي الاجتماعية ويتمسك بالدواعي الفقهية رغم عدم اتفاق الآراء الفقهية لمثل هذا الترتيب في تقرير الحضانة.
ثالثا: الفقرة الثالثة من المادة أعلاه تأتي بحكم غير مفهوم وغير مبرر، إذ تعطي للأب أن يطلب حضانة الأبناء ذكراً كان أو أنثى إذا بلغوا سن ال12 عاماً، على الرغم من أنه ينص على حضانة الأم مثلا ابتداء على المحضون وحتى سن 18 ثم يسمح للأب بطلب نقل الحضانة إليه متى بلغ المحضون سن 12 عاماً، ويثور التساؤل هنا كيف تتم مراعاة حق الأم بحضانتها وفق حكم الفقرة الثالثة من المادة باعتبارها صاحبة الترتيب مع حكم الفقرة الرابعة التي تمنح الأب حق طلب نقل الحضانة إليه؟ ثم كيف لأب أن يرعى محضونة أنثى لمجرد بلوغها سن 12 عاماً، ويراعي شؤونها؟ وهذا أمر غير مبرر لكون البنت لها احتياجاتها وظروفها، وفيما يخص تربيتها والتعامل مع خصوصياتها النسائية والنفسية، فكيف يسند المشروع للأب مثل هذا الدور الذي هو بالأساس دور للأم وحدها أو دور جدتها، ولذلك فالمادة بفقرتها الرابعة غير مبررة وغير مفهومة وتناقض حكم الفقرة الثالثة منها، كونها تمثل تعديا على حق الأم بحضانتها طالما لم يطرأ طارئ أو مانع على حضانة الأم.
كما أن المبرر الذي أشار إليه المشروع في مذكرته الإيضاحية بأن المحضون بعد سن الثانية عشرة ذكراً كان أو أنثى يعتني بنفسه ويستغني عن خدمة النساء، وهو مبرر غير صحيح، بل حاجة الأنثى لأمها بعد هذه السن أكثر بكثير من حاجتها لوالدها بحكم طبيعتها النسائية.
وفي حكم المادة 192 الواردة في القانون الحالي، ألغى المشروع حق المرأة غير المسلمة في حضانة أولادها بذريعة عدم الإسلام، على الرغم من أن النص الحالي كان يسمح لها بالحضانة من زوجها المسلم حتى سن السابعة، في حين ألغى المشروع الحالي حق المرأة غير المسلمة لأن المشروع أخذ بقول اشتراط إسلام الحاضن المنصوص عليه بالمادة 208.
ومثل هذا الإلغاء غير مبرر وقد ينطوي على شبهة عدم الدستورية ومخالفة حكم المادة 29 من الدستور، والتي تؤكد عدم التمييز في الحقوق بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، ولما كان إلغاء تلك المادة بمنع غير المسلمة بالحضانة لأبنائها لسبب الدين فإنها تنطوي على شبهة عدم الدستورية.
وكان الأولى من المشروع استثناء هذه الحالات، لأن النص السابق كان يمنح الأم الحضانة حتى سن السابعة، أي ينظمها بعض الشيء، بينما المشروع الحالي يلغيها تماماً بما يضر حق المرأة غير المسلمة في طلب الحضانة بسبب ديانتها، وهو ما يتعين مراجعته من قبل واضعي التشريع.
كما أضاف المشروع المادة 215 التي تساهم في حل مشكلة المبيت، حيث نصت على أن يشترط لاستحقاق المبيت ألا يقل عمر المحضون عن سنتين، وأن تتوافر شروط الحضانة في طالب المبيت، وهو نص سوف يساهم في معالجة هذه القضية التي تعد أحد أوجه الخلاف بين الرجل والمرأة بعد الانفصال.
انتبه من «عليَّ الطلاق» و«عليَّ الحرام»
اللافت أن المشروع أجاز الطلاق الذي يتمسك به بعض الأزواج بقوله (علي الطلاق أو علي الحرام) إذا قصد به الطلاق، ولكن إذا لم يقصد به فلا يقع الطلاق. وأشارت المذكرة الإيضاحية للمشروع إلى أن تقوية العزائم على الفعل أو الترك ومثلها تأكيد الأخبار إنما طريقتها في الإسلام هو الحلف بالله، واستخدام الطلاق لذلك هو انحراف عن غايته وما شرع له.
من مزايا المشروع
• إدخال الحمض النووي في حال اختلاط المواليد أو التنازع على مجهول النسب
• إثبات الضرر مرتبط بالشهادة وبقرائن بما يعكس جدية طلبات الطلاق
• للقاضي فسخ عقود الزواج حتى لا يُحتسب حكمه بالتطليق من طلقات الزوج
• اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة لإتمام مراسيم وإجراءات الزواج عن بُعد
لليتيمة ومن يخشى الزنا حق الزواج قبل بلوغ 18 عاماً!
نصت المادة 14 المعدلة على أن يمنع توثيق عقد الزواج أو المصادقة عليه لمن لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة شمسية وقت التوثيق، وللقاضي أن يأذن بزواج من لم يبلغ هذا العمر إذا كان في زواجه مصلحة له.
والملاحظ على التعديل في فقرته الثانية (ب) أن المشروع وإن حظر الزواج لمن هم أقل من سن ال18 عاماً بما يتوافق مع أحكام الدستور والشريعة الإسلامية ويراعي التزامات البلاد الدولية في الفقرة الأولى منه إلا أنه في المادة 14 استثنى بالفقرة (ب) هذا المنع فأجاز للقاضي أن يأذن بالزواج لمن هو أقل من سن ال18 عاما، كأن تكون المرأة الزوجة يتيمة ولا قريب لها وبحاجة إلى رجل تأوي إليه بضعفها أو فيه إحصان لرجل يحتاج إلى النساء وخيف عليه من الزنا أو كان يعاني مرضا يسهم الزواج في شفائه.
ولذلك فالفقرة الأخيرة أجازت الزواج لم هم أقل من 18 عاما حال اللجوء الى القضاء، وبعدها يثبت المتقدم للزواج أنه يحتاج إلى الزواج لأنه يخاف الوقوع في الزنا.
ومثل هذا المبرر الذي أوردته المادة والمذكرة الإيضاحية سوف يفرغ المادة 14 من محتواها لأنها ستسمح لأي من يرغب في الزواج أن يطلب الإذن من القاضي، ويشير في مبرراته إلى أنه سيخاف على نفسه من الزنا في هذا العمر، وهو ما يسمح القانون من تحقيقه رغم حظر الفقرة الأولى من المادة للزواج لمن هم أقل من 18 عاماً.
على الزوجة أن تخدم زوجها... وإلا!
أورد المشروع تعديلات مضافة في المواد 58 و59 و60 بعضها على الحقوق المشتركة بين الزوجين في المادة 58، وحقوق الزوج على زوجته في المادة 59، وحقوق الزوجة على زوجها في المادة 60، واللافت هو ما ورد في نص المادة 60 بأن الحقوق التي للزوج على زوجته، أي تلتزم بها الزوجة تجاه زوجها، هي:
أ- طاعته في غير معصية.
ب- حفظ نفسها وماله.
ج- خدمة زوجها في حدود العرف والعناية به.
د- الإشراف على بيت الزوجية وتنظيم شؤونه.
ه- عدم الخروج من مسكن الزوجية دون إذنه إلا لحاجة.
ورغم عدم حاجة الواقع العملي إلى أحكام تلك المواد التي لم تكن محلاً للخلاف فإن النص عليها سيثير خلافات أسرية واجتماعية، ومنها ما نص في المشروع على خدمة الزوج في حدود العرف والعناية به، وكذلك ما يخص عدم خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن لحاجة، فقد يثير ذلك لغطاً في معنى الخدمة للزوج، وما قد يثير امتهاناً لها، وكذلك ما يتعلق بعدم خروجها من المنزل إلا بإذن الزوج، وهو ما قد يكون مبرراً للتصادم بين الطرفين، في وقت جاء القانون لينظم العلاقات ويقلل أوجه الشقاق بين طرفي العلاقة الزوجية، فالنص على تلك الأحكام غير مفيد من الناحية الاجتماعية في مجتمع كالكويت اعتاد على مجموعة من الأعراف والتقاليد الأسرية، بنيت على احترام العلاقة الزوجية وما يتصل بها من قواعد أخلاقية مردها بالأساس قواعد ثابتة من الفقه الإسلامي المعتدل والمقبول مجتمعياً، ولذلك فالنص عليها على نحو صريح أمر قد لا يكون مبرراً وقد يفهم في غير محله، لاسيما أن الواقع لم يشتك من أن المرأة تكون خادمة لزوجها أو تخرج أو لا تخرج إلا بإذنه والعرف والمجتمع كفيل بتقديرها دون النص عليها صراحة طالما لم تخلق واقعاً ملحاً يتطلب وجودها.
يؤذن للولي تزويج ابنه المجنون!
في المادة 13 المضافة في المشروع نص على أن:
أ- للقاضي ان يأذن للولي بتزويج المجنون أو المعتوه ذكراً كان أو أنثى إذا كان في زواجه مصلحة له، وثبت بتقرير طبي معتمد ألا ضرر أو خطر منه عليه أو على نسله ورضي الطرف الآخر بحالته به.
ب- للولي على نفس المجنون أو المعتوه التقاضي عنه فيما تعلق بالزواج والفرقة وآثارهما، ويجب اختصام ولي ماله إن ترتبت آثار مالية.
ومثل تلك المادة منحت الولي على نفس المجنون أو المعتوه مركزاً قانونياً بالتقاضي عنه فيما يتعلق بالزواج والفرقة وآثارهما، وهو ما قد يجعل منه عملياً الخصم الحقيقي عن المجنون أو المعتوه.
زواج المحرم
من النصوص المضافة في قانون الأحوال الشخصية المقترح نص المادة 26 في المشروع، بأنه «يحرم زواج المحرم بحج أو عمرة قبل التحلل».
وعزت تلك المادة حرمة زواج المحرم إلى أحد الأحاديث النبوية، رغم إشارتها لوجود خلاف بين الفقهاء في صحة زواج المحرم.
ويثور التساؤل حول دواعي إصدار هذا النص في ظل استناده لخلاف فقهي في تعطيل حق الزواج لا سيما أننا أمام مسألة فقهية، فلمَ يتم النص عليها صراحة في القانون؟ ولا تترك للناس وحدهم تقرير أمرهم تجاه هذه المسألة الفقهية.