النموذج الاقتصادي
النموذج الاقتصادي، هو إطار نظري يستخدمه الاقتصاديون لفهم كيفية عمل الاقتصاد، بحيث يصف العلاقات بين المتغيِّرات الاقتصادية، مثل: الإنتاج، والاستهلاك، والعرض، والطلب، والأسعار، والتوظيف، والدخل. ويستخدم كأداة تحليلية لفهم سلوك الأفراد أو الأسواق أو الاقتصاد ككل، من خلال تمثيل العلاقات الاقتصادية في شكل معادلات رياضية أو نماذج بيانية أو وصفية. فهي أداة تطبيقية يستخدمها الاقتصاديون داخل أي من دراسات الجدوى، وتحت ظل أي من النظريات والمدارس الاقتصادية التالية: 1- النموذج الكلاسيكي، والذي يفترض أن الأسواق دائماً تصل إلى التوازن، وأن العرض يخلق الطلب. 2- النموذج الكينزي، والذي يركِّز على دور الطلب الكلي، ويرى أن الحكومة يجب أن تتدخل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. 3- النموذج الرأسمالي، يعتمد على السوق الحُرة، حيث تحدد قوى العرض والطلب النشاط الاقتصادي. 4- النموذج الاشتراكي، تملك فيه الدولة وسائل الإنتاج، والتخطيط المركزي يحدد الإنتاج والتوزيع. 5- النموذج المختلط، يجمع بين آليات السوق وتدخل الدولة.
فالمدرسة الاقتصادية تؤثر على منطق الدراسة، وتحدد نوع دراسة الجدوى المطلوبة، سواء كانت مالية فقط، أم اجتماعية واقتصادية. أما العلاقة بين النماذج الاقتصادية ودراسات الجدوى، فهي علاقة أدوات وأطر تحليل.
فدراسة الجدوى عبارة عن تحليل يتم إجراؤه لتحديد ما إذا كان المشروع له عوائد مجدية وتكاليف متوقعة ومخاطر منخفضة. أما النماذج الاقتصادية، فتستخدم كأداة داخل دراسات الجدوى لقياس وتقدير العرض والطلب، والتكلفة والعائد، والتدفق النقدي المتوقع في أي من نماذج عمل المنشآت الحكومية والأهلية، والتي تصنف ضمن نماذج العمل التالية:
1- المنشأة الحكومية: تهدف عادةً لتقديم خدمة عامة مجتمعية، والتركيز على الكفاءة الاقتصادية، والاحتياج المجتمعي، والأثر الاجتماعي أكثر من الربحية المالية. 2- المنشأة الأهلية (غير الربحية): تهدف إلى خدمة المجتمع، مع التركيز على تحقيق الاستدامة، وأهداف التنمية. أما عناصرها، فترتكز على ما تقدمه من برامج تنموية وتوعوية لفئات مستهدفة من شرائح المجتمع المدني. 3- المنشأة الأهلية الخاصة (الربحية): تهدف إلى تحقيق الربحية، من خلال تقديم منتجات أو خدمات ذات جودة تلبي حاجة مجتمعية مع تحقيق دخل مالي مستدام لتمويل أنشطة المؤسسة.
هناك ست خطوات لبناء نماذج اقتصادية وصفية أو معيارية، أو تحليلية، أو حتى نماذج محاكاة، تبدأ من: 1- تحديد المشكلة أو الظاهرة. 2- وضع افتراضات واقعية ومبسَّطة. 3- تحديد المتغيِّرات التابعة والمستقلة. 4- صياغة العلاقات، من خلال المعادلات والرسوم. 5- اختيار النموذج باستخدام بيانات. 6- تحليل وتفسير النتائج. إذاً، هناك حاجة لبناء نموذج اقتصادي نستند إليه عند اعتمادنا للخطط التنموية، ومراجعتنا لجدوى المشاريع الكبرى، وعند قيامنا بدراسات تُحاكي المدرسة الاقتصادية التي تتبناها الدولة، حتى نوازن بين الربحية والقِيم الوطنية والخدمة المجتمعية، ونبدأ بالتجسير بين كل المشاريع والمبادرات والمؤسسات والمنشآت، حتى تتناغم فيما بينها، تمهيداً لمرحلة الشراكة بين مختلف قطاعات الدولة، ووصولاً إلى الاستخدام الأمثل للموارد عند اتخاذ القرارات ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي المستدام على جميع الشرائح والفئات.
إن بلوغ أقصى درجات النمو والازدهار يتطلب رؤية لها خطط استراتيجية وتشغيلية مبنية على هوية اقتصادية وطنية، ومؤشرات نجاح واضحة ومترابطة، ومدد وتكاليف محددة، قابلة للقياس على أُسس علمية ورقمية ومنطقية، معتمدةً على بيانات موثوقة وأرقام دقيقة مستمدة من مخرجات ومعادلات النموذج الاقتصادي.