ترامب 2028... هاجس البقاء في السُّلطة

نشر في 16-11-2025
آخر تحديث 15-11-2025 | 20:21
 يعقوب عادل البشير

منذ دخوله المشهد السياسي الأميركي عام 2016، لم يتوقف الرئيس دونالد ترامب عن كسر القواعد التقليدية في الخطاب والممارسة السياسية. 

واليوم، وهو في ولايته الثانية (2025–2029)، يعود الجدل في واشنطن حول احتمال ترشحه لولاية ثالثة عام 2028، رغم أن الدستور الأميركي يمنع ذلك صراحة. 

فكرة «ترامب 2028» لم تعد مجرَّد نكتة سياسية أو جدل إعلامي، بل تحوَّلت إلى ظاهرة تعبِّر عن عُمق التحوُّل في الثقافة السياسية الأميركية، وعن استمرار تأثير الرئيس ترامب في رسم ملامح المشهد السياسي داخل الحزب الجمهوري وخارجه. 

يمنع التعديل الثاني والعشرون من الدستور الأميركي، الصادر عام 1951، أي رئيس من تولِّي المنصب لأكثر من فترتين. ويُعد تعديل هذا النص أمراً بالغ الصعوبة، لكونه يحتاج إلى موافقة ثُلثي الكونغرس، ثم تصديق ثلاثة أرباع الولايات. لذلك، فإن أي حديثٍ عن تعديل دستوري يبقى شبه مستحيل، في ظل الانقسام السياسي الحالي. ومع ذلك، لا يخلو المشهد الأميركي من أصوات ترى أن استمرار ترامب في الواجهة السياسية بات أمراً حتمياً، سواء داخل البيت الأبيض، أو من خلال نفوذه الواسع في الحزب والجمهور.

في هذا السياق، طرحت منظمة ترامب التجارية قبعات وقمصاناً تحمل شعار «Trump 2028»، في خطوة أثارت اهتمام المراقبين، بوصفها تتجاوز التسويق التجاري إلى دلالات سياسية واضحة. 

فقد ظهر نجل الرئيس، إريك ترامب، مُرتدياً القبعة، وأكد مقربون من العائلة أن الرئيس يأخذ هذه الفكرة بجدية، ولو على سبيل المزاح السياسي. 

وتعبِّر هذه الرمزية عن رغبة في إبقاء فكرة الاستمرارية حاضرة في وعي الجمهور، فيما يشبه إعادة إنتاج لظاهرة الزعامة الشعبية التي ارتبطت باسم ترامب منذ 2016. كما أثار كبار المستشارين السابقين للرئيس نقاشاً إضافياً حول هذه الفكرة، إذ تحدَّث ستيف بانون عن «خطة ممكنة» تُتيح للرئيس خوض تجربة جديدة مستقبلاً. فيما أشار محللون إلى أن هذه التصريحات تُفهم في إطار التفاعل السياسي والإعلامي لا أكثر. 

أما الرئيس ترامب نفسه، فقد تناول الموضوع في أكثر من مناسبة بروح الدعابة، مؤكداً احترامه للدستور، لكنه أشار إلى أن تكرار النقاش حول الفكرة يعكس اهتمام الجمهور بإرثه السياسي، وباستمرار نهجه في الإدارة. 

وفي الوقت الذي تُطرح هذه النقاشات داخل الولايات المتحدة، يرى باحثون أن الأمر يعبِّر عن حيوية النظام السياسي الأميركي، وعن متانة مؤسساته التي تسمح بتداول واسع للأفكار من دون أن يمسّ ذلك جوهر الدستور أو مبدأ الفصل بين السُّلطات. فالولايات المتحدة، بتاريخها الديموقراطي الطويل، تظل قادرة على احتواء النقاشات الكبرى ضمن الأطر الدستورية والقانونية. 

إن الحديث عن «ترامب 2028» لا يعني بالضرورة ترشحاً فعلياً، بقدر ما يعكس استمرار تأثير الرئيس في الحياة العامة. فالرجل الذي أعاد صياغة مفهوم «أميركا أولاً» خلال ولايته الأولى، يُواصل اليوم ترسيخ حضوره في السياسة الأميركية والعالمية، بوصفه أحد أبرز الشخصيات التي تركت بصمتها في السياسة الحديثة. 

وبين الرمزية السياسية والاحتمالات الدستورية، تبقى فكرة «ترامب 2028» انعكاساً لمرحلة جديدة في الفكر السياسي الأميركي، تؤكد أن الجدل حول الرئيس ترامب هو في جوهره جزء من ديناميكية الديموقراطية الأميركية نفسها. 

*أكاديمي في قسم العلوم السياسية– جامعة الكويت

back to top