الدواء إن زاد عن حده صار داء

نشر في 14-11-2025
آخر تحديث 13-11-2025 | 18:30
 غادة خلف «الدواء إن زاد عن حده صار داء»، حِكمة بسيطة تختصر واقع الإصلاح في الكويت اليوم، إذ إن علاج البيروقراطية المترسخة يحتاج إلى إصلاحٍ ذكي ومُتدرِّج يُحافظ على الدولة ومؤسساتها من دون أن يهدمها، فيتحوَّل الإصلاح من علاج شافٍ إلى جُرعة قاتلة. 
لقد عبَّرت القيادة العُليا بوضوح عن إرادة طموحة لجعل الكويت بيئة أكثر جاذبية للأعمال، ومكاناً متقدماً اقتصادياً وثقافياً. كما أكدت التوجُّه نحو اقتصادٍ أكثر انفتاحاً يقوم على تمكين القطاع الخاص، وتشجيع المبادرة والابتكار، وتحسين جودة الخدمات العامة. 
غير أن الأطر التشريعية والتنظيمية ما زالت متأخرة عن هذه الرؤية، فالإجراءات المعقدة، وتعدُّد الجهات، وطول زمن اتخاذ القرار، تُبطئ من وتيرة الإصلاح، وتُضعف تنافسية الكويت في المنطقة. 
نُرحب بالخطوات الجادَّة في مكافحة الفساد وتعزيز المُساءلة، ومع ذلك تتطلَّب هذه الجهود تعزيز الثقة بالقيادات والكفاءات، لتمكينهم من اتخاذ القرارات بحِكمة. فالإصلاح الحقيقي لا يتحقق بالعُزلة وعدم إشراك أصحاب الاختصاص، وبإبطاء القرار، بل من خلال تحسين جودته وتسريعه. 
المرحلة المقبلة تتطلَّب نقلة نوعية في طريقة عمل مؤسسات الدولة؛ دورة مستندية أسرع، وبيئة تنظيمية أكثر وضوحاً واستقراراً، ومشاركة أوسع للقطاع الخاص، خصوصاً في ظل فجوة كبيرة في رأس المال اللازم، لتلبية احتياجات الكويت المستقبلية في قطاعات حيوية لبناء الاقتصاد الوطني، وتقديم الخدمات. 
كما ينبغي دعم «لجنة التحسين الدائمة»، وتوسيع نطاق عملها، لتشمل جميع القطاعات، وعلى رأسها التعليم، باعتباره المحرِّك الأساسي لأي نهضة. 
الطلب واضح: إصلاح إداري وتشريعي جريء يُبسِّط الإجراءات، ويُشرك أصحاب الاختصاص، ويُسرِّع القرار، ويحوِّل الكويت إلى بيئةٍ استثمارية عصرية قادرة على استقطاب رؤوس الأموال وتوليد الفرص. فهناك مجتمع استثماري محلي ودولي ينتظر إشارات طمأنة وبيئة تنظيمية مستقرة. 
إننا اليوم أمام لحظة فارقة، فالإصلاح لم يعد خياراً مؤجلاً، بل ضرورة وطنية عاجلة لتحريك عجلة الاقتصاد واستعادة زخم النمو.
back to top