تقسيم السودان بمعية الجزار أبولولو
الصراع المسلح الذي تشهده جمهورية السودان منذ أكثر من عامين أدى إلى قتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين من منازلهم، وتسبب في تعطيل الدراسة بمعظم الأقاليم، وإلى خروج معظم المراكز الصحية والمستشفيات عن الخدمة، ناهيك عن انتشار الفقر والمجاعة في بلد كنّا نطلق عليه في يوم من الأيام سلة الغذاء العربي.
منذ إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير والسودان يعيش حالة من الفوضى السياسية، بعد أن اختطف الجيش ثورة الشعب، ليبدأ معه فصلاً آخر من الصراع المسلح بعد انفصال قوات الدعم السريع عن سلطة الجيش وسيطرتهم على إقليم دارفور الذي تبلغ مساحته خمس مساحة السودان.
عند النظر للخارطة الاجتماعية السودانية ومقارنتها ببقية الدول الإفريقية نجدها تختلف نوعاً ما عن غيرها، حيث يشكل العرب حوالي 70% من السكان تقريباً، والمجموعات الإفريقية يشكلون حوالي 30% موزعين على معظم مناطق السودان، جميعهم يتكلمون اللغة العربية، سواء كانوا من أصول عربية أو إفريقية، مسلمين أو نصارى.
هذه الخصوصية أو الميزة تظهر جلية أيضاً بالانتماء المذهبي، حيث يمثل المسلمون 97% من السكان جميعهم من السنة، وإن كان الغالبية من الصوفية باختلاف طرقها، وهي الدارجة عند السودانيين، لكن هذا لا يمنع من تواجد السلفية والإخوان المسلمين كمكونات سياسية.
بوجود هذا التداخل العرقي والترابط الديني الكبير بين مكونات الشعب السوداني يمكن الاستنتاج بأن فكرة التسليم بأن الصّراع الدائر يمكن وصفه بالحرب الأهلية غير واردة، في حين الواقع يشير إلى أن ما يحدث في السودان لا يخرج عن حرب المصالح، وإن صبغت بطابع سياسي إقصائي يقوم على التمييز الاجتماعي والعرقي.
تساؤلات: لماذا انتظر المجتمع الدولي كل هذه المدة للنظر في مقترح الهدنة، الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأميركية لوضع حد للنزاع الدامي في السودان؟ ولماذا وافقت قوات الدعم السريع على المقترح بهذه السرعة، في حين تمنع الجيش عن قبولها؟ وهل هي مقدمة لفرض واقع جديد ينتهي بتقسيم السودان للمرة الثانية؟ وما الغاية من مجازر الفاشر؟ ولماذا وكيف برز اسم الدعي عبدالله إدريس بهذا التوقيت؟
قد أملك بعض التحليلات السياسية على تلك الأسئلة التي طرحتها إلا أنني على يقين بأن الدم السوداني أصبح رخيصاً عند أصحاب المصالح، وأن جزار الفاشر المدعو عبدالله إدريس، والمشهور بلقب «أبو لولو»، القائد الميداني لميليشيا قوات الدعم السريع، ما هو إلا دمية قد نفذ ما طلب منه بارتكاب أبشع الجرائم في حق المدنيين وأفراد الجيش، من أجل إقناع العالم والشعب السوداني بأن هذه الحرب حرب أهلية للتمهيد لفكرة الانقسام؟
ودمتم سالمين