أكاديمية الفنون... من التعليم إلى صناعة الإبداع
تعد أكاديمية الفنون مؤسسة بالغة الأهمية، شأنها شأن جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، في دورها الحيوي بتطوير المجتمع وتكوينه والنهوض به. ولا يُخفى أن الكويت كانت من أوائل دول الخليج التي أسست المسرح والمعهد العالي للفنون المسرحية، الذي بدأت نواته في منطقة الشامية، وكان يمنح دبلوماً آنذاك، ثم انتقل لاحقاً إلى منطقة السالمية، وأصبح يمنح درجة البكالوريوس كبرنامج جامعي متكامل. واليوم، ومع انتقال المعهد إلى مرحلة جديدة تحت مسمى أكاديمية الفنون، تجد المؤسسة نفسها أمام مجموعة من التحديات الكبرى، يأتي في مقدمتها السعي للانضمام إلى التصنيفات العالمية (QS) التي تصدر سنويا عن الشركة لتقييم الجامعات والمعاهد حول العالم.
وتستند هذه التصنيفات إلى مجموعة من المؤشرات الرئيسة، مثل السمعة الأكاديمية، ونسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس، وعدد الاستشهادات البحثية، والسمعة لدى جهات التوظيف، وتمثل هذه التصنيفات مرجعا دوليا موثوقا لكل من المؤسسات التعليمية والطلبة، إذ تساعدهم في تحديد المكانة التنافسية للأكاديمية على المستوى العالمي. أما التحدي الآخر فهو تطوير الجانب التطبيقي والميداني لطلبة الأكاديمية.
وهنا يُطرح تساؤل مهم: لماذا لا تتبنى الأكاديمية نموذجا مشابها لكلية التربية في جامعة الكويت، بحيث يقضي طلبة الأكاديمية في سنتهم الأخيرة تدريبا ميدانيا منتظما في المسارح الأهلية الأربعة التابعة للدولة؟ يمكن تنظيم هذا التدريب بواقع ثلاثة أيام أسبوعيا، أسوة بطلبة كلية التربية الذين لا يتخرجون إلا بعد اجتيازهم للتدريب الميداني في المدارس، إلى جانب مشروع التخرج. وعليه، يُلزم طالب الأكاديمية - في أي من تخصصاته - بالالتحاق بفرقة مسرحية معتمدة، يشارك فيها عمليا ويحصل في نهاية المدة على شهادة توثّق عمله الميداني كشرط أساسي للتخرج.
بهذه الخطوة نحقق هدفين في آن واحد: أولاً: تعزيز التكامل بين الجانب النظري والتطبيقي لدى الطالب، ثانياً: تنشيط الحركة المسرحية الأهلية على مدار العام، عبر ضخ طاقات شبابية جديدة واكتشاف مواهب تساهم في تطوير الفرق المسرحية وتنميتها. الخاتمة إن تحويل المعهد إلى أكاديمية للفنون ليس مجرد تغيير في الاسم، بل خطوة استراتيجية لبناء جيل فني مؤهل أكاديمياً وميدانياً، يربط بين المعرفة والتطبيق، ويجعل من الكويت مركزاً رائداً في التعليم الفني والثقافي على مستوى الخليج والعالم العربي.