أحمد مراد: «الست» لا يسعى لإعادة تمثيل سيرة كوكب الشرق
قال الروائي والكاتب السينمائي أحمد مراد إن علاقته بالصورة بدأت قبل ارتباطه بالكلمة، موضحاً أن نشأته داخل استديو تصوير كان يُديره والده أثَّرت في تكوينه الفني، وعرَّفته مبكراً على حساسية الضوء والإطار واللقطة، فيما جاءت الكتابة كامتداد طبيعي لرغبته في صياغة الحكايات التي تتجاوز حدود المشهد البصري.
وأضاف خلال الندوة التي عُقدت ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن مشروع فيلمه الجديد «الست» يمثِّل بالنسبة إليه مرحلة مختلفة تماماً في مسيرته، لأنه يتناول شخصية شديدة الأهمية في الذاكرة العربية، مثل أم كلثوم، ويقترب منها بأسلوب لا يقوم على التوثيق المباشر، بل على قراءة إنسانية تحاول كشف المرأة خلف الأسطورة، والروح خلف الصوت.
وقال مراد إن التحديات التي صاحبت كتابة الفيلم كانت كبيرة، لأن «الست» ليست مجرَّد شخصية تاريخية، بل هي رمز له حضور طاغٍ في الوجدان العام، وهو ما يفرض على الكاتب مسؤولية مضاعفة في التعامل مع إرثها من دون الوقوع في فخ التقديس أو التبسيط.
وأوضح أنه اعتمد في بناء السيناريو على المزج بين البحث التاريخي الدقيق، وبين مساحة فنية مفتوحة تسمح بتقديم قراءة درامية أعمق لحياة أم كلثوم، لا تسرد الأيام، بل تحاول فهم ما بين السطور.
ولفت إلى أن «الست» لا يسعى إلى إعادة تمثيل سيرة أم كلثوم أو استعادة محطات حياتها كما وردت في الوثائق، بل يركِّز على الأسئلة التي صنعتها امرأة بدأت من الريف، ثم أصبحت صوتاً عربياً جامعاً، مشيراً إلى أن الفيلم يتعامل مع أم كلثوم التي تواجه ذاتها، لا مع الأسطورة التي يقف الناس أمامها بانبهار، وأن هذا المنظور كان مفتاحاً مهماً في صياغة البناء الدرامي.
وأضاف أن استعادة عالم أم كلثوم لم تكن ممكنة من دون فهم السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي تحرَّكت فيه، غير أن الفيلم لا يقدمه بوصفه وثيقة، بل كعمل فني يبحث في معنى الصوت، ومعنى الشهرة، ومعنى أن يتحوَّل الإنسان إلى أيقونة، موضحاً أنه كان مهموماً بتقديم أم كلثوم امرأة من لحم ودم، لها دوافعها وهواجسها وخياراتها الصعبة.
وختم مراد أن «الست» ليس مجرَّد محاولة لإعادة تقديم سيدة الغناء العربي، بل تجربة تهدف إلى إعادة طرح الأسئلة التي ما زالت تعيش بين الناس حتى اليوم: كيف تتحوَّل الموهبة إلى قدر؟ وكيف يصنع الإنسان أسطورته؟ معرباً عن أمله في أن يقدِّم الفيلم رؤية جديدة لصوتٍ ظل حاضراً في الحياة العربية لعقود طويلة.