رياح وأوتاد: ثلاثة محاور تدور حولها التنمية

نشر في 23-11-2025
آخر تحديث 22-11-2025 | 19:51
 أحمد يعقوب باقر

ثلاثة محاور مهمة لتحقيق التنمية:

الأول: تشخيص الوضع القائم بأمانة حيث النفط المصدر شبه الوحيد للدخل والإنفاق العام على البلاد، وإيراداته هي الموظف شبه الوحيد للشباب، وبالكاد تكفي بند الرواتب في الميزانية، وهناك مئات الآلاف من الخريجين قادمون إلى سوق العمل، فإذا ارتفع سعر برميل النفط تمت تغطية الميزانية التي تتعادل بسعر 90 دولاراً للبرميل، وإذا انخفض يتحقق العجز كما هو حاصل منذ عشر سنوات، حيث تمت تغطيته من الاحتياطي العام والاقتراض، كما يقدر عجز التأمينات بحوالي 27 مليار دينار، وقد بلغ الدين العام حوالي 5.5 مليارات دينار، وفي مقابل هذا الوضع المحلي يلاحظ بدء تحول العالم إلى الوقود النظيف وزيادة الاستثمارات فيه (1.8 ترليون دولار مقابل 1.6 للاستثمارات في الوقود الأحفوري)، إضافة إلى السباق في توليد الطاقة من الهايدروجين والتحول إلى السيارات الكهربائية. وفي دراسة لوكالة الطاقة الدولية، سيبلغ الطلب على النفط ذروته في 2030 ثم يبدأ بالتراجع، وبذلك يكون الاستمرار في الأسلوب الحالي بالإدارة المالية هو الاختلال الأساس في الوضع الاقتصادي والمالي.

المحور الثاني: وهو التنمية والاستدامة التي تعود بمستقبل اقتصادي آمن وبالرفاه على المواطنين، وهذا يتطلب أولاً: إصلاح الاختلال الاقتصادي والمالي والقضاء على العجز والفساد، وتقليل الانفاق الجاري وزيادة الاستثماري وترشيد الانفاق، والحفاظ على الاحتياطي. وثانياً: التنويع الاقتصادي بتنويع مصادر الدخل والاستثمار واستغلال أراضي الدولة في جميع الأنشطة العامة والخاصة التجارية والصناعية والخدمية والمالية والموانئ وتسهيل إجراءاتها وتحديث البنية التحتية للمساهمة في توظيف الشباب وجلب إيرادات للدولة، وقانون حديث للزكاة بديلاً عن الضرائب. وثالثاً: الارتقاء برأس المال البشري بالصحة وبالتعليم الحديث، وتنسيق التعليم مع سوق العمل وإصلاح العمل بعوامل الإنتاج والحوكمة والمسؤولية الوطنية.

المحور الثالث: التنمية وحقوق الإنسان:

لم تعد حقوق الإنسان (التي تقرها الشريعة الإسلامية فقط) مجرد حقوق فردية أو أخلاقية بل ضرورة لإطلاق مكامن القوة والإبداع وشراكة مجتمعية دون إقصاء أو تهميش لأي فئة من المجتمع للمشاركة في العمل والإنتاج والتنمية وفق تكافؤ الفرص للجميع، والعدالة في المناصب والترقيات دون واسطة أو تقسيم الناس إلى طبقات بسبب الأصل أو العائلة أو القبيلة أو الطائفة، وهذا يتطلب إطلاق الحريات الصحيحة والمشاركة السياسية وفق الشريعة الإسلامية.

وهذا المحور مرتبط بالمحورين السابقين، فلا تعليم ولا صحة ولا إسكان دون موارد مالية مناسبة وإصلاح الاقتصاد، ولا يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي وتوفير وتطوير هذه الخدمات دون عقول متعلمة ومبدعة ومتساوية في الحقوق والواجبات، فالعلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية علاقة تكاملية، وقد عبر الدستور عن هذه العلاقة في مذكرته التفسيرية بأفضل ما يكون التعبير. 

back to top