رياح وأوتاد: وما نيل المطالب في فلسطين بالتمني

نشر في 20-11-2025
آخر تحديث 19-11-2025 | 19:28
 أحمد يعقوب باقر

قطعت المشاهد التي عرضتها إحدى القنوات التلفزيونية حديثنا في الديوانية يوم الأحد الماضي، إذ شد انتباهنا منظر أطفال غزة وهم يبحثون عن غطاء لرؤوسهم من المطر الذي ارتفع منسوبه إلى نصف الساق، وأمهاتهم يخضن في الماء، يحاولن نقل أغراضهن من خيمة إلى أخرى، وكذلك منظر مدرسة في خيمة يجلس فيها الأطفال على الأرض الترابية بلا طاولات ولا كتب، بينما تتواصل الغارات الصهيونية على خان يونس، ثم يظهر في الخبر مندوب «الأونروا» ليعلن أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي بوقف تدفق المساعدات، وبعدها ينتقل الخبر إلى الضفة الغربية (ذريعة حماس غير موجودة) ليذيع أن الجيش الإسرائيلي يقتحم مناطق في جنين وينتهك منازل ويعتقل فلسطينيين، وكذلك خبر قيام المستوطنين الصهاينة (غير الشرعيين) بإطلاق النار والهجوم على منازل الفلسطينيين (الشرعيين)، ويدمرون سياراتهم ويحرقون مزارعهم ويحرقون مسجداً ومصاحف في جنين، ثم يطل علينا مندوب الأمم المتحدة مرة أخرى قائلاً إن «الأمم المتحدة تبدي قلقها إزاء هجمات المستوطنين في الضفة»، وذكر أن «إسرائيل تتحمل مسؤولية حماية المدنيين والقبض على المعتدين»، وأضاف أن «الأمم المتحدة تحمّل إسرائيل مسؤولية حرق المسجد».

لا شك أن الحكومات العربية تشاهد مثلنا هذه الاعتداءات والمظالم المبكية ولكنها لا تقوم بالعمل الكافي والخطوات المؤدية إلى إيقافها، وتكتفي مثل مندوب الأمم المتحدة أعلاه بالشجب وإلقاء اللوم على إسرائيل والطلب والتمني على القوى الأخرى مما لا يمكن أن يحقق الهدف، فمثلاً أجمعت الجامعة العربية على اقتراح المملكة العربية السعودية بالاستعداد لمعاهدة مع إسرائيل إذا قبلت بالعودة إلى حدود عام 1967، وهو لا شك أدنى المطالب الشرعية التي تتوافق مع قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، ولكن هذا المطلب الذي رفضه الصهاينة يحتاج للقيام بخطوات فعالة لتحقيقه، مثل الضغط السياسي والإعلامي والضغط الاقتصادي والمالي، وإنشاء لوبي عربي في الغرب، وإعداد القوة والتهديد بدعم المقاومة وإلغاء أو تخفيض مستوى التطبيع في الدول التي طبعت، وإعلان المقاطعة الكلية أو الجزئية لبضائع الشركات الداعمة للصهاينة، ولا شك أن جميع الدول العربية والإسلامية يمكنها القيام بهذه الخطوات أو بعضها، أما السكوت والاكتفاء بالشجب والبيانات فهو خذلان وأيما خذلان، لأن رد الظلم الواقع على إخواننا العرب والمسلمين لا يتحقق من تلقاء نفسه دون بذل مثل هذه الجهود الممكنة وهي كثيرة ومتاحة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله»، وقال «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعذاب منه». فالأخذ على يد الصهيوني الظالم وعدم خذلان إخواننا في فلسطين واجب على كل مسلم وكل دولة إسلامية.

مناظر معاناة أهل فلسطين ذكرتني بكلام ابن عثيمين - رحمه الله - الذي قال: «فكيف يطيب لنا منام أو يهنأ لنا أكل وإخواننا تمزق أوصالهم تمزيقاً وتنتهك حرماتهم وتحتل ديارهم... أين الإسلام؟ للأسف يُفعل بإخواننا هذا الفعل ونحن ساكنون ونائمون على فرشنا».

back to top