رياح وأوتاد: الاستعمار والمعكرونة
يُعرض هذه الأيام على إحدى القنوات الثقافية برنامج مسلسل رائع عن الآثار التي سرقها الاستعمار من مختلف بلاد العالم، ففي إيطاليا وحدها يوجد 13 مسلة مصرية مسروقة تزين ميادين روما، وأشهرها ميدان الكنيسة الكبيرة، وفي باريس مسلة مصرية تزين ميدان الكونكورد، وفي لندن مسلة مصرية تزين ميدان ترافالجير، وأيضاً في واشنطن وفي نيويورك في الحديقة الرئيسية...
وليست المسلات فقط هي التي سُرِقت من مصر المحروسة، فهناك آلاف المومياوات في متاحف العالم، ولكن أهم المسروقات هو «حجر رشيد» الذي اكتشفه ضابط فرنسي في أثناء بناء أحد المباني، وعندما طُرِد الإنكليز الفرنج من مصر أخذوه إلى بريطانيا، وقد شاهدت بنفسي الآلاف من زائري المتحف البريطاني يتزاحمون حوله ويتأملون اللغات الثلاث المكتوبة عليه، والتي تمت بواسطتها ترجمة اللغة الهيروغليفية.
وفي مكان ليس ببعيد عنه يشاهد الزائر أسدي بابل اللذين كانا المدخل العظيم لحضارة البابليين في العراق، إلى جانب الرسومات العجيبة للآشوريين، وفي جانب آخر يوجد تمثال من التماثيل الغامضة التي جُلبت من جزيرة الفصح، ولا أحد يعلم حتى الآن من صنع هذه التماثيل؟ ولماذا وضعت في هذه الجزيرة النائية وسط المحيط الهادئ؟!
ومن أشهر سرقات الاستعمار سرقة الماسة الكبيرة من الهند التي تزين التاج البريطاني، وماسات أخرى من إندونسيا وماليزيا إلى المتاحف الهولندية.
وبالإضافة إلى هذه السرقات، مارس الاستعمال أسوأ أنواع القتل للمواطنين، ففي عام 1920 أباد الجيش الفرنسي بقيادة جورو في معركة ميسلون الجيش السوري بقيادة يوسف العظمة، ثم ذهب إلى قبر صلاح الدين وركله، وقال: «ها قد عدنا يا صلاح الدين»، ثم بدأوا بتقريب العلويين وتنصيبهم في الجيش حتى سلموهم حكم سورية. وكذلك تم قتل المتظاهرين المسالمين في الهند ومصر وليبيا والجزائر، ومن ينسى شهداء دنشواي وبحر البقر، حتى انه في فرنسا يوجد متحف لجماجم السكان الذين قتلتهم فرنسا التي قامت أيضاً بتغيير اللغات المحلية إلى الفرنسية في كل البلاد التي استعمرتها، ووصل الأمر إلى قتل الملايين بنشر الأوبئة في أميركا الجنوبية والمخدرات في الصين وغيرهما.
أما أعظم جرائم الاستعمار على الإطلاق فهي جريمة جلب اليهود إلى فلسطين، حيث كانوا لا يزيدون على 3 في المئة من عدد السكان، ولكن تم جلبهم من كل مكان في العالم، وتسليحهم وإعطاؤهم الوعد الشهير بتحويل أرض فلسطين المقدسة إلى وطن لليهود، ومازال أهل فلسطين الأصليون وكل المسلمين يعانون من هذه الجريمة، ومن وقتها مازال الصهاينة يقتلون المسلمين إلى اليوم...
فكيف يعقل أن يقول أي إنسان إن الاستعمار خدم الدول وأفادها؟!
صديقي الليبي الصيدلي ساسي أحمد ساسي كان يردد في أثناء دراستنا بالخارج عن الاستعمار الإيطالي: «قتلونا ولم يتركوا لنا إلا سبعة مصانع معكرونة»!!