استعادة احداث مريرة لسايكولوجية دكتاتور

نشر في 21-11-2025
آخر تحديث 20-11-2025 | 21:22
 د. محمد لطفـي

ما إن شرع النظام الأسدي الدكتاتوري (الذي شمل الأب والابن ورواح القدس) في الاستيلاء على السلطة في سورية حتى بدأ باستخدام الأهداف «النبيلة» للوصول إلى الغايات الشريرة (كمحاربة الاستعمار أو الاحتلال ثم الدعوة للوحدة القومية أو الدينية)، آخذاً بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، حيث يعطي المشروعية لاستخدام كل الأسلحة، كالحروب والاغتيالات والتفجيرات، للوصول إلى الأهداف التي تدعو لها زعامته الملهمة... ولم يتوان عن اللجوء للعنف وسفك الدماء والزج في المعتقلات عند أول بادرة خلاف مع الآخرين، كما يقوم بتصغير وتحقير أو حتى تغييب النظام القضائي، ثم عمل على تعيين وتوظيف أفراد السلطة التشريعية ممن هم من حزبه أو المؤتمرين بأمره من ضعاف النفوس ليحملوا رايته ويحلفون باسمه ويجعلون همهم في إرضائه وتشجيعه على ما تسول له نفسه من سوء النية والعمل... مكرسة كل ما عندها من النفاق المبتزل والتزاكي المكشوف لخدمته، تحت اسم شعارات براقة كالديموقراطية والشورى وتحويل مشكلاته الداخلية إلى الخارج للتغطية على أخطار وسرقات الداخل، إلى درجة قد تصل إلى إحداث حالات تصادم مع المجتمع الدولي، بدعوى أن العالم يتآمر عليه ليكسب عطف الناس والتفافهم حوله... فبالرغم من تواجد ضائقات في البلد يقوم بخلق حالات نقص شديد ومتكرر أو غلاء فاحش في السلع الاستهلاكية الأولية ليجعل المواطن مشغولاً طوال الوقت بالاصطفاف لساعات أمام الفتات الذي يوفره الطاغية لشعبه المبتلى، ومن وقت لآخر تقوم مخابراته وزبانيته بإظهار وإشاعة أعمال العنف الشديد أمام الملأ بقصد إخافة الناس وإرهابهم لتسليس وتسهيل عملية قيادتهم فتسمع بين حين وآخر بأخبار التخلص من مقرّب أو قريب أو صديق واغتيال شخصيات بارزة... وقد يصل الأمر إلى تدمير مدينة منشقة أو قرية ناشذة... المهم أن يبقى مسلسل الرعب قائماً... في نفس الوقت كنت ترى بطانته تسرح وتمرح برغد العيش وطلب كل ما هو محرّم على الشعب باسم التفوق القومي والنضالي، إذ تُمنح لهم الاستثناءات والامتيازات ليأتوا بسلع استفزازية أمام أعين الشعب المحروم، حيث المؤسسات مؤممة ووسائل الإنتاج مسيسة وموارد البلد ملك للدولة طبعاً من غير أن تدخل في ميزانية الدولة... وكل هذه التصرفات مبررة حفظاً لأمن الدولة... إذ لا تسمع يوماً عن وسيلة أو دائرة تعنى بأمن المواطن... الدوائر كلها مطوّعة لأمن الدولة...! 

وفي سورية الأسد قد تدخل مقهى فيه فيرفض النادل أن يعطيك السكر، وقد يطلب منك أن تشرب الشاي بدل القهوة التي طلبتها (نظراً لعدم توفرها في البلد) أو تشرب السم الهاري الذي يرتأيه أو تذهب إلى بيتك وتشرب قهوتك بالسكر أو بالقطران إذا شئت... هذا إذا لم يقلب عليك فنجان القهوة...! فمنذ عشرات السنين وهذا البلد يمكن أن يحدث لك فيه أي شيء مع نادل... فكيف إذا كان جميع الذين تُفرض عليك معاملتهم أندالاً؟ واعذروني على جمع التكسير هذا، لأن صمتي أسوأ من أن أكسره لأقول شيئاً لنادل.

back to top